مأزق التكتل الأوروبي

يواجه التكتل الأوروبي والذي يعد أقوى اتحاد بين مجموعة من الدول في العالم حاليًا، مأزقا بالغ الصعوبة، فبعد إعلان نتيجة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتأييد الناخبين لقرار الخروج بدلاً من مواصلة العمل تحت المظلة الأوروبية، تبدو في الأفق مشكلات اقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية.

ولقد عجَّت الصحافة العالمية والبريطانية على وجه الخصوص، خلال اليومين الماضيين، بالكثير من التحليلات والتوقعات الخاصة بمسقبل الاتحاد وكذلك المملكة المتحدة، لاسيما في ظل تنامي دعوات الانفصال وحمى الاستفتاءات التي تضرب الجزر البريطانية على امتدادها.

وعلى الرغم من أنّ نتائج الاستفتاء تعبر بكل قوة عن جرأة الخطوة الديمقراطية، إلا أنّ المستقبل لا يبدو مبشرًا للطرفين، فبريطانيا التي تمثل أحد أقوى الاقتصادات الأوروبية باتت قريبة أكثر من أيّ وقت مضى من فقدان الميزات الاقتصادية التي كانت توفرها لها عضويتها في الاتحاد، في حين أن قطاع من البريطانيين لا يرى أي ميزات، بل يشكو الأعباء الأوروبية على الدولة البريطانية. وفي المقابل، سيؤدي اكتمال الخروج البريطاني إلى خسارة بروكسل للمساهمة المالية التي كانت تُقدمها بريطانيا لخطط الاتحاد فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع أو مساعدة الدول التي تعاني صعوبات اقتصادية، واليونان والبرتغال وغيرها من دول الأطراف خير شاهد على ذلك.

ومن المثير للدهشة تلك الحمى المُستعرة في أنحاء القارة العجوز لتنظيم استفتاءات مماثلة، أو حتى تلك التي تتحدث عن استفتاء جديد في أسكتلندا أو إيرلندا، فقد دقت الأنباء المتواترة عقب الزلزال البريطاني ناقوس الخطر فيما يتعلّق بمستقبل الجزر البريطانية التي تجمع إنجلترا وويلز وأسكتلندا وأيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، لذا لم يكن عجيباً أن تصك الصحافة البريطانية مصطلحاً جديدا وهو "خروج لندن"، في إشارة إلى رغبة هذه المدينة في العودة إلى كنف الاتحاد الأوروبي.

من المؤكد أنّ الخطوة البريطانية التي أحدثت زلزالاً عنيفاً في العالم اقتصاديًا وسياسيًا، سيكون لها تبعات نظرًا لطبيعة النظام المالي العالمي، وارتباطه الوثيق ببعضه البعض، كما أنّ المشهد يستدعي إثارة التساؤلات مجددًا حول إمكانية تشكيل تكتلات اقتصادية أو سياسية في المستقبل بين الدول.

تعليق عبر الفيس بوك