رسائل تربوية (1)

 

 

عيسى بن علي الرواحي

 

مع إشراقة شمس يوم الأحد الخامس والعشرين من ذي القعدة 1437هـ  الموافق له الثامن والعشرون من أغسطس 2016م تستقبل أكثر من ألف وسبعين مدرسة في شتى بقاع السلطنة أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إيذانًا ببدء عام دراسي جديد يحمل في طياته الخير والفلاح بإذن الله تعالى، وينهلون فيه شتى ضروب العلم والمعرفة من أكثر من خمسة وخمسين ألف مُدرس ومُدرسة، وإنها لنعمةٌ عظيمة تستوجب شكر الله تعالى في تهيئة أسباب طلب العلم وانتشار صروح المعرفة في شتى بقاع هذا الوطن العزيز، فما أكثر الشعوب المحرومة من نعمة التَّعليم! وما أكثر الأوطان التي تعيش ويلات الحروب والدمار؛ فهدمت مدارسها، وشردت عناصرها!

وبهذه المناسبة السعيدة مناسبة العام الدراسي (2016-2017م) نرى أنّه من واجب كل فرد يعيش على ثرى هذا الوطن العزيز صغيراً أم كبيرًا رجلاً أم امرأة رئيساً أم مرؤوساً أن يجدد شكره وعرفانه ووفاءه وتقديره إلى شموع العلم ومصابيح الظلام أساتذتنا الأجلاء وأستاذاتنا الفضليات على جهدهم الكبير وعطائهم المُتدفق في تعليم أبنائنا، سائلين الله تعالى أن يُسدد على طريق الخير خطاهم، ويوفقهم في أداء رسالتهم النبيلة وأمانتهم العظمية، آملين منهم بذل مزيدٍ من التضحية والعمل في سبيل التربية والتعليم لأبنائهم الطلاب.

والحديث عن التربية والتعليم حديث ذو شجون؛ فالقضايا المدرسية كثيرة، والأحاديث التربوية عديدة، والآمال المعقودة على مخرجات التعليم لا حصر لها، وكل ما يتعلق بأمور التربية والتعليم لا يقتصر على الأسرة التربوية فحسب بل يعني جميع فئات المجتمع، ولا ريب أننا  إذا أردنا لأبنائنا تربية صالحة وعلمًا نافعًا يتسلحون به في شتى ميادين الحياة، وينفعهم في أمور دنياهم وأخراهم فعلى كل فرد في المجتمع أن يعيَ مسؤولياته، وأن يقوم بواجباته المنوطة إليه في هذا الشأن خير قيام، فعلى الأسرة واجبات ومسؤوليات تجاه أبنائها يجب أن تقوم بها على أكمل وجه، وإن هي أخلت بها فإنَّ النتيجة ستكون غير محمودة على واقع الأبناء، وكذلك الحال فإنَّ على المدرسة ومؤسسات التعليم المختلفة واجبات ومسؤوليات يجب تأديتها بأمانة وإخلاص؛ حتى تكون مخرجات التعليم قادرة على بناء المستقبل.

 

 

واستعداداً للعام الدراسي الجديد (2016-2017م) الذي تعيش الأسر استعداداته، وانطلاقاً من قول الله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الذاريات : 55] فإننا نؤكد على مجموعة من الرسائل التربوية المهمة التي ينبغي أن تقوم بها الأسرة الركن القويم في عملية التربية والتعليم تجاه أبنائها، وهي على النحو الآتي:_

 

* تحبيب الأبناء إلى المدرسة وطلب العلم والمعرفة، وأن العودة إلى المدارس مناسبة سعيدة ينبغي الاحتفاء بها، والابتعاد عن اللغة السائدة في المجتمع وهي تخويف الأبناء من العودة إلى المدرسة، فمن المؤسف حقاً ما ينتشر في أوساط الأسر، وتتناقله وسائل التواصل الاجتماعي من تصوير بدء العام الدراسي بأنّه كابوس يحل على الأبناء فيجلب معه الشؤم والتعاسة والأحزان، ويحرمهم من السعادة والراحة والسرور التي كانوا يعيشونها فترة الإجازة الصيفية.

إنّ مثل هذه الرسائل تنعكس سلباً على الأبناء؛ خاصة الصغار منهم، ولذا فإنَّ ما نأمله من الأسرة أن تحتفل مع أبنائها بهذه المناسبة فهي مناسبة فرح لا ترح، وأن تغرس فيهم الرسائل الإيجابية التي تجذبهم نحو حب العلم والرغبة في طلبه، ولعلنا نتفق بأنَّ أكبر أزمات التعليم لدينا في وقتنا الحالي هي عدم رغبة الأبناء في طلب العلم.

 

* متابعة الأبناء بشكل مستمر داخل المدرسة، والتواصل مع الأسرة المدرسية من إداريين ومعلمين للوقوف على مستوى الابن انضباطاً سلوكاً وانتظاماً دراسياً وتحصيلاً معرفيًا، وعلى ولي الأمر أن ينظر إلى هذا الأمر بأنّه من أولوياته في تربية الأبناء، وألا يقتصر على زيارة المدرسة وقت استدعائه فقط، وقد تحدثنا مرارًا في مقالات سابقة عن الفوائد الجمَّة التي تتحقق بتواصل الأسرة مع المدرسة، والآثار السلبية الناتجة من قطيعة الأسرة مع المدرسة.

 

إننا نأمل أن يكون لولي الأمر خطة مرسومة في متابعة أبنائه داخل المدرسة طيلة العام الدراسي، وحسب وجهة نظري فإنَّه ينبغي أن يقوم ولي الأمر بزيارة المدرسة أربع مرات طيلة العام الدراسي بمعدل زيارتين كل فصل على أقل تقدير، هذا في حال كان الوضع طبيعياً للابن، ولا ريب أن الأبناء الذين لديهم ضعف في المستوى الدراسي أو التخوف عليهم من انحرافات سلوكية؛ فإنَّ متابعتهم يجب أن تكون أكثر.

ونوقن أنَّ من أولياء الأمور من يجد صعوبة بالغة في زيارة أبنائه بالمدرسة والتعرف على مستوياتهم، وفي مثل هذه الحالات فإنَّه ينبغي الاستفادة من وسائل التواصل الأخرى مع المدرسة.

* وإذا كنَّا نطالب ولي الأمر بمتابعة ابنه داخل المدرسة والسؤال عنه سلوكًا وعلمًا؛ فإنَّ متابعته داخل البيت لا تقل أهمية وهي ليست بحاجة إلى استعداد مسبق وإيجاد وقت مناسب أو فرصة سانحة لذلك كالمتابعة داخل المدرسة.

ومن خلال هذه المتابعة يشعر الابن بقرب أبيه منه بشكل أكبر، واهتمامه به وحرصه على دراسته وطلبه للعلم، كما يتعرف على سير دراسته ووضعه الدراسي خاصة من خلال متابعة كراسات مواده الدراسية، ومناقشته وطرح الأسئلة عليه فيما يتلقاه من دروس.

ومتابعة الابن في المنزل ينبغي أن تأتي من أكثر من فرد داخل الأسرة، وأن تكون بشكل مُستمر، بحيث لا تقصر هذه المتابعة على الأيام الأولى من بدء الدراسة أو فترة الاختبارات فقط.

ويجب ألا تقصر هذه المتابعة على المستوى الدراسي فحسب فهناك عدة أمور بحاجة ماسة إلى متابعتها من قِبل ولي الأمر والوقوف عليها عن قرب... وسوف نتحدث عنها في مقالنا القادم بإذن الله تعالى.

 

issa808@moe.om