حشرها قريب

 

خالد الخوالدي

قضايا اجتماعية معقدة ويصعب معالجتها، وأصبحت تنتشر انتشارا بشكل كبير كل يوم، ولا أرى في الأفق القريب علاجا يمكن أن يعالجها، وتؤثر هذه القضايا على كل المستويات الحياتية التي نعيشها وأدت إلى عواقب أليمة جدا قد لا يحسها البعض منا ولكن تأثيرها يتعدى كل الحدود المتوقعة وتقع عواقبها على الدولة والفرد والمجتمع بكل أركانه، ومن هذه القضايا التي أتمنى أن أتناولها على التوالي في مقالاتي القادمة، غلاء المهور والزواج وما يصاحبه من إسراف وتبذير، والرشاوى وما تسببه من هلاك للبشر والحجر، وغلاء الأسعار وتحمل الفقير لهذه المغالاة وغيرها وسيكون العنوان الثابث (حشرها قريب).

نعم سيكون حشرها قريب لأننا إذا صمتنا جميعا ولم يكن هناك تحرك من الدولة ومن المجتمع فالأمر سيستفحل وتزيد معه معاناة المجتمع بصورة لا يتخيلها عاقل، وسيعاقبنا الله سبحانه عقابا شديدا، فقبل سنوات كان الواحد يتزوج منا بأسهل السبل، ويكمل نصف دينه دون تعقيدات ودون ديون تثقل كاهله ولا يكلف الزواج في أكثر الأحوال عشرة آلاف ريال عماني مع كل التجهيزات والترتيبات، أمّا اليوم فتغير الحال وارتفعت التكاليف وكل من أراد الزواج يفكر ألف ألف ألف مرة كيف سيستطيع أن يوفر المهر الذي يتعدى (7) آلاف ريال عماني في أقل المهور، وعليه أن يكرم معازيمه فهو الكريم ابن الكريم ومتزوج الكريمة بنت الكريم وستكلفه العزيمة في أحسن الأحوال (3) آلاف ريال عماني، وعليه أن لا يقصر مع العروس الجميلة فهي تستحق أفضل من بنت عمها وبنت خالتها وعليه أن يحجز لها في القاعة الفلانية أو الفندق الفلاني الذي لا تقل تكلفة القاعة به عن (4) آلاف ريال عماني مع البوفيه المتنوع، وسيدفع ثمن الشبكة من الذهب ما لا يقل عن ألف ريال عماني مع ما يتبعها من مصاريف أخرى، وعليه أو عليها أن تدفع لصالون التجميل الفلاني صاحب الشهرة العالمية المبلغ الفلاني الذي لم يسبقها إليه أحد من الإنس ولا الجن، وعليه أن يحجز لأول ليلة في فندق خمس نجوم فغرفتهم الصغيرة لا تليق بزواجهم، وعلى نساء الأسرة أن يحجزن أغلي الفساتين، وكل هذا لمدة ثلاث ساعات فقط أو أقل، وبعد هذا كله لابد من شهر العسل في إحدى دول أوربا وسيكلف في حدود (3) آلاف ريال.

وبعد مرور سنة على الزواج تشتكي المرأة من بخل الرجل، ومن أنه كئيب ولا يبتسم كثيرا ولا يحكي كثيرا، ولا يسفرها ولا يصرف على البيت إلا بالتقتير ولا يرفه على طفلهم الوحيد وسيّارته دائما متعطلة ويتسوق من المحلات الصغيرة ولا يشتري لهم من الماركات وغيرها من الشكاوى التي لا تنتهي، فتتحول حياتهم من سعادة إلى حزن وتعاسة، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه حيث تنتهي هذه العلاقة بالمشاكل والتخاصم بين الأسر والعوائل وتهتز أركان المجتمعات خاصة إذا كانوا من الأرحام وتنتهي هذه العلاقة التي بدأت وتأسست بشكل خاطئ وباطل إلى طلاق وتشريد للأطفال.

وتتحمل تبعات هذه التصرفات والأخطاء فيما بعد الدولة بتوفير ملاذ آمن لتلك المرأة المطلقة المسكينة المغلوب على أمرها، ولذلك الطفل الذي سيتربى محروما من إحدى الوالدين أو كلاهما وعلى الدولة مسؤولية أن تحميه من الحاجة ومد يده، وتتحمل الأسرة تبعات هذه التصرفات التي كانت مبررة على أنّها لحظة العمر لتكون حسرات طول العمر، ويتحمل المجتمع تبعات هذا التصرفات الرعناء من خلال خروج أبناء منحرفين لعدم وجود الوالدين وعدم وجود التربية السليمة.

علينا جميعا أن نقف يدا واحدة للمساعدة في وقف مثل هذه المصاريف التي ترهق كاهل الشباب حتى لا نرى كثرة العوانس في المجتمع وكثرة المطلقات والمشردين من الأطفال، وعلى الدولة أن تسن قوانين وتشريعات صارمة ومطبقة على أرض الواقع تحمي الشباب من هذه التبعات التي ترهق كاهلهم وترمي بهم في غياهب الحياة المريرة، وأتمنى أن أتحدث في المقال القادم إن شاء الله عمّا يحدث في هذه الاحتفالات من عادات دخيلة على مجتمعاتنا وتنفر منها العقول السليمة، ودمتم ودامت عمان بخير..

 

 

Khalid1330@hotmail.com