مشاريع تخرج بأفكار إبداعية

خلفان العاصمي

فكرة أن يكون مشروع التخرّج للشهادة الجامعية الأولى ذا بعد تطبيقي يخدم فئة معينة من أفراد المجتمع من خلال مراحل تتخللها عمليات تدريب وتأهيل وتقديم معلومات ومعارف تعين المستهدفين من المشروع؛ أجدها فكرة جيدة ومحفّزة للطرفين - المنفذين والمستهدفين- وتقدم نمطا جديدا من أنماط مشاريع التخرج التطبيقية موازية للمشاريع البحثية الأخرى التي قد تتطلبها بعض التخصصات الأكاديمية.

الفكرة تتمحور حول تنفيذ مشروع ينفذ عبر عدة مراحل، ويستهدف فئة محددة من أفراد المجتمع - ليسوا بالضرورة من طلاب المؤسسة التعليمية ذاتها- ويقوم على تنفيذ المشروع طالب أو مجموعة من الطلاب هم في سنة التخرج من ذات التخصص تحت إشراف أكاديمي.

قبل أن أتحدث عن ثلاث تجارب نفذت مؤخرا في جامعة السلطان قابوس ومن خلال طلاب شعبة العلاقات العامة والإعلان بكليّة الآداب والعلوم الاجتماعية سأتحدث عن تجربتي إبّان دراستي للإدارة التربوية وكمشروع للتخرج كان من ضمن شروطه خدمة الإدارة المدرسية في أي جانب من جوانب العملية التعليمية سواء التحصيل المدرسي أو تنمية مواهب الطلاب أو دعم الإدارة المدرسية، ونظرا لطبيعة عملي الإعلامية قررت وبعد التشاور مع المشرفة الأكاديميّة على المشروع أن يكون مشروعي موجها للموهوبين في مجال التقديم الإذاعي المدرسي وبمسمى (الطالب المذيع)، ونبعت فكرته من أهميّة الاهتمام بالطلاب الموهوبين في مجال التقديم الإذاعي وتنمية موهبتهم وصقلها ومن ثمّ إبرازها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، كما كانت من ضمن أهداف المشروع أن يساهم وبشكل غير مباشر في رفع المستوى التحصيلي للطلاب وإثرائهم لغويًا من خلال المحاضرات التي قدمت لهم في مجال الإلقاء والتحدث بالفصحى وسلامة النطق ومخارج الحروف وكذلك زيادة الثقة في نفوس الطلاب والاعتزاز بذواتهم من خلال التدريب على مواجهة الجمهور وإدارة الحوار، وتم تنفيذ المشروع في ثلاث مدارس بمحافظة مسقط بواقع 30 طالبا وطالبة من الصف العاشر، وتم اختيار هذا الصف لتحقيق هدف آخر مرتبط بخدمة التوجيه المهني؛ كون أنّ الطلاب في هذا الصف عليهم اختيار المقررات الدراسية التي سيقومون بدراستها في الصفين الحادي والثاني عشر، وتمّ تنفيذ المشروع عبر مجموعة من المحاضرات النظرية وحلقات العمل التدريبية والزيارات لعدد من المؤسسات الإعلامية، ومما يثلج النفس أنّ تكون إحدى نواتج المشروع مقدمة برامج أطفال في تلفزيون السلطنة وآخرون يشقون طريقهم الدراسي وربما يتجهون للعمل الإعلامي بعد ذلك.

ثلاثة مشاريع عبارة عن مسابقات اختتمت الأسبوع الماضي ضمن فعاليات ملتقى الإبداع الإعلامي بجامعة السلطان قابوس تدور في إطار مشاريع التخرج التي تخدم فئات مختلفة من المجتمع وابدأ في الحديث عن مسابقة (وهج) لذوي الإعاقة حيث استهدفت هذه المسابقة أشخاصًا من ذوي إعاقات مختلفة، ذهنية أو سمعية أو بصرية أو جسدية حيث تمّ التواصل معهم عبر المؤسسات المعنية عن ذوي الإعاقة ومن ثمّ شُرحت لهم فكرة المسابقة، والتقت معهم لجنة التحكيم المكونة من مختصين في تنمية الذات والمحفزين والمتخصصين في مجال الموهبة وتم توجيههم بشكل علمي لإبراز مواهبهم وتقديمها بالصورة الفضلى أمام الجمهور عبر مرحلتين؛ أوصلتهما للمرحلة النهائية التي تُوِّج من خلالها الفائزون.

المشروع الآخر حمل اسم (من خارج الصندوق)، وجه لدعم أصحاب الابتكارات العلمية من طلاب المدارس وانقسمت مسابقته إلى ثلاث فئات حلقة أولى وحلقة ثانية وما بعد الأساسي وخصصت لكل فئة جائزتان لأفضل فكرة وأفضل ابتكار منفذ.

مشروع التخرج الثالث كان نسخة ثانية لمسابقة أطلقها خريجو نفس التخصص في العام الماضي وهي مسابقة أفضل مراسل تلفزيوني التي استهدفت الموهوبين في مجال المراسلة التلفزيونية من مختلف القطاعات سواء الدراسية أو الوظيفية في المرحلة العمرية ما بين 17 لـ 35 سنة وبلغ عدد المسجلين إلكترونيا 185 متقدمًا خضعوا لامتحان تحريري ومراحل أولية لاختيار 5 متسابقين للمرحلة النهائية وأيضا عبر لجنة تحكيم مختصة في المجال الإذاعي والتلفزيوني واللغوي.

من خلال متابعتي لهذه المسابقات أجدها مهمة جدا في تنشيط الكثير من الجوانب الخاصة برعاية الموهوبين ودعمهم وتقديمهم للمجتمع بصورة جميلة وعبر صرح تعليمي رائد ولعلّ حماس الطلبة المنفذين لهذه المسابقات ورغبتهم في إظهارها بالشكل الرائع - بعيدا عن حساب درجات التقييم الأكاديمي- من خلال التسويق الجيد لها عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي وكذلك استقطاب أسماء بارزة سواء في جانب تأهيل وتدريب المتسابقين أو من ضمن لجان التحكيم وأيضا دعوة المعنيين والمهتمين بمجالات المسابقة لحضور الحفل الختامي مع دقة في التنظيم كل هذا يدل على حرص هؤلاء الطلبة بإخراج هذه المسابقات بالشكل الذي يليق بها.

مع هذا الحرص من المنظمين وهذا الناتج الجيّد من المتسابقين يبقى هنا الدور على الجهات المعنيّة بشكل مباشر عن مثل هؤلاء الموهوبين سواء مؤسسات حكوميّة أو خاصة أو أهليّة في عملية تبني هذه المواهب والأخذ بيدها نحو تحقيق غاياتها فهي قدمت لهم بعد أن تمّ تمحيصها وغربلتها وبعد أن خضعت لتأهيل وتقييم جعل منها منتجا يبحث عن الدعم والتسويق، أيضارسالة أهمس بها في أذن مؤسسات القطاع الخاص بألا تتردد في دعم مثل هذه الأفكار من مسابقات لأّنها ستخدم الوطن من خلال أبنائه في مختلف مجالات الموهبة.

تعليق عبر الفيس بوك