"اللجنة الوطنية": مساع حثيثة لوضع إستراتيجية وطنية للمخدرات والمؤثرات العقلية .. وتراجع بأعداد المدمنين

◄ ارتفاع حاد في جرائم المخدرات مع زيادة اليقظة الأمنية للتصدي لعصابات التهريب

مسقط - العمانية

قالت اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية إنها تعمل حاليًا على إعداد الخطط والبرامج التنفيذية الخاصة بالإستراتيجية الوطنية للمخدرات والمؤثرات العقلية بعد أن انتهت من وضع الإطار العام للإستراتيجية تمهيدا لإصدارها.

وأكدت اللجنة حرصها على مشاركة كافة الجهات المعنية في إعداد هذه الإستراتيجية بما في ذلك الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ولجنة حقوق الإنسان، بهدف الخروج بإستراتيجية متكاملة ومتوازنة تشمل محاور التوعية والوقاية والمكافحة والتدريب والعلاج والتأهيل والرصد والجوانب الأمنية والبحثية والدراسات المبنية على البراهين العلمية.

وقد أحيت دول العالم في السادس والعشرين من يونيو اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها 2016 تحت شعار "اصغوا أولا" وهي مبادرة يراد منها إذكاء الوعي وزيادة الدعم في ما يتصل بمكافحة استخدام المخدرات باعتماد الحقائق العلمية مما يزيد من فعاليتها في الاستثمار في صحة الأطفال والشباب وأسرهم ومجتمعاتهم. وكانت اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية قد أقامت في الثاني من يونيو الجاري احتفالا بهذه المناسبة في مجمع جراند مول، تم خلاله تدشين الحافلتين التوعويتين الخاصتين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بدعم من الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، كما تمت إقامة المعرض التوعوي الذي اشتمل على عرض وتوزيع مطويات توعوية وتثقيفية من المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.

وهدف الاحتفال إلى إبراز الجهود التي تُبذل للقضاء والتصدي لآفة المخدرات الضارة التي من شأنها أن تهدم مستقبل متعاطيها، وتسليط الضوء على الجهود التي تقوم بها اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية على كافة الأصعدة للحد من انتشار هذه الظاهرة في المجتمع والتركيز على أهمية التأهيل النفسي والاجتماعي الذي يعتبر من أهم مراحل علاج الإدمان الذي يهدف لإعادة دمج الفرد بالمجتمع. وجرى إعادة تشكيل اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية بقرار من معالي الدكتور وزير الصحة رقم 5/‏‏2016 والصادر بتاريخ 6 يناير 2016؛ حيث تشكلت اللجنة برئاسة معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة، وعضوية عدد من أصحاب السعادة وكلاء عدة وزارات حيث تمت إضافة وكيل وزارة الإعلام ونائب رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون لعضوية اللجنة.

وقالت اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية إنّ عدد حالات الإدمان المسجلة في السلطنة في السجل الوطني للإدمان خلال عام 2014 بلغ 625 حالة بنسبة انخفاض تصل إلى 29% عن عام 2013، وبذلك بلغ إجمالي عدد المتعاطين المسجلين في السجل والذين تقدموا لطلب العلاج في المؤسسات الصحية المختلفة في السلطنة منذ عام 2004 حتى نهاية 2014 (4955) حالة منهم (4872) عمانيًا، وتمثل الإناث 49 حالة فقط من إجمالي الحالات بنسبة 1% بينما بلغ عدد المتعاطين من الذكور في نفس المدة 4823 بنسبة 99% من إجمالي عدد الحالات التي تقدمت للعلاج.

وأشارت اللجنة- في إحصاءات حصلت عليها وكالة الأنباء العمانية- إلى أنّ أعمار الإناث المدمنات قد تراوحت ما بين 15 إلى 50 سنة، بمتوسط العمر 29 سنة؛ حيث تمثل هذه الأعمار الحالات عند التشخيص، بينما يبقى العمر عند بداية التعاطي أصغر من العمر المسجل. وبالنسبة لتوزيع الحالات وفقا للتعليم، أظهرت الإحصاءات أن 10% من المدمنات قد تلقين تعليما جامعيا، بينما 60% من الحالات ما بين تعليم أولي إلى ثانوي و20% لم يلتحقن بالمدارس. وأوضحت اللجنة أنه على الرغم من العدد القليل للإناث المدمنات المسجلات بالسجل الوطني إلا أن هذا العدد قد لا يعبر عن الحجم الحقيقي لمشكلة الإدمان عند النساء، فقد يكون السبب في ذلك عزوف النساء عن تلقي العلاج بسبب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بهذه المشكلة.

وأكدت اللجنة أنّه على المستوى الأمني فقد تم تسجيل ارتفاع حاد في عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات والكميات المضبوطة من المواد المخدرة مقارنة بالسنوات الماضية والذي يعكس حجم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة للتصدي لعصابات تهريب المخدرات، كما أنه قد يعد مؤشرا بأن السلطنة أصبحت من الدول المستهدفة لمافيا المخدرات، وهناك الكثير من الجهود التي تبذل من قبل الجهات المعنية المختلفة سواء أكانت جهود مكافحة أو توعية أو برامج تدريبية أو علاجية.

وعلى المستوى العلاجي، تعمل السلطنة على إنشاء عدة مراكز لعلاج وتأهيل مرضى الإدمان في مختلف محافظات السلطنة بالشراكة مع القطاعات المختلفة بهدف تحسين وتطوير حياة المتعافين من الإدمان بهدف دمجهم بالمجتمع وتقليل خطر الانتكاسة إلى جانب دراسة واعتماد برنامج خفض الضرر. وفي هذا الصدد وضحت اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات المؤثرات العقلية أنّه تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات لإنشاء مراكز لعلاج وتأهيل مدمني المخدرات في مسقط وصحار بدعم من القطاع الخاص، كما افتتح في يناير عام 2015 مركز بيوت التعافي بولاية العامرات بسعة استيعابية بلغت 50 سريرا، وتقديم خدمات الدعم والتأهيل النفسي والاجتماعي والمهني والأسري. وعلى مستوى التوعية والتدريب فإن الجهود مستمرة طوال أشهر السنة حسب الخطط السنوية المعتمدة من قبل اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية.

وكان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- قد أصدر في الخامس من أكتوبر 2015 مرسوما سلطانيا رقم 34/‏‏‏2015 بإصدار تعديلات على بعض أحكام قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وصدر المرسوم بعدما ناقش مجلس عمان القانون وأقر في فترة سابقة تعديل قانون مكافحة المخدرات وتغليظ الأحكام إلى الإعدام والسجن المطلق ومناقشة الأعضاء مشروع التعديل المحال الذي اشتمل على تعديل (10) مواد فقط من أصل (72) مادة من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 17/‏‏‏99م.

وقامت السلطنة بالمصادقة على كافة الاتفاقيات العربية والدولية في مجال مكافحة المخدرات، كما أصدرت قانون المخدرات الذي ينظم الجوانب التنظيمية والوقائية والعلاجية والعقوبات بما يتلاءم مع القوانين والأنظمة والمواثيق الدولية مولية الجانب الإنساني والصحي غاية الاهتمام.

ويتولى المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية جملة من المهام منها تجميع وتحليل المعلومات التي تصل إلى المؤسسات الصحية النفسية بمناطق السلطنة المختلفة ووضع نظام خاص للترصد الوبائي ومتابعة الوضع الخاص بالإدمان في السلطنة والمتابعة والتنسيق والتحضير لاجتماعات اللجنة الوطنية واللجان الفرعية التي تم تشكيلها من أعضاء ومندوبين من الوزارات المختلفة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 112/42 في ديسمبر 1987، للاحتفال بيوم 26 يونيو بوصفه اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها إثر توصية صادرة عن المؤتمر الدولي المعني بمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها. وقد عقدت الجمعية العامة جلسة خاصة بشأن المخدرات في شهر أبريل الماضي 2016، وكانت هذه الجلسة الاستثنائية بمثابة معلم مهم في تحقيق الأهداف التي حددتها وثيقة السياسات الصادرة في عام 2009 تحت عنوان "الإعلان السياسي وخطة العمل المتعلقان بالتعاون الدولي صوب وضع إستراتيجية متكاملة ومتوازنة لمواجهة مشكلة المخدرات العالمية"، التي حددت كذلك الإجراءات التي يجب على الدول الأعضاء اتخاذها والأهداف التي ينبغي تحقيقها بحلول 2019.

واشتملت الوثيقة الختامية على توصيات بتدابير للتعامل مع قضية خفض العرض والطلب، ولتحسين سبل الوصول إلى الأدوية وفي نفس الوقت الحد من الانحراف عن الجادة. واشتملت كذلك على ما يتصل بمجالات حقوق الإنسان والشباب والأطفال والمرأة والمجتمعات المحلية والتحديات الناشئة بما فيها المؤثرات النفسية الجديدة، وتعزيز التعاون الدولي، كما أنها تضمنت ما يتصل بالتنمية البديلة. وأكد نص الوثيقة على التساوق بين السياسات والممارسات الوطنية فيما يتصل بالجرائم المتصلة بالمخدرات، كما احتوى على تركيز كبير على قضيتي الوقاية والعلاج.

ويشير التقرير العالمي للمخدرات لعام 2015، الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات والجريمة في فيينا إلى أن نحو 5% من البالغين في العالم تعاطوا نوعًا واحداً على الأقل من المخدرات خلال عام 2014، ويقدر هذا العدد بـ250 مليون شخص في العالم يستخدمون المخدرات غير المشروعة وفق تقديرات العام الماضي. وأفاد التقرير بأن أعمار المتعاطين تتراوح بين 15 و64 عامًا.

وذكر التقرير أن هذا العدد لم يرتفع منذ 4 سنوات، ولكن للمرة الأولى منذ 6 سنوات ازداد عدد المعتمدين على المخدرات ليصل إلى أكثر من 29 مليون شخص. وقال التقرير إن الأثر العام لتعاطي المخدرات على الصحة ما زال مدمرا. وفيما استقر معدل الوفيات المرتبطة بتعاطي المخدرات، لقي نحو 200 ألف شخص مصرعهم لهذا السبب خلال عام 2014، وهو عدد كبير للوفيات كان يمكن تجنبها من خلال وضع بعض التدخلات والتدابير الملائمة. وارتفع بشكل حاد خلال العامين الماضيين تعاطي الهيروين والوفيات الناجمة عن تعاطي جرعات زائدة منه، في بعض الدول بأمريكا الشمالية وغرب ووسط أوروبا.

تعليق عبر الفيس بوك