كتاب وأدباء: المعرفة جديرة بالقضاء على المشكلات الإنسانيّة..والكِتاب العماني قمين بالانتشار العالمي

لفتوا إلى قلة الإصدارات العمانية

-السالمي: أعداد دور النشر لا تتناسب ومسيرتنا الحضارية.. والكتاب الإلكتروني تطوّر طبيعي

-الكلبانيّة: طلابنا لا يقرأون غير مقرراتهم الدراسية وبرامج التواصل الاجتماعي تنهب وقتهم

-رشا أحمد: ما زلنا نحتاج سنوات وسنوات ليحظى الكاتب بحقوقه الأدبية

العبري: الكتاب الورقي أكثر حميمية من الإلكتروني ولا تشعر معه بجمود الصفحات

أجمع عدد من الكتاب والأدباء أنّ الكتب تمثل المدخل الحقيقي نحو المعرفة، وأن العلم هو السبيل الوحيد للقضاء المشكلات الإنسانية وأبرزها الفقر والحرب، وأضافوا أن اليوم العالمي للكتاب والذي يصادف الـ 23 أبريل من عام مناسبة للتذكير والتشجيع على أهمية القراءة في الارتقاء بالشعوب ونهضة الأمم، بالإضافة إلى أنها تسلط الضوء على عملية النشر وكم المكتبات وحقوق المؤلف.ودعوا في استطلاع لجريدة "الرؤية" بهذه المناسبة إلى رفد المكتبة العمانية بمختلف المجالات والعلوم، لافتين إلى أنّ المنجز العماني ما زال ينقصه الكثير في عصر يتسم بتدفّق حجم الإنتاج المعرفي، مشددين على ضرورة أن يجد الكتاب العماني حقه من الانتشار والتواجد في دور العرض المتخصصة.

أجرته - مارية البيمانيّة

ويوضح الكاتب والشاعر إبراهيم السالمي إنّ اليوم العالمي للكتاب مَعني به الكاتب المؤلف والناشر والقارئ، وكل واحد من هذه الأطراف له ما يعنيه من معاني الاحتفاء بهذا اليوم، فالكاتب يستعيد أهمية أن يضع إصداره على رفوف المكتبات وبين أيادي القراء ليوثق إبداعه ومراحل من تجربته في مسيرة الكتابة والتأليف. وبالنسبة للناشر هي مناسبة مهمة ينبغي له أن يستقرئ كما ونوعا ما أنتجته مؤسسته خلال العام الواحد، وأن يرصد الجودة التي ينبغي أن يكرم بها الكتاب عند إخراجه إلى الوجود. أما للقارئ فهو فرصة حقيقية لتقييم الكم الهائل من الكتب التي تنشر سنويا وبخاصة تلك الكتب التي تصيب المكتبات بالتخمة وزيادة العدد لا أكثر.

وفيما يخص الكتاب الإلكتروني أشار السالمي إلى أن هناك ضجيجا عارما لدى الجيل المخضرم الذي يعد همزة الوصل بين أجيال الكتاب الورقي وجيل الكتاب الإلكتروني، ولكن من وجهة نظري الشخصية أنّها سنة الحياة وأن طبيعة البشر المدنية تنحو غالبا نحو الجديد في كل حياة وسوف ينتصر الكتاب الإلكتروني شئنا أم أبينا في السنوات القادمة بناء على الوسائط والوسائل التي يعيش بها هذا الجيل، ومن يدري لعلنا في الأجيال القادمة قد نتساءل عن الغلبة بين جيل الكتاب الإلكتروني وجيل جديد يستحدثه تطور الحياة المستمر.

أمّا أنا شخصيا فصرت أميل إلى الكتاب الإلكتروني كما أنني صرت أكثر تفاعلا عند الكتابة الإلكترونية، ولكن مع اللذة الخاصة التي أجدها في الكتاب الورقي في بعض الأحايين؛ إلا أنني أرى أنّ المكتبة التي بهاتفي وبجهاز الأيباد تغنيني في حلي وترحالي عندما أود القراءة دون التحجج بالزمان أو المكان.

قلة الإصدارات العمانيّة

وحول انتشار الكتاب العماني في دور النشر والمعارض يقول السالمي: إنّ الكتاب العماني للأسف لم يوف حقه، لا في سالف الأزمان ولا في حاضرنا، وعند الاطلاع على الإحصائيات في هذا الجانب نصاب بالدهشة الحقيقية التي تتضح صورتها عند معرفة أعداد دور النشر العمانية التي يمكن من خلالها تسويق الكتاب العماني ومضاعفة عدد الإصدارات كل عام.

هناك شح في الإصدارات العمانية، ونسبة كبيرة جدًا من المنشور منها فهي عن طريق دور نشر من خارج عمان، إلا أنني أيضا أود الإشادة ببعض المبادرات التي تستحق أن يسلط عليها الضوء كمبادرة النادي الثقافي ومبادرة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وأيضا بعض مبادرات القطاع الخاص كمبادرة "اقرأ" التي أطلقتها مؤسسة الزبير دعما للكاتب والكتاب العماني، وذلك من خلال نشر المكتبات العمانية في الأماكن العامة مخصصة بذلك للكتاب العماني لتقريبه من القراء والتعريف بالكُتاب والأدباء العمانيين وبإصدارات المكتبة العمانية.

ويتابع السالمي: للجمعية العمانية للكتاب والأدباء دور بارز في هذا المجال ويسير باتجاه تصاعدي، فعدد الكتب التي طبعت عن طريق الجمعية في العامين المنصرمين أفضل بكثير مما سبق، ولذلك تسعى الجمعية أيضا في استكمال المشروع ومضاعفة العدد، وتوسع المشروع في عدد أكبر من فنون الكتابة والتأليف وصنوفهما.

ويصف السالمي علاقته بالكتاب فيقول: علاقتي بالكتاب علاقة جيدة، أستطيع القول إنني أقل نشاطا عمّا كنت عليه أيام الدراسة الجامعية، ولكن أيضا في المقابل أصطحب الكتاب في حقيبة العمل اليومية وفي السيارة وعند سريري، فمتى ما كنت في جو ملائم للقراءة يكون الكتاب على مقربة مني، ولهذا أكون في الوقت الواحد أقرأ ثلاثة كتب متنقلا بينها حسب المكان الذي فيه الكتاب، إضافة إلى ذلك أنّ هاتفي وجهاز الآيباد غالبا في السفر والرحلات يسهلان لديّ المهمة للقراءة والاطلاع.

أما الروائية الدكتورة زوينة الكلباني فتقول: في ذكرىاليوم العالمي للكتاب نحن نلج دروب الحداثة ونتباهى بالأسماء الكونية التي نقرأ لها، أؤكد أننا محتاجون للعودة إلى أصالتنا، إلى تراثنا الفكري الإسلامي الذي غذى الحضارات الإنسانية بأطروحاته الفكرية. فهذا يحررنا من عقدة الشعور بالنقص أمام الثقافة الغربية.

وحول ما شعورها حيال ما رفدت به المكتبة العمانية خلال مسيرتها الأدبيّة تقول: ما زلت في أول الطريق ولديّ الكثير مما أود كتابته وطرحه، لي صوتي الخاص وأسلوبي المختلف في طريقة التناول، وأتمنى أن يكون منجزي فعلا إضافة للسرد وللمكتبة العمانية وبالثقل الذي وجدته، لقد قدمت ثلاث روايات لا أدري أين مكانها وموقعها بالمكتبة العمانية؟! فكل واحدة منها تُمثل تجربة مختلفة عن الأخرى؛ فالرواية الأولى ذاتية تغوص في معالم النفس البشرية وأغوارها، والثانية: في كهف الجنون تبدأ الحكاية وهي رواية تحلق في عوالم الفانتازيا، أمّا الرواية الثالثة الجوهرة والقبطان فهي تستلهم من قصة السفينة جوهرة مسقط بُعدها التاريخي.

دراسة المنتج المعرفي الراهن

وفي ما يتعلق بواقع المكتبة العماني تضيف: المكتبة العمانية ثريّة بموروثها القديم من المؤلفات والمخطوطات التي تتجاوز الألفي مخطوطة في علوم مختلفة، عدا عن تلك المؤلفات التي تكفلت جهات حكومية مختلفة بطباعتها وتحقيقها في العلوم الشرعية، واللغة العربية، والفلسفة، والتاريخ، والسير العمانية التي دونت في أزمان مختلفة؛ والتي تقدم ملامح من الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية والأيديولوجية لدى العمانيين في تلك العصور. أمّا في العصر الحالي الذي يتسم بتدفق حجم الإنتاج المعرفي فما يزال المنجز العماني ينقصه الكثير كمًا وكيفًا لرفد المكتبة العمانية في مجالات العلوم المختلفة.. فلو يتم إجراء مسح شامل للمنتج العماني وفهرسته وإحصائه في الألفية الثالثة سنجده متواضعًا وخجولا ومتركزًا في مجالات محددة، برغم التقدم التقني والإمكانيات المتاحة. وهذا يستوجب التفاتة جادة من المراكز الثقافية في السلطنة لدراسة المنتج المعرفي الراهن.

وتتابع الكلبانية: الكاتب غير مستفيد ماديًّا من كتاباته فنحن بالخليج ندفع للنشر، الربحية مسألة تتوافق وغايات أصحاب دور النشر، المهم أن يصل الكتاب وتتسع دائرة انتشاره، والقارئ بلغ من النضج مرحلة يستطيع تمييز المقروء فيها، وله ذائقته ومعاييره الخاصة التي لا يستهان بها، وحول انتشار ثقافة القراءة والاطلاع بين الشباب تشير الكلبانية إلى أنها أجرتالعام الماضي استطلاعًا على مجموعة من طلابها بكلية الآداب في جامعة السلطان متطلب اللغة العربية، بثلاث شعب دراسية ويزيد عددهم عن تسعين طالبا من كليات وتخصصات متباينة وبسنوات دراسية مختلفة، حول قراءاتهم الخارجية، وأنّها صدمتُ بالنتيجة التي كان مفادها أنّ الطلاب لا يقرأون غير مقرراتهم الدراسية؛ لافتة إلى أنّ برامج التواصل الاجتماعي تنهب وقتهم.

من جانبها تقول الشاعرة رشا بنت أحمد حول حق الكاتب الأدبي أننا مازلنا في الوطن العربي نحتاج سنوات وسنوات ليحظى الكاتب بحقوقه الأدبية. فمازلنا بعيدين جدا عن الإنصاف. وأشادت رشا بالجمعية العمانية للكتاب والأدباء ودورها الهام في نشر الثقافة عن طريق تبني الإصدارات الشابة ودعمها. وأيضا عن طريق الفعاليات الثقافية والندوات واستضافة كُتاب من كافة أرجاء الوطن العربي، وكذلك اهتمامها بعقد ورش الكتابة ودعمها للكتاب ونشره بمختلف أرجاء الوطن العربي.

وحول الاختلاف بين حميميّة الكتب الإلكترونية والورقية يوضح الأديب خليفة بن سلطان العبريأنفي المضمون ليس هناك اختلاف، لكن الكتاب الورقي أكثر حميمية فأنت تحمله معك في كل مكان لا تشعر معه بالجمود الذي من الممكن أن يشعر به القارئ مع الصفحات الإلكترونية.

ويقول العبري عنالواقع المكتبي العماني إنهقبل سنوات وقبل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بل وقبل أدوات البحث الإلكترونية، كان ممن طالبوا بوجود مكتبة عامة في كل ولاية، لكن الوضع تغيّر الآن بحكم أنّ كل شخص أصبح يحمل مكتبته في يده.

وفي معرض سؤالنا حولتعامل البعض مع الكتب على أنّها سلعة ربحية وليست أداة تثقيف أوضح أنهيجد العذر لمن يكون الكتاب هو مصدر دخله الوحيد، لكن إنسانيًا يميل إلى تنزيه الكتاب من معادلات الربح والخسارة لتصبح رسالة المشتغلين عليه إنسانية نبيلة فقط.

وعن علاقته بالكتاب يحدثنا العبري: علاقتي بالكتاب قديمة تعود لسنوات الطفولة، منذ بدأت تعلم القراءة كان لديّ دافع غريب يدفعني لقراءة كل ما أراه أمامي، كتبي المدرسية، كتب التراث والدين في رفوف بيتنا القديم ومن ثمّ المجلات والصحف التي بدأ والدي أطال الله في عمره يأتي بها إليّ عند سفراته إلى مسقط. لكن الكتب الحقيقيّة التي يمكن أن أشير إليها هنا، والتي أخذت دور المحفز لي على التنفس الكتابي هي دفعة إصدارات الروائي نجيب محفوظ الذي أتى لي بها أحد أبناء قريتي عندما سافر للدراسة في مصر كأول بعثة تعليميّة من قريتي. بعدها كان كل صيف من الإجازة المدرسية هو فرصتي للتفرّغ للبحث عن الكتب والعزلة معها حتى أصبحت عند أي سفر أول مكان أبحث عنه هو المكتبة فالكاتب خِلي الوفي.

تعليق عبر الفيس بوك