فرنسا تدعو بريطانيا لتحديد من يمثلها في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي.. والاستقالات تضغط على "العمال"

مقترح بمشروع جديد للاتحاد.. وألمانيا ترفض منح لندن معاملة خاصة في المفاوضات

لندن - الوكالات

قال وزيرُ الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو، أمس، إنه يتعيَّن على بريطانيا أن تحدد من سيمثلها حتى يمكن لمفاوضات خروجها من الاتحاد الأوروبي أن تتبلور. وجاءت تصريحات أيرو وهو في طريقه إلى براج لحضور محادثات مع دول شرق أوروبا الأعضاء في الاتحاد بعد تصويت بريطانيا على الخروج من التكتل.

وقال أيرو -في مقابلة مع رويترز- إنَّ حصول بريطانيا على حقوق مماثلة لسويسرا تمكنها من دخول السوق الموحدة للاتحاد دون حرية انتقال رؤوس الأموال والأيدي العاملة والسلع والخدمات لن يكون أمرا "تلقائيا"، وقال أيرو: "بالتأكيد يتعين على بريطانيا أن تحل مشكلة من يمثلها... ومن هناك يمكننا العمل على وضع جدول أعمال وبرنامج زمني".

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون -الذي قاد حملة البقاء في الاتحاد- إنه سيترك منصبه بحلول أكتوبر. ورفض كاميرون تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة -التي تنظم خروج الدول من الاتحاد- حتى يختار حزب المحافظين الحاكم في مؤتمره العام في أكتوبر بديلا له لإدارة هذه المرحلة.

وقال أيرو: "هناك دول لها حق الدخول إلى السوق الموحدة من دون حرية الانتقال. هذه هي الحال مع سويسرا. الأمر ليس تلقائيا. هناك الكثير من المواضيع التي يتعين علينا مناقشتها... أعتقد أننا نحتاج أولا أن نعرف ما الذي تريده بريطانيا على وجه الدقة".

وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أمس، إنَّ قرار إجراء استفتاء ثان بشأن استقلال أسكتلندا يعود لبريطانيا بعد الاستفتاء الذي أيد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال زايبرت في مؤتمر صحفي: "فيما يخص أسكتلندا، إنها مسألة بريطانية داخلية يجب أن تحل هناك في أعقاب الاستفتاء". مضيفا بأنه ليس من الملائم له كمتحدث باسم الحكومة الألمانية أن يعلق على هذا الأمر.

وقالت رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستيرجن، إن حكومتها تستعد لطرح تشريع يتيح إجراء استفتاء ثان بشأن الاستقلال عن بريطانيا تزامنا مع استمرار النقاشات بشأن موقعها في الاتحاد الأوروبي. وأظهرت نتائج الاستفتاء أن هناك دعما كبيرا في أسكتلندا للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.

وعلى جانب آخر، قال زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إنَّ بريطانيا لن تحصل على أي معاملة خاصة خلال التفاوض على خروجها من الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء الذي جري الأسبوع الماضي.

وقال فولكر كاودر الحليف الوثيق لميركل لمحطة تليفزيون إيه.آر.دي الألمانية: "لن تكون هناك معاملة خاصة. لن تكون هناك هبات." في الوقت نفسه ذكر كاودر أن بريطانيا شريك اقتصادي وتجاري هام لألمانيا خاصة في صناعة السيارات، ومن الضروري أن تضمن مفاوضات الخروج من الاتحاد استمرار العلاقات الطيبة مع بريطانيا. وانضم إلى ميركل في تبني موقف أكثر تمهلا من توقيت بدء رحيل بريطانيا، لكنه حبَّذ أن تفعل المادة 50 قريبا.

وفي السياق، قال آلان جوبيه الذي يحتمل أن يكون رئيس فرنسا القادم، إنَّ أوروبا تحتاج لإعادة تشكيل وفقا لخطة جديدة يمكن أن تطرح لاستفتاء على مستوى الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق لكن إجراء استفتاء في فرنسا قبل ذلك سيكون تصرفا "غير مسؤول تماما". وتحدث جوبيه بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقال إنه يتعيَّن التعامل بسرعة مع الأمر. وقال لصحيفة لوموند: "إجراء استفتاء في فرنسا في هذه المرحلة سيكون تصرفا غير مسؤول على الإطلاق". وأضاف بأنَّ أوروبا تحتاج أولا لإعادة تشكيلها. ويضم جوبيه صوته للكثيرين من الساسة الفرنسيين الذين دعوا منذ إعلان نتائج الاستفتاء البريطاني إلى استفتاء يتعلق بالاتحاد الأوروبي في فرنسا ومنهم إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس فرنسوا هولاند.

وباستثناء رأي الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، تُطالب هذه الدعوات بإجراء استفتاء على شكل جديد لمشروع أو اتفاقية الاتحاد الأوروبي وليس على عضوية الاتحاد. وسيكون من الصعب التنبؤ بنتيجة مثل هذا الاستفتاء في دولة خاب أملها في أوروبا بدرجة كبيرة. وفي العام 2005، تعطل مشروع دستور جديد مقترح للاتحاد الأوروبي بسبب استفتاءين أجريا في فرنسا وهولندا.

وأطلق جوبيه -الذي تولى رئاسة وزراء فرنسا في الفترة من 1995 إلى 1997 حملة لإقناع حزب الجمهوريين المحافظ بترشيحه، بدلا من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في الانتخابات التمهيدية المقررة في نوفمبر. وهو يتقدم على ساركوزي في استطلاعات الرأي بين الناخبين اليمينيين، كما أنه يتمتع بميزة أنه يلقى قبولا أكبر كذلك بين اليساريين.

وشرح جوبيه عددا من المواقف فيما يتعلق بمستقبل الاتحاد الأوروبي. وقال إنَّه يتعيَّن وقف توسيع نطاق العضوية وتحجيم اختصاصات مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وأشار كذلك إلى أنه يتعين تعزيز التقارب فيما يتعلق بالضرائب والشؤون الاجتماعية داخل منطقة اليورو وإبرام اتفاق جديد يتعلق بحماية الحدود الخارجية للاتحاد. وتابع بأنَّ اتفاقية شينجن لحرية الحركة داخل الاتحاد الأوروبي لم تنجح. ويثير ذلك التساؤلات بشأن ما إذا كانت الحدود الخارجية للاتحاد يتعين أن تخضع لمراقبة قوة حدودية أوروبية. وقال جوبيه: "هناك شيء واحد مؤكد... من الواضح أن أوروبا في المستقبل ستعمل بسرعات متباينة أكثر مما هو عليه الحال الآن. خروج بريطانيا يجب أن يمكن الراغبين في المضي قدما بشكل أسرع من القيام بذلك. إنها فرصة يتعين علينا انتهازها.

وداخليًّا، قدم عدد من أعضاء مجلس العموم من حزب العمال البريطاني المعارض استقالاتهم من فريق زعيمه جيريمي كوربين أمس احتجاجا لينضموا إلى 11 شخصية بارزة استقالوا عقب قرار البلاد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وتصدى كوربين للضغوط الداعية لاستقالته جراء ما وصفها معارضوه بالجهود الباهتة التي بذلها لإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وأعلن يوم الأحد أنّه سيترشح مرة ثانية في أي انتخابات لاختيار قيادة جديدة إذا سرت حالة من الاضطراب داخل الحزب.

وقالتْ آنا تورلي المتحدثة باسم الحزب للشؤون المدنية في خطاب استقالتها الذي نشرته على تويتر: "لا أعتقد أن حزب العمال بقيادتك في حالة جيدة أو سيكون في حالة جيدة للتوجه إلى الجماهير في الانتخابات والطلب منهم أن يفوضونا لنخدمهم في الحكومة." وانضمت تورلي باستقالتها إلى خمسة أعضاء آخرين على الأقل قدموا جميعهم استقالاتهم من فريق كوربين الذي انتخب رئيسا لحزب العمال في العام الماضي وسط موجة حماس مفاجئة لبرنامجه اليساري ووعوده بأسلوب جديد في الممارسة السياسية.

واستقال عدد من المساعدين في فريق كوربين. وسيظل جميع من قدموا استقالاتهم أعضاء منتخبين بالبرلمان. وأعلن كوربين في خضم موجة الاستقالات تعيينه عددا من المسؤولين ليحلوا محل من قدموا استقالاتهم يوم الأحد ورقى عدة أعضاء من الدائرة المقربة من أنصاره اليساريين ليتولوا أدوارا بارزة في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية.

تعليق عبر الفيس بوك