طالبوا بتكثيف برامج التوعية بمخاطر التطبيقات الإلكترونية للهواتف النقالة

مختصون وشباب: لعبة "بوكيمون جو" ظاهرة إلكترونية تنتهك خصوصية المجتمع وتقلل الإنتاجية

< الغافري: التطبيق يطلب من المستخدِم تصوير المواقع المحيطة به بالمخالفة للقانون

< البلوشي: الكثير من الهيئات الإسلامية أصدرت فتاوى بتحريم اللعبة لإفسادها عقيدة المسلم

< الحضرمية: إدمان اللعبة يُضيِّع وقت الشباب على حساب المسؤوليات الاجتماعية والمهنية

< الموسوي: تضييع الوقت أمام الألعاب الإلكترونية يؤثر على مستوى إدراك وتركيز الأطفال

< أميرة: من إيجابيات اللعبة تشجيع الشباب على اكتشاف أماكن جديدة وتحسين اللياقة البدنية

قال عددٌ من المختصين والمواطنين إنَّ لعبة "بوكيمون جو" (Pokémon Go) أثَّرتْ بشكل كبير في سلوكيات وتعامل الأفراد مع المحيطين بهم، خصوصا في ظلِّ جذبها لقاعدة واسعة من المستخدمين خلال الأيام الماضية، على الرغم من عدم توافرها في المتجر الخاص بتطبيقات الهاتف المحمول بالسلطنة. وأشاروا إلى أنَّ هناك تبعات اجتماعية واقتصادية ودينية وصحية جرَّاء استخدام هذا التطبيق يتوجَّب معرفتها لحصر سلبياتها، والتصدي لها، واستغلال إيجابياتها في صالح المستخدمين.

الرُّؤية - عزة الحسينيَّة - شذى الخروصيَّة

واستعرضَ الدكتور حسين الغافري المستشار القانوني بهيئة تقنية المعلومات، الجانب القانوني للعبة.. قائلا: إنَّ بعضَ الألعاب الإلكترونية تقوم على استخدام تقنية الواقع المعزز التي تعتمد على إضافة معطيات افتراضية على الواقع الحقيقي، الذي يظهر على الجهاز الذكي للمستخدم، ويستطيع المستخدم فقط رؤيتها عن طريق جهازه الذكي. وبذلك يصبح الواقع المعزز مزيجا بين المشهد الحقيقي الذي ينظر إليه المستخدم، وما تم إضافته من عناصر افتراضية لكي تظهر الصورة الحقيقية مُعزَّزة بمعلومات إضافية. ومن هذه الألعاب لعبة "بوكيمون جو" التي انتشرت وبشكل كبير خلال الأيام الماضية، وتكمُن خطورة هذه اللعبة في أنها تعتمد على تقنية تحديد الموقع الجغرافي "جي.بي.إس"، فضلا عن كاميرا الهاتف المحمول، وهذا في حدِّ ذاته يُسهم -وبشكل كبير- في خرق خصوصية المستخدم.

وأضاف الغافري بأنَّ من مخاطر التعاطي مع هذه اللعبة أنها تتطلَّب من المتعامل معها تصوير المواقع المحيطة به؛ حيث ترتبط الأجهزة المستخدمة بها بتطبيقات مباشرة عبر أجهزة الهواتف الذكية تنقل صور المواقع إلى جهات خارجية، وهذه الصور قد تكون صور عائلية أو شخصية خاصة، والذي يُعدُّ مُخالفة صريحة وواضحة لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والأخطر من ذلك لو كانت هذه الأماكن أماكن ومنشآت يحظر القانون تصويرها أو الاقتراب منها، علما بأنَّ رغبة المستخدمين -لاسيما الشباب منهم وصغار السنة- في الحصول على هذه اللعبة دفعهم إلى البحث عنها على شبكة الانترنت؛ مما جعلهم عُرضَة للمجرمين الذين يقومون بنشر برامج خبيثة تتقمَّص أسماء ألعاب وتطبيقات حقيقية قبل نشرها في متاجر التطبيقات الرسمية، بمقدورها إلحاق الضرر بنظام التشغيل في الأجهزة الذكية، أو التجسس على أصحابها.

حلال أم حرام؟

وتناول رمزي البلوشي إمام جامع الهمبار بصحار، هذه اللعبة من منظور ديني، وأشار إلى أنَّ الدين الإسلامي لم يمنع الإنسان من الترفيه عن نفسه والترويح، بل أتاح له ذلك؛ فقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال عندما لعب أولاد الحبشة في المسجد "لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة"، إلا أنَّ ديننا الإسلامي قيَّد هذا الترفيه بأن لا يكون فيه ما يضر بالمسلم؛ سواء كان ذلك الضرر مُتعلقاً ببدنه أو سلوكياته أو معتقداته، وسلسلة "البوكيمون" منذ انتشارها في نهاية التسعينيات وهي تروِّج للكثير من العقائد والثقافات المنحرفة سواء كان ذلك بالتلميح أو التصريح كإلزام اللاعب الدخول لبعض المعابد والإتيان بقربان "للبوكيمون" الذي يعبد فيه ليستحوذ عليه وينال مساعدته أو كنشر بعض الرموز الخاصة بالماسونية...وغيرها، وقد نشرت بعض الجهات الرسمية في العالم الإسلامي من بداية ظهور اللعبة الحكم بتحريمها لما فيها من إفساد لعقائد وسلوكيات الشباب المسلم.

مخاطر اجتماعيَّة

وتطرَّقتْ هند الحضرمية -باحثة اجتماعية- إلى خطورة اللعبة من الناحية الاجتماعية.. قائلة: من خلال فهمي لآلية اللعبة بَدَت لي اللعبة خطيرة من الناحية الاجتماعية إذا لم يكن هناك ضبط صحيح من قبل اللاعب لسلوكه وتنظيمه لوقته أثناء اللعب. فقد تتسبَّب اللعبة بمشكلات للاعب هو في غنى عنها والآخرين كذلك في نفس الوقت؛ فعندما يصل بالشخص حد الهوس بالبحث عن "البوكيمون" وعندما يصبح همه الأول والأخير هو إيجاده قد يقوده بحثه إلى انتهاك خصوصية الآخرين، كما أنَّ آلية اللعبة قد تدفع الشخص إلى تضييع الوقت على حساب مسؤوليته الاجتماعية كأب او كابن أو كطالب، وقد تفتعل مشكلات أسرية في البيوت. ويجب أن ينتبه الآباء جيدا لتوعية اطفالهم؛ فلا يجب أن يندفع الشخص إلى أيِّ مكان فقط لأن إحداثيات اللعبة تشير إليه بوجود "بوكيمون" فيه، خاصة الأماكن المغلقة التي يمكن أن تعرضه للخطر؛ لذا يجب أن يكون الدور التربوي للوالدين حاضرا لتجنيب أطفالهم مشكلات قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. والسؤال الذي يجب أن يطرحه الآباء على أطفالهم أو يطرحه الشاب على نفسه: هل هناك أي فائدة تعود على اللاعب من وراء هذه اللعبة؟ بخلاف الألعاب الالكترونية الأخرى التي يمكن أن تكسب الطفل بعض القدرات أو تعزز لديه بعض المهارات لا أتوقع وجود فائدة واضحة من هذه اللعبة سوى التسلية، وإن كان البعض يرى أنها ستشجع الناس على المشي والخروج من منازلهم، ولكن كيف لهذا يمكن أن يكون ذا فائدة إذا كان الفرد أثناء خروجه لا هم له سوى اصطياد "البوكيمون".

وأضافتْ الحضرمية بأن لعبة "Pokémon Go" أثَّرتْ بشكل واضح على عدد كبير من دول العالم؛ فبالرغم من أنَّ اللعبة لم تدخل بشكل رسمي إلا في بعض الدول، إلا أنَّها خلال أقل من عشرة أيام استطاعت الوصول لكثير من دول العالم. هذا الأمر يضع تساؤلات عديدة أولها ما السبب في انتشار اللعبة بهذه السرعة؟ ربما لا أمتلك إجابة واضحة عن هذا التساؤل، ولكنني على يقين بأنَّ هناك سرًّا ما وراء هذا الإعجاب الشديد باللعبة. وفي اعتقادي أنَّ أحدَ هذه الأسباب هو تاريخ هذه اللعبة نفسها، حيث يعود أصل اللعبة للعام 1998 تقريباً عندما ظهر المسلسل الكرتوني "بوكيمون" لأول مرة، وأصبح المسلسل الكرتوني الأول عند الكثير من الأطفال، وأنا كنت أحدهم آنذاك. لم يتوقف المسلسل عند هذا الحد، بل ظهرت بعدها أول لعبة لبوكيمون على الناينتدو "جيم بوي" واشتهرتْ تلك اللعبة أيضاً. بعدها انقطعت أخبار هذه اللعبة على الرغم من وجودها إلا أنها لم تستطع مواكبة التطور التقني الذي شهده قطاع ألعاب الفيديو خلال السنوات الأخيرة. ولكن ها هي ناينتندو تعود قبل أيام لتطلق اللعبة من جديد وبصورة حديثة وفكرة أعجبت الكثير من المهتمين بألعاب الفيديو. وأعتقد أنَّ عودة اللعبة من جديد بعد انقطاع طويل أثر على محبي "البوكيمون" وكان له دور مهم جدًّا في انتشار اللعبة بهذا الشكل الواسع.

صحتنا مع "البوكيمون"

وينقل الدكتور منتظر الموسوي طبيب بالمستشفى السلطاني واقع تجربته مع لعبة "بوكيمون جو"، وناقش تأثيرها على الأطفال قائلا: إنَّ اللعبة تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي؛ وبالتالي فعلى الشخص أن يبحث عن "البوكيمونات" من حوله؛ لذلك عليه الخروج والمشي بحثاً عنها. وبلا شك فللعبة مخاطر كبيرة إذا ما استُخدمت بطريقة خاطئة. وشاهدنا كيف تسببت اللعبة في حوادث مرورية في بعض الدول نتيجة الاستخدام أثناء القيادة. كما أنه يجب الانتباه على الأطفال أثناء اللعب خشية أن يبتعدوا إلى أماكن خطيرة بحثاً عن "البوكيمونات". كما أنه من الأفضل تحديد وقت اللعب للأطفال فهي ككثير من ألعاب الفيديو الأخرى إذا تعدّى استخدامها الحد المعقول فقد تؤثر على مستوى الإدراك والتركيز لدى الطفل.

وأضاف الموسوي بأنَّ الكثير من المتخصصين يتحدثون عن إمكانية اختراق البيانات الشخصية في الجهاز الذي يحتوي على اللعبة، وأنا لست مختصاً في هذا المجال، ولكن على ما يبدو أن الأمر معقول؛ كون اللعبة تسمح بالوصول للكاميرا والصور. لكن تحدث الكثير عن أمور مشابهة مع ألعاب وبرامج أخرى أيضاً وهذه ليست اللعبة الوحيدة التي تصل للملفات الشخصية. أغلب البرامج والألعاب في الأجهزة الذكية تتطلب الوصول إلى بيانات محددة في الجهاز كالصور، الكاميرا...وغيرها. وبإمكان أي شخص أن يدخل الآن إلى القسم الخاص بالبرامج المسموح لها الوصول للبيانات في إعدادات الهاتف، وسيكتشف أن هذه اللعبة هي واحدة من برامج وألعاب عديدة تصل لبيانات حامل الجهاز. فلو كنا نريد حماية ملفاتنا الشخصية فأعتقد أننا سنضطر للعودة لزمن "النوكيا".

تجارب واقعية

وقالتْ أميرة سالم -إخصائية صحية- إنَّه وبالرغم من سلبيات اللعبة، إلا أنها تحمل بُعدا إيجابيًّا في مجال اللياقة البدنية، فالشخص يخرج من المنزل ويكتشف أماكن جديدة لم يزرها من قبل، وهذه أكبر إيجابية في هذه اللعبة التي تعطي جيل الشباب المعتاد على الجلوس فترات طويلة أمام أجهزة الهاتف هدفاً جديداً للتحرك باستخدام الجوال كوسيلة للعب والبحث والترحال؛ فهي تحض على المشي والتدريب لكسب النقاط، وتشجع على زيارة الأماكن.

وقال حسين أحمد إنه مهووس بمثل هذه الألعاب، وحاول تحميلها من المتجر مرارا وتكرارا ولكنه فشل في ذلك. وأضاف: سمعت الكثير عن التحذيرات الأمنية عن لعبة "بوكيمون جو" خصوصا فيما يتعلق بالاختراق وانتهاك خصوصية المستخدمين أو مراقبتهم والتجسس عليهم والكشف عن الكثير من المعلومات الشخصية؛ حيث يتم تجميع معلومات عن اللاعب ومتى يلعب بوكيمون ومدة اللعب وفي أي مكان يتم اللعب، علاوة على معرفة مقدار المسافة، التي يقطعها للوصول إلى كرات بوك. ومن الطبيعي فإنَّ استخدام لعبة "بوكيمون" لعدة أيام يكفي لمعرفة معلومات حول مكان عمل المستخدم وإقامته، بل حتى الأماكن التي يتسوق منها احتياجاته. ولكن تعتبر اللعبة في بداياتها وأنا واثق من أن هذه السلبيات سيتم علاجها ومنع ظهورها مع الوقت.

وقال حمد سلوم: إنَّ اللعبة توفر أجواء من الإثارة والمتعة للمستخدم وتعطي لمحة عن مستقبل الألعاب الجوالة التي تمزج بين الواقع الافتراضي والرقمي. وأضاف: حمَّلتها، ولكني حذفتها لأنها تؤدي إلى فراغ شحنة البطارية بسرعة، إضافة إلى أنها تحتاج الكثير من الوقت والجهد والفراغ من قبل الشخص للمشي لمسافات طويلة.

وقالت هاجر البوسعيدية: قمت بتحميل اللعبة لأن الحديث عنها انتشر في برامج التواصل الاجتماعي بشكل كثيف، ومن باب الفضول والمغامرة قمت بتجربتها، فهي لعبة مسلية لأنها تتكون من عدة مراحل وفي كل مرحلة ينتقل المستخدم للمستوى الأعلى لصيد "البوكيمونات"، وفي كل مرحلة تحتاج إلى مستوى أعلى من التركيز. ولكن لا أنصح بتجربتها لأنها تجعل الشخص مدمنًا للاستمرار فيها من التجربة الأولى.

تعليق عبر الفيس بوك