مجلس الدولة يواصل اليوم مناقشة مواد مشروع قانون الجزاء العماني

جلسة مشتركة بين "الدولة" و"الشورى" غدًا لدراسة مواد قوانين ضريبة الدخل والاستثمار والتأمين

استعراض تقرير "الشورى" حول مشروع قانون الجزاء ومناقشة رؤية اللجنة القانونية بـ"الدولة"

مقترح بإضافة باب أو فصل مستقل للتدابير الاحترازية وتخفيض الحد الأدنى للعقوبات في بعض المواد

استبدال "حسن نية" بـ"نية سليمة" في المادة 44 لأنّ الأولى من المصطلحات الدارجة بين رجال القانون

الرؤية - مدرين المكتومية

يستكمل مجلس الدولة، اليوم، مناقشة مشروع قانون الجزاء العماني المحال من مجلس الوزراء الموقر، وتقرير مجلس الشورى، وتقرير اللجنة القانونية بالمجلس حوله. وقد شهدت جلسة المجلس التاسعة من دور الانعقاد السنوي الأول من الفترة السادسة، التي عقدت أمس برئاسة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، وحضور المكرمين الأعضاء وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة، بقاعة الاجتماعات بمبنى المجلس مناقشات مستفيضة حول مشروع القانون.

وفي مستهل الجلسة ألقى معالي الدكتور رئيس المجلس كلمة رحّب فيها بالمكرمين الأعضاء، مستعرضاً جدول أعمال الجلسة، ومشيراً إلى أنّ المجلس سيخصص جلستيه التاسعة والعاشرة لمناقشة أهم مشروعات القوانين وهو مشروع قانون الجزاء المحال من مجلس الوزراء الموقر، وتقرير مجلس الشورى حوله، إضافة إلى التقرير الذي أعدته اللجنة القانونية بمجلس الدولة حوله، ومشيدا في ختام كلمته بجهود اللجنة في دراسة مشروع هذا القانون وإعداد التقرير حوله.

وأبرز المكرم عبدالقادر بن سالم الذهب رئيس اللجنة القانونية بالمجلس أهمية مشروع القانون ودوره في حماية الأفراد وصون حقوقهم، وقال إنّ مشروع قانون الجزاء الذي يناقشه المجلس اليوم يُعتبر من أهم القوانين في الدولة وفي أي مجتمع من المجتمعات المدنية، من حيث كونه يحمي حريات الأفراد ويصون حقوقهم، ويحافظ على أنفسهم وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم، كما يحمي المجتمع والدولة بحمايته للمصالح الرئيسية ودفاعة عنها وردع كل من تسول له نفسه أن يتعدى عليها ويمسها، أو يسيء إليها، كما أنه أي القانون يهدف إلى صون الأمن في الدولة، والمحافظة على ركائز الاستقرار ودعائمه، والتعايش المشترك الآمن بين أفراد المجتمع إلى غير ذلك من الوظائف والمنطلقات والمصالح التي تسن قوانين الجزاء لحمايتها وصيانتها ومنع الاعتداء عليها.

سد ثغرات سابقة

ولفت رئيس اللجنة في كلمته إلى أنّ المشروع جاء تطويرا لقانون الجزاء الصادر في فبراير 1974م، ومضيفاً إليه، ومتجاوزاً له، وسادا للثغرات التي كشف عنها تطبيق القانون، ومستفيداً من التطور الذي طرأ على فلسفة الجريمة والعقاب، ولذلك جاء شاملاً مستوعباً موفقاً إلى حد بعيد، مشيرا في هذا الصدد إلى أنّ مشروع القانون يقع في ثلاثمائة وثمان وتسعين مادة.

واستعرض رئيس اللجنة في مداخلته الجهود التي بذلتها اللجنة في مجال إعداد التقرير الخاص بمشروع القانون، آخذين بعين الاعتبار أهمية المشروع وطبيعته، متمنيا في هذا الصدد أن تضيف ملاحظات اللجنة وما سعت إليه من إضافة أو تعديل في الإسهام وفي إثراء للمشروع والوصول به إلى درجة أعلى من الاتقان. وقال: نظرت اللجنة في تقرير مجلس الشورى، واتفقت مع بعض التعديلات، واختلفت مع أخرى، ولم تختلف مع مجلس الشورى إلا لوجود أسباب جوهرية دعت إلى ذلك، بما تقتضيه مصلحة المشروع.

ولفت رئيس اللجنة إلى أنّ اللجنة ترى من الأهمية بمكان أن تضيف الحكومة إلى مشروع القانون باباً أو فصلاً مُستقلاً للتدابير الاحترازية على نحو ما أوضحته مقدمة تقرير اللجنة. وتشير المقدمة إلى الأسس التي استندت إليها اللجنة في إجراء تعديلات على مشروع لا سيما تخفيض الحد الأدنى للعقوبات في بعض المواد.

أهمية مشروع القانون

وأوضح المكرم زاهر بن عبدالله العبري مقرر اللجنة القانونية في مداخلته أهمية مشروع القانون قائلا إنّ قانون الجزاء صدر عام 1974م، بمعنى مضى على صدوره اثنان وأربعون عاماً جرت خلالها تطورات كثيرة في عالم الجريمة كما حصل تطور على مستوى العالم في فلسفة الجريمة والعقاب كما في السياسة الجنائية؛ الأمر الذي يقتضي أن يعاد النظر في قانون الجرائم الحالي فكان هذا المشروع لقانون جزاء جديد، ليأتي هذا المشروع شاملاً لمبادئ التشريع الجنائي الحديث للأحكام العامة لفلسفة التجريم والعقاب كما جاء مغطياً لكل أنواع الجرائم التي استجدت في عالم الجريمة. وأشار مقرر اللجنة إلى أنّ المشروع يقع في (398) مادة منها مبادئ عامة وأحكام كلية تسري على جميع الجرائم ليست الواردة في قانون الجزاء نفسه فحسب بل تنطبق على جميع الجرائم والعقوبات حتى تلك الواردة في القوانين الأخرى وهو ما يعرف في الفقه الجنائي بالقسم العام من قانون الجزاء في مقابل القسم الخاص الذي يحدد لكل جريمة أركانها والأفعال المكونة لها والعقوبة المناسبة.

جدل حول المادة 44

وشهدت الجلسة الجدل في بعض المداخلات خاصة في المادة (44) من القانون، وتنص المادة على أنّه "لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالا لحق أو قياما بواجب مقرر بمقتضى القانون" وجاء تعديل مجلس الشورى "أنّه لا جريمة إذا وقع الفعل بحسن نية استعمالا لحق أو قياما بواجب مقرر بمقتضى القانون، بحيث برر الشورى استبدال عبارة (بحسن النية) بعبارة (بنية سليمة) لأن مصطلح (حسن النية) من العبارات الدارجة بين رجال القانون وقد سبق استخدامه في المشروع في مواد أخرى.

واتفقت اللجنة القانونية مع رأي مجلس الشورى باستبدال عبارة (بحسن النية) بدلا من عبارة (نية سليمة) وارتأت اللجنة تثنية كلمة (مقرر) لتكون (مقررين) لتعود على الحق والواجب، ولكي لا يفهم من الصياغة الواردة بالمشروع أنّ الواجب فقط هو المقرر بموجب القانون دون الحق، والذي يجب أن يكون هو كذلك (أي الحق) مقررًا بموجب القانون، كما ارتأت اللجنة أن يتعيّن تضمين المادة أمثلة لاستعمال الحق لتكتسب الصفة القانونية التي تجعلها من أسباب الإباحة وذلك أسوة بما تتضمنه نصوص القوانين الجزائية في التشريع، بحيث تكون صياغة المادة على النحو التالي "لا جريمة إذا وقع الفعل بحسن نية استعمالا أو قياما بموجب مقررين يقتضي القانون".ودار استعمال الحق فيما تمت مناقشته بين الأعضاء، بأربع نقاط أولها تأديب الآباء ومن في حكمهم للأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا وقانونا، وممارسة الأعمال الطبيّة متى تمّت وفقا للأصول العلمية المتعارف عليها في المهن الطبية المرخص بها، وبرضا المريض أو من ينوب عنه، صراحة أو ضمنا، أو إذا كان التدخل الطبي ضروريًا في الحالات العاجلة التي تقتضي ذلك، أو كان المريض في ظروف تجعله لا يستطيع التعبير عن إرادته وكان من المتعذر الحصول في الوقت المناسب على رضا من ينوب عنه. وأعمال العنف التي تقع أثناء ممارسة الألعاب الرياضية في الحدود المقررة للعب، ومع مراعاة قواعد الحذر والحيطة، إلى جانب أعمال العنف التي تقع على من ارتكب جريمة متلبسا بها، بقصد ضبطه، وذلك بالقدر اللازم لهذا الغرض.

وعقّب عدد من المكرمين على استعمال الحق في تأديب الآباء ومن في حكمهم للأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا، والكيفية التي يمكن من خلالها تحديد ومعرفة معيار حسن النية، خاصه إذا تجاوز الأمر العنف والاضطهاد بما يتفق مع منظمات حقوق الطفل.

ويواصل المجلس اليوم مناقشة ما تبقى من مواد مشروع القانون تمهيدا لاعتماده، كما يطلع خلال جلسته على بعض التقارير المقدمة من عدد من المكرمين الأعضاء حول مشاركاتهم الخارجية، وعلى بعض الرسائل الواردة للمجلس من الجهات المعنية، إلى جانب الاطلاع على تقرير الأمانة العامة حول أنشطة المجلس للفترة الواقعة ما بين الجلسة العادية السابعة والجلسة العادية الثامنة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة السادسة.

وبناء على الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ تعقد غدا جلسة مشتركة بين مجلسي الدولة والشورى، برئاسة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، لدراسة وإقرار المواد محل الاختلاف بين المجلسين في مشروعات التعديلات المقترحة على قانون ضريبة الدخل، وقانون استثمار رأس المال الأجنبي وقانون شركات التأمين.

تعليق عبر الفيس بوك