خلفان الطوقي
تداول عدد كبير من العُمانيين قبل عدة أيام في وسائل التواصل الاجتماعي استثمارات الشركة العملاقة "مجموعة شركات الفطيم" وتنامي استثماراتها في السلطنة والجميع استبشر بها خيراً ورحب بها، فكما هو معروف فإنّ مجموعة الفطيم التي تتملك استثمارات ضخمة في 30 دولة وعدد موظفيها يزيد عن 41 ألف موظف وتضم تحت مظلتها حوالي 200 شركة لم يكن قرار استثمارها في السلطنة محل صدفة أو مجاملة أو قرار شخصي، إنما أتت بعد دراسات جدوى عميقة والنظر بتمحص في الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية والمحاسبية وغيرها من الأبعاد التي تضمن لهم حساب المخاطرة والربح والخسارة، هم وبعض رجال الأعمال والصناديق الاستثمارية الخاصة والحكومية، وأقصد هنا الاستثمار الخارجي وخاصة الخليجية منها ممن أقدم ليستثمر ويضع جزءًا من محفظته الاستثمارية في السلطنة يجعلنا نتساءل، كيف أقنعوا الحكومة العمانية بالشراكة الاستراتيجية طويلة المدى، محاولا في هذه السطور طرح عدة تساؤلات ومقترحات لعلها تضع بعض النقاط على الحروف.
تسعدنا الاستثمارات الخارجية المُباشرة، ونتمنى زيادتها ونستبشر بها خيرًا، وعلى الحكومة أيضًا تشجيعها وتسهيل وجودها بيننا، لكن العامة من النّاس يتساءلون ماذا عن القطاع الخاص العماني، فبالرغم من وجود شراكات إستراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص "العمانية العمانية" لكنها خجولة وتحدث في فترات مُتباعدة وتكون عادة من خلال طرح عام للأسهم، علماً بأن هناك أمثلة رائعة استطاعت من خلالها بعض الشركات العمانية جذب أموال خليجية ليس المقام مقام ذكرها لكي لا أشتت فكرة المقال.
تساؤلي يبقى حاضرًا، ما الذي يمنع الشراكات الكبرى بين القطاع الحكومي والخاص، أهو تخوف القطاع الخاص العُماني من المغامرة أو أنه لا يملك روح المبادرة والقيادة وينتظر أن تكون المبادرة من الحكومة، أو أنه يسعى للربح السريع ولا يستطيع الانتظار الطويل أو لتخوفه من الشراكة أو لا يؤمن بهكذا مفاهيم، أو أنّ لديه طرق وأولويات استثمارية أكثر سهولة من غيرها كالودائع البنكية أو اﻷسهم أو السندات بفائدة ثابتة ومضمونة، إما أن التقصير يكون من القطاع الحكومي الذي لا يستشير التاجر المحلي، ويؤمن بالمستثمر الأجنبي أكثر من المحلي لخبرته الطويلة أو قوته وسمعته في السوق العالمي أو معرفته الاستثمارية والفنية والمعرفية أو قناعة الحكومة بسهولة التعامل مع اﻷجنبي مقارنة بالمحلي أو أيّ سبب آخر نجهله.
عموماً، وبغض النظر عن أين الخلل وممن التقصير ومحاولة رمي المسؤولية على طرف دون آخر، ألم يحن الوقت للاستفادة من الودائع البنكية التي وصلت لرقم قياسي والتي تقدر بمبلغ (17.8) مليار ريال عُماني أي حوالي (68.5) مليار دولار أمريكي تشكل حوالي 67% للأفراد كودائع في البنوك العمانية، دون حساب الودائع في البنوك الخارجية، ألا تستطيع الحكومة أن تُعيد تجربة الموج كمثال ليكون عمانياً عمانياً وبشروط ومواصفات عالمية تتصف بالربحية، أليس بإمكان الحكومة أو تجارنا إقناع أحدهما الثاني بإنشاء تكتل عماني وبمغريات مناسبة واستثنائية ليذهبوا سوية إلى منطقة الدقم ويكون الرابح فيها الجميع، ألم يحن الوقت لتجتمع الصناديق التقاعدية الحكومية والصناديق الاستثمارية الخاصة والشركات العمانية والجلوس معاً تحت سقف واحد للسعي للخروج من عنق الزجاجة والدوران في حلقة مفرغة وإيجاد فرص استثمارية مجدية ومربحة.
دعوتي للتكتل والاستثمار المشترك لا يقصد بها رد الجميل لأحدٍ، ولكي لا يساء فهم فكرة المقال إنني لا أشجع الاستثمار الخارجي المباشر، إنما أقصد الفائدة المشتركة والإضافية للطرفين بعيداً عن العواطف، وبعيداً عن الطرق التقليدية للاستثمار، الجميع وعامة الناس يترقبون نقلة نوعية وقفزة ضخمة وجرئية يسمع صداها في كل مكان، وبها نستطيع إقناع مستثمرينا بتحرير بعض ودائعهم، واجتذاب اسثتمارات إضافية خارجية لعُمان من البعيد قبل القريب.