دعا الشباب إلى اغتنام الفرصة وخوض تجارب جديدة
روادنا - خاص
تنتشرُ في مُختلف مُحافظات السلطنة العديد من المشاريع الصناعية التي تحكي قصصًا مثابرة ونجاحًا لشباب عُمانيين أثبتوا أنَّ العُماني قادر على العمل والإنتاج في أصعب الظروف.
ويُوجد العديد من الشباب الذين خاضوا غِمَار إنشاء بعض الورش الصناعية مثل ورش تصليح السيارات، وواجهوا صعوبات وتغلبوا عليها واستمروا في عملهم بكل ثقة وتطلعات مستقبلية كبيرة لتطوير مشروعاتهم. طارق البلوشي صاحب ورشة تصليح السيارات أحد هؤلاء الشباب ويحكي قصة نجاحه بقوله: إنَّ القطاع الصناعي من القطاعات التي تمتاز بالفرص الاستثمارية العديدة؛ حيث يُمكن للشباب إقامة مشاريع ناجحة تحقِّق لهم دخلاً ماديًّا مناسبًا، وتُسهم في تطور المجتمعات المحلية ودعم الاقتصاد الوطني.
وكان للبلوشي رؤية واضحة في مشروعه؛ وهي: "أن نجمع بين رغبات زبائننا وبين خدماتنا لنبني جسراً من التواصل لخدمة مجتمعنا، لسدلحاجات العميل من جميع النواحي حتى نرتقي معكم وبكم". ويتحدَّث البلوشي عن رسالة مشروعه قائلا: "ليس كل أداء سريع للخدمة هو متقن، وليس كل إتقان في الخدمة هو الجودة، شعارنا الإخلاص في أداء الواجب".
وتطرَّق البلوشي إلى فكرة إنشاء ورشة تصليح السيارات، وقال: "إنَّ الورشة كانت قائمة من عشرات السنين؛ حيث كان والدي يقوم بإدارتها منذ افتتاحها في سنة 1975 في روي، وفي سنة 1980 انتقلنا إلى ورشة أكبر في صناعية الوادي الكبير، وكانت البداية مع أدوات ومعدات خفيفة في ذلك الوقت، ومرَّت الورشة بتطوير كبير من حيث المعدات المستخدمة والتوسعة في المكان؛ وذلك لمواكبة عجلة التطوير الذي يشهده العالم في مجال تصليح المركبات". ويتابع: "المشروع تحت إدارة عُمانية كاملة حيث أقوم بإدارة للمشروع والقوى العاملة التي تعمل معي، فقد بدأت العمل كمندوب مبيعات لمدة عشر سنوات، واكتسبت الخبرة في مجال التسويق، وساعدتني هذه الوظيفة في بناء علاقات جيدة مع العاملين في مجال السيارات عن طريق كيفية كسب العملاء أو الصفقات، وأيضاً التحقت بدورات في المحاسبة والإدارة ودورة المستثمر سنة 2011 التي نظمتها وزارة التجارة والصناعة، وذلك لكي أتمكن من إدارة مشروعي بنفسي".
ويُضيف البلوشي أنَّ الخطة التسويقية لأي شركة هي نافذة النجاح في تحقيق أهداف هذه الشركة لتحملها إلى غاياتها؛ حيث عملتْ على إصدار كتيب إرشادي يحتوي على جميع الأعمال التي يتم إنجازها في الورشة من صيانة وصبغ وسمكرة السيارات وإصلاحها.
وعن التسويق للمشروع، يُوضِّح: اعتمدتُ على نفسي في موضوع التسويق والبحث عن فرص تسويقية؛ حيث أقوم بالتسويق في محافظة مسقط كزيارة الجهات الحكومية بغرض الحصول على عقود لتصليح السيارات، والتعاقد مع شركات التأمين لتصليح السيارات. والشركة حاليا تعمل على التفكير باستراتيجيات جديدة، وإدخال التجديد والتنويع، وإيجاد أفضل الوسائل للقيام بأنشطتها من حيث استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي لها الدور الكبير في الترويج لمشروعات الشباب القائمة. وأيضاً لتوفير بيئة عمل مناسبة أطمح في التوسع والحصول على موقع أكبر للورشة، وذلك لاستيعاب أكبر عدد من السيارات. ونسعى في الورشة لزيادة عدد السيارات التي نقوم بتصليحها، حيث لدينا عدد محدود من السيارات التي يتم تصليحها في السنة الواحدة وفي هذا العام نتمنى أن نصل لتحقيق 900 مركبة بينما كان في السنوات الماضية 700 مركبة، ونسعى جاهدين لتخطي هذا الرقم في السنوات المقبلة.
وحول الصعوبات التي واجهتْ مشروعه، قال: "واجهت بعض الصعوبات خاصة في فترة بدء المشروع مثل الحصول على أرض جديدة للمشروع وتوفير العمالة المطلوبة، ولكن عملت على اعتبار تلكالصعوبات بمثابة التحديات التي تجعلني أصر على العمل ولا أعتبرها معوقات أو من الأمور التي تقف في طريق مشروعي، خاصة وأننا أسرة تعمل بتصليح السيارات منذ فترة ليست بالقصيرة، وإذا ما نظرنا في كل مجالات العمل نجد الصعوبات حاضرة ولكن يختلف التعامل معها من فرد لآخر وبالنسبة لي اعتبرتها تحديات عملت في المشروع على مواجهتها بطرق إيجابية منها تقاسم العمل والمهمات وعدم الاستعجال في النتائج ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة كما يقال، إلى جانب توقع تلك المشكلات والتحسب لها والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها وتكرار العمل فترة بعد أخرى ونشكر الله تعالى على ما تحقق، وبإذن الله مستمرون في عملنا لتقديم خدمة أفضل".
ومن بَيْن المعوقات التي يعتبرها البلوشي تحديا في هذا المجال، المنافسة من قبل الوافدين؛ حيث يعمل بهذا القطاع نسبة كبيرة من العمالة الوافدة، علاوة على نقص الكادر الوظيفي المؤهل، وصعوبة توظيف العُماني لعدم رغبته في العمل بالورشة أو لقلة الراتب الذي يحصل عليه، لكنه أكد أنه يسعى جاهداً لتوظيف بعض الشباب العُمانيين وتدريبهم في هذا المجال؛ حيث قامت الشركة بتدريب 25 مواطنا في أقسام الورشة المختلفة. وأشار البلوشي إلى الدعم المقدم من قبل الحكومة، وقال: "تعمل الحكومة ممثلة في الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق الرفد على دعم المواطنين لإنشاء مشاريعهم الخاصة وتمويل المشاريع القائمة، وقد تقدَّمتُ بطلب للحصول على قطعة أرض، والموضوع تحت الدراسة من قبل الجهات الحكومية، كما اتطلع للحصول على عدد من القوى العاملة الوافدة حتى أتمكن من تقديم خدمة ممتازة للزبائن". ووجَّه البلوشي الشكر إلى وزارة التجارة والصناعة على الجهود التي تبذلها لتذليل جميع العقبات التي تقف في وجه أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وحول تطلعاته للمستقبل، قال البلوشي: "هدفي الوصول إلى القمة في أداء الخدمة الممتازة؛ فالنجاح الذي تحقق ليس بالأمر الهين ويبقى التطلع إلى المستقبل يحمل معه الكثير من الأهداف التي وضعتها ضمن خطة العمل للمرحلة المقبلة وتشمل زيادة عدد السيارات التي أقوم بإصلاحها كل سنة، والعمل على الانتقال إلى مكان أكبر يتوفر فيه جميع الخدمات، وفتح فروع في مختلف محافظات السلطنة، وكذلك الاستفادة من التسهيلات التي تمنحها الحكومة والقروض المقدمة من صناديق الدعم لكي أعمل على التوسع والنمو والتطوير في المشروع للوصول إلى القمة في أداء الخدمة الممتازة للزبائن".
واختتم البلوشي حديثه بدعوة الشباب العُماني إلى الإقبال على مثل هذه المهن، وقال: إنَّ العمل في هذه المشاريع فرصة طيبة للشباب وعليهم اغتنامها، والشباب لا يحتاجون إلى دعوة بقدر ما عليهم البحث عن تلك الفرص واقتناصها.