الشرق الأوسط.. الحرب المستعرة

لا يمرُّ يوم على منطقة الشرق الأوسط إلا ويسقط فيه قلتى ومصابون جراء التحارب الأهلي بين أبناء الوطن الواحد، أو حتى على يد مُرتزقة قدموا إلى المنطقة لتنفيذ أفكار متطرفة يريد البعض منها أن يظل هذا الإقليم في بؤرة صراع محتدمة، وحرب مستعرة لا تضع أوزارها أبدا.

فرغم التقدُّم الذي تُحرزه الجهود الدولية ضد حركات الإرهاب في المنطقة، إلا أنَّ التحدي لا يزال قائما، والتنظيمات الإرهابية ما فتِأَت تجيِّش الشباب للانقضاض على مُقدِّرات الأمم، يدفعهم في ذلك كله فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وتحريض طائفي غير مسبوق. والمثال الصارخ على ذلك المعارك المتواصلة في العراق بين الجيش وعناصر تنظيم داعش الإرهابي، وما حدث في معركة الفلوجة خلال الأيام القليلة الماضية، يعكس حقيقة الصراع على الأرض؛ فالآلاف من المدنيين لاذوا بالفرار من أتون هذه الحرب المستعرة، قاطعين مئات الأميال بحثاً عن مأوى آمن، وأرض لا يستيقظون فيها على أصوات الرصاص يخترق جدران منازلهم أو أزيز طائرات تتأهب لإسقاط أطنان من المتفجرات ربما لا تميِّز بين مدني وغير مدني.

وتظلُّ المنطقة ترزح تحت وطأة هذا النوع من المعارك، في سوريا، واليمن وليبيا...وغيرها من البلدان التي ما تلبث أن تتعرَّض لنوبة من الاشتباكات مع مجموعات لا يروي ظمأها إلا الدماء. وفي خضم هذه الأحداث، تتغيَّر ملامح الدول وتتشرذم إلى أشباه دول، أو دول فاشلة. تغيبُ التنمية الحقيقية عن مخيلة القادة والزعماء، وتستحوذ صفقات التسليح على نصيب الأسد من الميزانيات العامة، فلا ترى إستراتيجيات لتطوير التعليم أو الارتقاء بالخدمات الصحية، أو ترسيخ قيم العدل والمساواة، فتظل هكذا تدور دوامات عنيفة من الجهل وعمليات التسليح للصبية والشباب.

... إنَّ الدول التي تُواجه خطر الإرهاب يتعيَّن عليها أن توازن بين الحاجة الماسة لمواجهة هذا الغول الكاسر وكبح جماحه، وبين أن تواصل خطط التنمية تفاديا لتفريخ عناصر جديدة تكفر بالدولة الوطنية وتؤمن بالصراع المستمر الذي تحاك خيوطه بليل على موائد المؤامرات.

تعليق عبر الفيس بوك