"إرحموا #ريادة_الأعمال "

شريفة البرعمية

ليس لديّ أدنى شك بأننا جميعاً مع تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ونشر ثقافة ريادة الأعمال، لما فيها من منافع تمّ تداولها مرارًا وتكرارًا في أغلب الميادين والمؤتمرات والصحف وباقي قنوات الإعلام الرسمي والاجتماعي..

ولكن هناك تحد سنواجهه مستقبلا إن لم نلتفت لما يُزرع اليوم من بذور خاطئة لمفهوم ريادة الأعمال. وقد تكون تكلفة التصحيح أعلى من تكلفة تنفيذ الحلول المقترحة. الداء الصامت في عملية دعم ريادة الأعمال وتنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة اليوم ينتشر مع انتشار الوصف الخاطئ لمفهوم ريادة الأعمال.

العمل الحرفي التقليدي جميل ومهم ولكنه ليس ريادة أعمال، إلا إذا احتوى على ابتكار حديث في سلسلة القيمة المضافة من حيث التصنيع أو التوريد أو إضافة خدمة مبتكرة، مما يجعله قادرا على التوسع إلى أسواق أخرى مدعوم بالطلب المتزايد عليه. فالمنتج الناجح والجدير بالدعم هو ذلك المنتج الذي يخلق الطلب عليه.

كذلك المشاريع متناهية الصغر والمبنية على سد حاجة صاحبها لمتطلبات الحياة الأساسية ليست ريادة أعمال، وإنّما ضمان مورد رزق، أغلبها غير قادر على التوسع لتوفير وظائف أخرى لعدة أسباب لن أخوض فيها هنا..

وأخيرًا أود أن أنوه إلى أنّ ليس كل سجل تجاري "صك" ريادة أعمال..

ارحموا عملية توليد الفكر الريادي من هذه الالتباسات الجذرية.

فقد أرهق الإعلام ثقافة ريادة الأعمال من خلال خلط المفاهيم، ووصف الجميع برائد أعمال، وزاد بيئة الأعمال المحلية ضبابية..

دور الإعلام التوجيه الصحيح وتثقيف المجتمع بالمفاهيم ومعاييرها ومؤشرات قياسها وتوجيه جهات الدعم للنماذج الريادية التي ترفد الاقتصاد الوطني بفرص حقيقية للنمو والابتكار التجاري..

وقد أكون مخطئة باتهام الإعلام فقط، فجميعنا يعرف بأنّ إعلامنا المحلي يعتمد على الجهات "المختصة" لتوجيهه وإعطائه المادة والمحتوى ليقوم هو بنشرها فقط كما هي. لذلك أوجه ندائي إلى جهات دعم الموسسات الصغيرة والمتوسطة الرسمية وعلى رأسهم الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأشد على يدهم بأن يعتمدوا الجودة والمصداقية والمهنية العالية في تنفيذ أول قرارات ندوة سيح الشامخات، والذي ينص على نشر ثقافة ريادة الأعمال في المجتمع، وبأن يراعوا أهميّة إدراك واستيعاب جميع المؤسسات المعنية وموظفيها للمعنى الأصيل لمفهوم ريادة الأعمال. هذا وإلا سنجد أنفسنا بعد عدة أعوام نعالج الأعراض السلبية الناتجة عن نشر مفاهيم خاطئة عن ريادة الأعمال فكرًا وثقافة.

هناك هدفان أود الوصول إليهما من خلال هذا الطرح؛ الهدف الرئيسي هو الارتقاء بعملية بلورة استراتيجية تنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأدوات تنفيذها، أمّا الهدف الثانوي فهو تعريف المجتمع بأنّ هناك لبسا جوهريًا في المصطلحات المستخدمة لاشك أنّها ستؤثر سلبا في تنمية القطاع بالصورة المرجوة.

في مقالات مستقبليّة إن شاء الله سأسلط الضوء على مفهوم ريادة الأعمال من منطلق اقتصادي بحت وعلى الأنواع التي عرفتهّا أهم مدارس الفكر الريادي بـ"مولدات الفرص"، وهي مشاريع إن تمّ التركيز على دعمها يحقق الاقتصاد نقلة نوعية في تنمية القطاع وصناعة التجارة.

دمتم للوطن عطاء لا ينضب...

(@OmnEntrepreneur

مستشارة تطوير ريادة الأعمال (عضو الجمعية الأمريكية لمستشاري تطوير المؤسسات الصغيرة)

تعليق عبر الفيس بوك