"متلازمة داون" لم تضع فرحتها بتجربة الأمومة

اختبرها الله في مولودها الأول.. صبرت وصار حمود "بالدنيا وما فيها"

 

 

رصدت التجربة - عزة الحسيني

 

مثل باقي بنات جنسها، كانت "ل. و" تحلم بأن ترتدي الفستان الأبيض يومًا ما، وأن تحظى بشرف الأمومة، نعمة الله على بنات حواء. وتحقق جزءًا من حلمها واستقبلت خبر حملها بعرفان وفرح غامر، وكانت تعد الأيام والشهور الصعبة، التي مرَّت بالوهن الذي تشعر به الحوامل إلا أنّ حركة الجنين كانت قليلة ولم تعِ الأم الجديدة أنّ هذا الأمر لا يجب تجاهله. كل الفحوصات كانت تشير إلى سلامة الجنين وانشغلت هي باختيار اسم مُميز لطفلها الجديد، وتتخيل أصابعه اللدنة، ابتسامته، خطواته الأولى، وحتى شكل حقيبته المدرسية في المستقبل وخطه السيئ في أول حرف يكتبه بالكراس المدرسي.

 

وجاءت لحظة اللقاء الأول بعد أن ألمّ بالأم تعب شديد، وجاء الطفل المُنتظر، وكان يبكي قليلاً وطاقم الولادة الطبي مشدوهين. تربت المضمدة على كتفها "ربي الرزاق" لم تنتبه المرأة لمقصدها كانت ترى طفلها للمرة الأولى في يد الطبيبة وهي تفحصه بدقة وهمست للممرضة بأن تلبسه وتأخذه فورًا للحاضنة. واتجهت للأب، ابتسمت في وجهه وأبلغته أنّ زوجته بخير إلا أنّ الطفل بحاجة إلى فحوصات للتأكد من شيء ما. استغرب الأب وتساءل عن التفاصيل. لم تكن الطبيبة لتخفي عنه شبهة إصابة طفله الأول بمتلازمة داون إلا أنّها أوصته بكتمان الأمر عن زوجته حتى حين، وامتثل بدوره بحسرة شديدة لأمر الطبيبة.

ودخل غرفة الزوجة وهي نائمة من شدة التعب، أخذه خياله إلى من سيكون صديق ابنه وكيف سيمشي برفقته إلى الجامع دون أن يُشير إليه العامة بأنّه "معاق.. مسكين" كيف سينادي أمه "ماما" بطريقة صحيحة، كيف سيأكل وينام ويلعب ككل الأطفال، كانت معرفة الأب بهذه الفئة معدومة، استيقظت الأم وكان سؤالها الأول: "وين حمود"، قال لها: "في الحاضنة لا تقلقي". وكان اشتياقها للرضيع واضحاً عليها بينما القلق مُسيطر على الأب. قالت له "صارحني، هل بالطفل شيء" لم يستطع الأب إخفاء الأمر فقال :"ابننا منغولي" صعقت الأم وتمالكت نفسها بعد برهة فقالت "أُريد أن أرضعه" إلا أنها لا تعلم أنّها محرومة من هذا الحق، وأن الأنابيب ستتولى المُهمة.

 

خضع الطفل للعناية الطبية لمدة 21 يومًا بعدها جاءت اللحظة المُنتظرة التي تجمع الأم بولدها، حضنته طويلاً وبدأت مرحلة إنكار وضع الطفل ولازمها مزاج عصبي وصراخ في وجه كل المُحيطين بها وتبع مرحلة الإنكار الاقتناع والرضا وحاولت أن تقرأ كل ما يتعلّق بهذه الفئة. وخصوصا الحمية الغذائية التي يجب أن يتبعها حمود.

 

واجهت الأم صعوبات كبيرة في محاولتها دمج الطفل في المجتمع كسائر الأطفال بعيدًا عن نظرات الشفقة في الأماكن العامة والأسواق وكأن مجيء "حمود" لم يكن إلا ابتلاءً يجب أن تحتسب من ورائه الأجر. لذلك استطاعت بفضل الله تخطي الأمر تدريجيًا، وتحرص على مشاركة صور طفلها عبر "فيس بوك" وتشارك قصصه ومواقف شقاوته على مواقع التواصل الاجتماعي.. ولا تفوت فرصة المشاركة في كل المناشط والدورات التي تتعلق بهذه الفئة، وفي 21 مارس من كل عام تجهز كعكة للاحتفال بميلاد كل مشاعر الأمومة والمحبة، وهو عيد ميلاد حمود، أطال الله عمره.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك