إبراهيم الهادي
انتشر في أول يوم دراسي لهذا العام مقطع مسرب لإحدى المدارس يظهر مشهدًا غير أخلاقي على الإطلاق، عبر اعتداء طالب على زميل له داخل أروقة المدرسة.
ولكن قبل الاسترسال في تناول ما حواه المقطع يتبادر إلى الذهن سؤال وهو: من الذي نشر هذا المقطع وفي هذا التوقيت بالذات مع بداية العام الدراسي الجديد؟ ما هي الرسالة المقصودة من وراء مقطع يحوي مشهدًا لا أخلاقيا يسيء لنا جميعًا ويصيب النفس بالكدر والغثيان، والأدهى من ذلك سريانه بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن هناك يدا خفية تحاول إبراز الجانب المظلم، ولا تنظر لعواقب الأمور حتى إن فرضنا جدلا أن تلك الواقعة صحيحة.. كان الأولى بمن حضر الواقعة عدم تصويرها وإبلاغ إدارة المدرسة والجهات المسؤولة في مكان الحدث عملا بمقولة: "أميتوا الباطل بعدم ذكره وأحيوا الحق بذكره" والستر، وعدم المجاهرة بسوء المنظر، وحصار الواقعة لتعالج في إطارها التربوي.
لا نعلم فربما يكون المقطع جديدًا أو قديما؛ لكن إن صح، فهو يدق جرس الإنذار بأنّ أروقة المدارس لا بد أن تتعزز بضوابط أمنية أكثر صرامة، لضمان حماية كل من يتواجد داخل المدرسة. فالمقطع حوّل الفرحة بأول يوم دراسي إلى صدمة وغضب في أوساط عدة من المجتمع، لفداحة ما تضمنه المقطع من انتهاك لبراءة هذا الطفل الضحية؛ حيث يظهر مشهد المقطع المتداول تجرد أحد الطلاب من الإنسانية والأخلاق والرحمة؛ إذ يقوم بالتحرش بطالب (طفل) أصغر منه حجما وعمرا، مجبرا ذلك الصغير على الصراخ وطلب النجدة، فيما يعتصره ألم مؤكد أنّه الأكثر إيلامًا له في حياته التي لم تتشكل بعد.
ليس هذا فحسب بل إنّ هذا الموقف المقزز والمؤلم تمّ تصويره من قبل أحد زملاء هذا الطالب، وشاهد الفعل الأثيم طلاب آخرون، ما قد يوحي بأنّ مثل هذه الأمور طبيعية ومعتادة ولا تحرك شعور التدخل والإنقاذ من قرنائهم الطلاب، فرغم صراخ ذلك الطفل إلا أنّه- ووفقا للمقطع المتداول- لم يحصل على النجدة أو تدخل أي مشرف أو معلم لرفع الظلم ومعاقبة المخطئ، أو على الأقل أن يصل صوته لآذان إدارة المدرسة، ما جعله يدافع عن نفسه وحده رغم ضعف جسمه وصغر سنه.
لا شك أنّ مثل هذا المشهد وغيره لا يرضي المسؤولين بوزارة التربية والتعليم، ونتوقع ألا تلتزم الوزارة الصمت، خاصة بعدما انتشر المقطع كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وسواء حدثت هذه الواقعة في مدرسة حكومية أو غير حكومية، فعلى الوزارة أن تتابع المسألة انطلاقا من مسؤولياتها.
فعلى الأقل كان على الوزارة إصدار بيان يوضح أنّ المقطع قديم أو حديث، مع التنديد به، وإبراز حرص الوزارة على أبناء الوطن بمعايير أمنية واضحة وإجراءات مشددة تواكب متطلبات حماية الطلبة لاسيما فئة المراهقين منهم، كالإسراع باتخاذ قرار بوضع كاميرات مراقبة داخل الأبنية التعليمية بكل تفاصيلها وعلى الممرات والزوايا والدرج، مع تفعيل دور الكشافة والمرشدات وتعزيز مهامهم، بتكليفهم بمراقبة الصفوف أثناء الفسحة بجانب المشرفين، وكذلك دورات المياه والحافلات المدرسية بشكل يومي، بهدف زيادة الضبط الأمني على الطلبة، إضافة إلى وضع قوانين جديدة تعطى فيها صلاحيات وحماية لطلبة الكشافة أو الطالبات المرشدات الذين يتم تعيينهم كمراقبين مع إعطائهم بعض الحوافز التشجيعية حتى يقوموا بعملهم على أكمل وجه، ويمكن أيضا تكريم أي طالب يبلغ عن جرم مشهود يقع على أي شخص، لتعزيز حفظ حقوق الطلبة.
ونتمنى أن تخصص كل مدرسة فترة من الوقت في طابور الصباح لتوعية الطلبة بالأخلاق والقيم والمبادئ.
وفي هذا الصدد نوجه نداءنا بصفة عاجلة إلى الوزارة الموقرة بأن تضع موضوع أمن الطلبة في أعلى اهتماماتها حماية للطلبة والطالبات؛ مع إصدار بيان يوضح الإجراءات وينبه ويتوعد كل من تسوّل له نفسه بانتهاك الأخلاق والأعراف لنطمئن على الأقل أنّ الوزارة تتعامل بالشفافية المطلوبة والحرص العالي على أبناء الوطن وسواعده الواعدة.
ibrahim@alroya.net