روَّادنا - سالم الشعيلي
تحترفُ وعد الزكوانية الحفرَ على الخشب، وهو ما يُعرَف بفن "الأويمة"، وهي كلمة تعني حفر النقوش والرسومات على الخشب، ويُجسِّد هذا الفن مجموعة من الفنون الحرفية التي تقوم بها الأيدي الماهرة لتحويل الخشب إلى فنون جميلة نابضة بالحياة.
ويُعدُّ الحفر على الخشب من أقدم الفنون الجميلة في التاريخ، بدأ به الإنسان منذ العصور القديمة، وقد زين العثمانيون الأبنية المختلفة بالأجزاء الخشبية؛ سواء كانت حفرا على الخشب أو نقشا عليه أو تلوينا؛ وذلك مثل منابر المساجد والصناديق وحوامل المصاحف وصناديق الملابس، والخزائن، والكراسى، كما استخدم في الحفر على الخشب لرسم وطباعه الصور البشرية.
وتتحدَّث الزكوانية عن بدايتها في هذا المجال.. قائلة: "كانت رسوماتي في كراسة الفنون في أول مرحلة دراسية تحمل براءة طفلة، لكنَّ كلمات المعلمة حفَّزتني لأن أرسم في مُخيلتي حلما كبيرا مع هذا الفن، وكانت معظم أوقاتي على كراسى الرسم، إلى أن دخلت المدرسة الإعدادية، لكن لا يزال حلمي لم يشق طريقه ولم تنطفئ شراراته". وتضيف بأنَّها اجتهدتْ في إبداء موهبتها لمعلماتها في زخرفة الدفاتر الدراسية، وهو ما نال إعجاب الجميع واستحسانهم. مشيرة إلى أنَّ معلمة الفنون كانت ترى ذلك الحلم الكبير في أعمالها.
وتابعت القول: "اعتمدتْ مُعلمتي آنذاك عليَّ في ترتيب وتنظيم الصف من خلال التزين والرسم، ومع انتقالي إلى المرحلة الثانوية، واصلت الإصرار على تحقيق الحلم، وإنجاز لمسات فنية اكثر في كل مكان، وقد نلت التشجيع من الجميع؛ سواء كانوا في المدرسة أم المنزل".
وأوضحتْ أنها كانت تتصفَّح على الإنترنت العديد من الرسومات وتتعلم كل ما هو جديد في هذا الفن الراقي، واستطاعتْ الزكوانية أن تحقق الكثير مما كانت تطمح اليه، ونجحت في أن تجذب الأنظار إلى أعمالها. مشيرة في هذا الإطار إلى ضرورة أن يعمل كل فرد موهوب على تنمية موهبته، من خلال إبراز جماليات ما يمتلكه من قدرات وطاقات إبداعية.
وتعلَّمتْ الزكوانية الكثير من الفنون كالرسم بالألوان الزيتية، والألوان الخشبية، والألوان المائية، وعملية التنقيط، والتصميم والتشكيل بجميع الخامات، وإعادة تدوير الخامات القديمة، وأيضا النحت والحفر على الخشب الذي وفَّر لها مصدر رزق ودخلا تجاريا.
وقالتْ إنها تمارس الحفر أو النحت على الخشب غالبا على قطعة خشب مسطحة من نوع MBF لسهولة حفره، ومن ثمَّ يتم الرسم عليها بأي شكل من الأشكال المراد حفرها؛ سواء كان زخرفة نباتية أو رسومات شخصية أو الخط العربي، مع تحديد مناطق الظل والنور. وتابعت بأنه يجب أن تتولفر جميع الأدوات الحادة الخاصه بالحفر مع المطرقة، إذ إنَّ الحفر يتم عن طريق ضرب الأداة على الخشب.
ومضت قائلة: إنَّ الحفر يُحدِّد مناطق النور من خلال أضعف أداة، ثم حفر باقي المناطق المضيئة باستخدام مختلف الأشكال من الأدوات المناسبة في الشكل، ويتم حفر مناطق النور فقط والظل يبقى مثلما هو. وأوْضَحت أنَّه بعد الانتهاء من حفر الصورة كاملة، يتم تلوينها عن طريق فرشاة الرول لتفادي دخول اللون في الفراغات المحفورة.
لكنَّ الزكوانية لم تُخفِ أنَّها تعرضت للكثير من الصعوبات والمشكلات في موهبتها، غير أنها شددت على أن من الفطنة أن يستطيع المرء توظيف مشكلاته وتحويلها إلى نقاط ايجابية. وتابعت: "مشكلات عدة قد تكون سببا في توقفي عن الرسم لفترة من الوقت، لكن ما إن رأيت أعمال وصور مبدعين آخرين حتى شعرت بالغيرة، وهو ما شجعني وبث في داخلي روح الإبداع مجددا". وتحدثت الزكوانية عن نوع آخر من المشكلات؛ إذ إنَّ طول الجلسة خلال عملية الحفر على الخشب أصابتها بآلام جسدية لاسيما في منطقة الظهر، بيد أنَّها لم تتراجع لحظة عن مواصلة الحلم.
وقالتْ إنها أنجزت ما يقارب الـ22 لوحة خشبيه تجارية بمختلف الاسعار، فضلا عن أعمال أخرى من مختلف الخامات. مشيرة إلى أنَّ مُعلِّمتها بادرتْ بافتتاح معرض باسم "بصمة عطاء" وهو معرض خاص بأعمال طالبات مدرسة أم الخير، وأقيم المعرض في مركز اللولو بولاية نزوى عام 2014، ورعت حفل الافتتاح الفنانة مريم الزدجالية، والتي تأمل الزكوانية أن تصل إلى مرتبة قريبة منها. وعبَّرتْ الزكوانية عن فرحتها بهذا المعرض رغم مرور عامين عليه؛ حيث تمَّ عرض مقتطفات من المعرض على قناة عمان. وأجرت الزكوانية وقتها لقاء تليفزيونيا شرحت فيه فكرة العمل الذي طرحته وسمته بالصوف الناعم، وهو عبارة عن تصميم سجاد باستخدام خامة الصوف.
وتحثُّ الزكوانية كلَّ من يمتلك موهبة أو إبداعا على أن يطلق لها العنان، ويعمل على صقلها من خلال المثابرة والتعلم وإنجاز العمل دون كلل أو ملل.