يُمثل الافتتاح التجريبي للمتحف الوطني بنهاية الشهر الجاري أمام عموم الزوار، حدثًا مميزًا يبعث على الفخر والاعتزاز؛ إذ يضم هذا الكيان الفريد بين جنباته أكثر من 12 ألف قطعة أثرية متنوعة، فضلاً عن الدور الثقافي والتنويري الذي سيُسهم به في توعية مختلف الأجيال من أبناء عُمان الأوفياء وزوارها من شتى أنحاء العالم.

ويأتي هذا المتحف ترجمة للرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- في إعلاء قيم الثقافة وإبراز التاريخ العُماني التليد للجميع، فضلاً عن كونه مؤسسة تعتني بحفظ التراث المادي من مُقتنيات ولقى وآثار، في ظل الاكتشافات المتواصلة لمختلف الحقب التاريخية التي أثرت الحضارة العمانية على مر العصور.

ومن شأن المتحف أن يُسهم في تعريف الأجيال الناشئة بتاريخ عُمان مباشرة، والاستمتاع برؤية مقتنيات أجدادهم ومن عاشوا على هذه الأرض الطيبة. وتحتل القطع البحرية في المتحف مكانة بارزة، لاسيما وأنَّ السلطنة تتميز بتاريخ بحري مُمتد عبر العصور، حيث كانت السلطنة ملتقى تجارياً للقادمين من الغرب والشرق، ونقطة التقاء جغرافية فريدة أسهمت في صنع أحداث تاريخية.

كما أنّ المتحف الوطني بما يحتويه من آثار وشواهد تاريخية، سيُسهم بدور بالغ الأهمية في الحفاظ على تراثنا، من مقتنيات وقطع أثرية فريدة، نباهي بها العالم أجمع، وتشهد على عراقة الشعب العماني وأصوله الضاربة في عمق التاريخ.

ولعل من أبرز ما يُميز المتحف أنّه يضم لأوَّل مرة في السلطنة مركزًا للتعلم المتحفي، وأول مرافق للحفظ والصون الوقائي والتي جرى تصميمها وفق أعلى المعايير، والتي وضعها المجلس الدولي للمتاحف، وهو ما يعكس التزام السلطنة بالضوابط الدولية المتبعة في هذا المضمار، وحرص السلطنة على إيلاء مثل هذه القطع العناية التامة التي تضمن استمرارية صونها. ولم يغفل هذا المتحف مراعاة الجوانب الإنسانية، إذ يشتمل المتحف على بنية تحتية تكاملية للفئات الخاصة، إذ يجد أصحاب العصا البيضاء رموز لغة برايل بالعربية لمساعدتهم على قراءة تفسيرات القطع المتحفية.

إنَّ الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطنة وإسهاماتها في تعزيز العمل الثقافي والتنويري، شاهدة للعيان، وتؤكد دومًا أن عمان أحد أهم منابع الفكر المستنير قديماً وحديثاً، ومنارة معرفية رائدة، بما تضمه من مؤسسات متحفية تحفظ للعالم جزءًا أساسيًا من الرحلة الإنسانية عبر التاريخ.