انطلق نحو الريادة (4)

د.عبدالله بن حمد المسكري*

لا يتوقف النجاح عند حدود معينة، وإنما يستمر ويتطوّر مع كل فرصة تسنح أمامك وبعد توفيق الله سبحانه وتعالى فإنّ أصحاب الهمم العالية المتحلين بخصائص الصبر والمصابرة هم وحدهم من يستفيد من هذه الفرص، ويطور ذاته لاقتناصها عند أول بادرة بروز لها؛ ولهذا فإنّ الفرق بين الناجحين والاتكاليين هي كما جاءت في المثل الصيني (لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها) فالاتكالي يبحث عن السمكة جاهزة حيث يتمنى الحصول على قوت يومه من غير جهد أو تعب، كما أنّه لا يريد أن يتعلم ليطور ذاته أو حتى أنّه لم يحاول أن يكتشف مقدراته وطاقاته الكامنة وإنما رضي بواقعه الذي يعيشه وفتات الموائد التي يحصل عليها من هنا وهناك، بينما الباحث عن النجاح فإنّه يبحث عمّا يغيّر حياته ولهذا فإنّه يتمتع بهمة عالية يحاول بها أن يستكشف كل جديد فنراه يتعلم ويطور من نفسه حتى يستطيع أن يتمكن من اصطياد السمكة فإذا تعلم اصطيادها فإنّه يستطيع بإذن الله إطعام نفسه وأهله والمجتمع وما جعلني أكتب في هذا الجانب قصة سمعتها من صاحبها قال حصلت على التقاعد من الشركة التي أعمل بها في أوائل شهر أبريل 2016 بعد سنوات من العمر قضيتها عاملا فسائقًا في هذه الشركة، وعند سؤالي عن عدد السنوات التي قضاها صدمني بإجابته (51) سنة يا الله إنه عمر طويل، وقال كان مقر الشركة في مسقط بجوار الباب الكبير ثم انتقل مكان عمله إلى الوادي الكبير يعني كان يشتغل بهذه الوظيفة منذ عام1964 م وخلال هذه السنوات الطويلة مرت الدولة العمانية بحركة تطور سريعة شملت الإنسان إلى جانب التشييد والبنيان والتطوير في كل المجالات خاصة من يوليو 1970 بداية سطوع شمس النهضة العمانيّة الحديثة فكم من فرصة ذهبية لتطوير الذات والارتقاء نحو الأفضل كانت أمام صاحب هذه القصة، ولكنّه لم يستثمرها كما أنّه لم يحاول اكتشاف الطاقات التي وهبه الله إيّاها أو يبحث عما يتناسب وهذه الطاقات، فعطل الكثير من ملكات الأفكار التي كان يمكن أن تساهم في الارتقاء المادي والمعرفي وفي بناء الوطن وقيل في الأمثال:( من يريد أكل المحار عليه أن يفتح صدفته) و (من يود تذوق الجوزة لا بد عليه أن يكسرها)..

إن الإنسان يجب أن يكون صاحب طموح وهمة عالية ومن هنا فإنّ أصحاب الهمم العالية المتحلون بالصبر والمصابرة والمثابرة هم وحدهم من يقتطف ثمرات النجاح، وهذه الخصائص تساهم في نجاح كل إنسان يلتزم بها بغض النظر عن عرقه أو دينه، ويكون التمايز ببركة المال لأهل الصلاح والتقوى والخلق الحسن.. والراقد لا يصطاد سمكا وشجرة الكسل تثمر الجوع..

إنّ رواد الأعمال الذين ننشدهم يجب أن يتحلوا بالعديد من المقوّمات والتي منها الهمة العالية والصبر والابتكار وتطوير الذات والتعلم والتوكل على الله حق توكله.. والتوكّل على الله يتطلب الأخذ بالأسباب، وهي متطلبات النجاح والارتقاء ومن ثمّ التوكل على الله؛ وهو جانب إيماني لأنّ تحقيق النجاح يأتي بتوفيق الله سبحانه وتعالى وهو وحده الرازق وما على الإنسان الا اتخاذ الأسباب فقط. فدعوة إلى الشباب سواء من رواد الأعمال أو الراغبين بالانخراط في العمل التجاري وتأسيس المشاريع التجارية التحلي بشروط النجاح ومرافقة الناجحين لاكتساب الخبرات والارتقاء بالذات والبحث عن الفرص المناسبة واستغلالها الاستغلال الأمثل.

مؤسس المنارة العالمية*

almanara.bookshop@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة