ورش توعوية ومعارض عن العمارة العمانية ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للتراث

"التراث والثقافة" تنفذ مناشط منوعة في مختلف المواقع الأثرية بمحافظات السلطنة

 مسقط - الرُّؤية

تُنفِّذ وزارة التراث والثقافة عددا من المناشط والفعاليات في مختلف المحافظات، في إطار احتفالاتها باليوم العالمي للتراث؛ حيث تنظم المديرية العامة للآثار والمتاحف، اليوم، ورشة عن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية بالمديرية العامة للجمارك بشرطة عمان السلطانية، إلى جانب معرض عن العمارة العمانية بالمركز التجاري "أفنيوز مول" لمدة يومين، ويتضمن مشاهد من التراث العماني وعرضا للدراسات التوثيقية ومرسما للأطفال وزيارات افتراضية لمعالم تاريخية باستخدام تقنية الأوكولوس، كما تنفذ المديرية العامة للتراث والثقافة بحمافظة ظفار احتفالية بولاية شليم وجزر الحلانيات، وتنفذ دائرة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية معرضا بعنوان عين على التراث بمركز نزوى الثقافي يبرز جهود الوزارة في قطاع التراث ومحاضرات وزيارات علمية لموقع سلوت الأثري وعدد من المواقع الأثرية.

نيابة سناو بالمضيبي تضم سلسلة من المدافن الأثرية تعود لفترات زمنية مختلفة

المضيبي - الرُّؤية

تضمُّ نيابة سناو بولاية المضيبي الكثيرَ من حقول المدافن الأثرية التي تمتد لمسافات كبيرة في عمق الصحراء، وتعود إلى فترات زمنية مختلفة، امتدتَّ إلى ما بين نهاية الألفية الرابعة إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. ويرجع سبب الاستيطان فيها إلى توافر المياه نتيجة مرور عدد من الأودية القادمة من جبال الحجر المتوجهة إلى عُمق الصحراء، إضافة إلى وقوعها على مفترق ما بين المناطق الزراعية في جبال الحجر والمناطق الصحراوية.

وتمَّ إجراء مسوحات وتنقيبات أثرية في عدد من هذه المقابر الاثرية؛ من أهمها: مقابر تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وتحديدا إلى الحقبة الانتقالية ما بين فترة حفيت وفترة أم النار، ومقابر تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد وضمَّت العديد من اللقى الأثرية كالفخاريات وأواني الحجر الصابوني.

ومن أبرز الاكتشافات الأثرية التي عُثر عليها: قبرٌ يعود إلى نهاية العصر الحديدي (300 قبل الميلاد) ضمَّ رفات رجل توفِّي في عمر الخمسين دُفن مع أسلحته الشخصية ودُفن بالقرب من قبره جملان (ذكر وأنثى) تمَّت التضحية بهما بعد وفاة صاحبهما وتم دفنهما في حفرتين بطنت جدرانهما بالحجارة. وقد دفن الرجل على جانبه الأيمن ومعه سيف طوله 88 سم، إضافة إلى خنجرين ورداء وقبعة من الصوف. ووضع السيف أمام الميت ومقبضه باتجاه الوجه مباشرة والمقبض مغطَّى جزئيًّا بمادة العاج وصنع على شكل منقار نسر. كما وضع الخنجران على خصر الميت من الجانب الأيمن والأيسر.

وصُنع السيف والخنجران من مادة الحديد وبطنا بالفولاذ، ويعتقد أن مصدر أسلوب هذه الصناعة يرجع للحضارة الهندية التي ربما صنعت أول السيوف الفولاذية في العالم وانتشرت منها إلى الحضارات المجاورة ومنها عُمان. ويبدو أن الميت الذي دُفن في القبر كان من عِلْية القوم، ويُحتمل أنَّه كان زعيم القبيلة وهذا ما دل عليه السيف الذي دُفن مع الميت والرداء الذي يلبسه والجملان. ومن خلال دراسة بقايا المواد العضوية، يُلاحظ أنَّ الميت دفن ورأسه موضوع على وسادة ويرتدي حذاء من الجلد وبالقرب منه وضعت قبعته المخروطية المصنوعة من الصوف، إضافة إلى إناء من البرونز وضع عند جانبه الأيسر.

 

الدراسات الأثرية توثق ما تتميز به الحارات العمانية من عناصر معمارية فريدة

الرُّؤية - خاص

تُثبت العديد من الدراسات الأثرية أنَّ النسيج العمراني لمختلف الفترات التاريخية في السلطنة يتميز بالاستمرارية ويدلل على أصالة العمارة التقليدية العمانية. وتشير تقارير البعثة الإيطالية العاملة في موقع رأس الحمراء بالقرم -الذي يرجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد- إلى وجود نمط سكني يقوم على المنزل المفرد الدائري، والحارة بشكلها المعروف حاليا ظهرت بشكل واضح في موقع رأس الحد ورأس الجنز منذ الألف الثالث قبل الميلاد، ويعتبر الموقعان خير مثال لبداية نشوء الحارات متعددة المرافق، الموقعان يضمان مجموعة من البيوت في نطاق واحد لها مرافق واضحة الحدود، بل إن الموقعين يضمان أقدم دليل لاستخدام الإنسان للطوب المستطيل الشكل في السلطنة.

ويعكس موقع منال الذي يرجع إلى الألف الثاني قبل الميلاد نمط الحارات المبنية بالحجارة على ضفاف الأودية، ويمثل موقع سلوت بولاية بهلا الذي يرجع إلى الألف الأول قبل الميلاد الحارات المبنية فوق المرتفعات والنتوءات الصخرية، ويضم الموقع عناصر معمارية ماثلة في الحارات القائمة كالسلالم والدهاليز والأسقف المرتفعة، إضافة إلى سماكة الجدران والطوب المستخدم في تشييد الحارة.

وتعدُّ الحارات العمانية من أهم مفردات التراث الثقافي للسلطنة، وتشكل بما تحتويه من مفردات معمارية وتاريخية سجل لإنجازات الإنسان ودليل على تقدمه الحضاري، وتبقى القرى الأثرية الذاكرة الحية والمعين الذي تستلهم منه الأجيال اللاحقة ثقافتها وأصالتها، كما أن المحافظة على المدن والقرى الأثرية بالسلطنة يعني المحافظة على العادات والتقاليد والقيم العمانية الأصيلة.

وتشترك الحارات في سمات عامة؛ أهمها: التشابه في التخطيط وأسلوب البناء ومواده، وذلك بالرغم من الاختلاف في حجم وتعدد المرافق طبقا لموقع كل حارة ومواد البناء المستخدمة في تشييدها، ويمكن إجمال تلك المرافق في المنشآت العامة كالمجالس "السبل" ومداخل الحارة الرئيسية "الصباح"، إضافة إلى حفرة التنور والعناصر الأخرى التي تتسم بالمنفعة المشتركة بين أهالي الحارة. والمنشآت الخاصة تتمثل في البيوت. والمنشآت التجارية ممثلة في المحلات التجارية والأسواق التقليدية. والمنشآت الدينية كالمساجد ومدارس تعليم القرآن الكريم. والمنشآت الدفاعية ممثلة في الأبراج والمداخل المحصنة والأسوار.


اكتشاف كنز من الأسلحة في موقع المضمار بأدم يعود للألفية الأولى قبل الميلاد

أدم - الرُّؤية

يُعدُّ كنز الأسلحة واحدًا من أهم وأندر الاكتشافات الأثرية الحديثة على مستوى السلطنة. والاكتشاف عبارة عن أسلحة نحاسية تتكون من خمسة أقواس وجعبتي سهام مصاحبتين لخناجر وفؤوس جميعها سليمة، على الرغم من مضي أكثر من 2600 عام عليها، وهي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على أقواس وجعب نحاسية؛ حيث جرت العادة العثور على سهام منفردة أو على شكل كومة ملتصقة مع بعضها وبدون جعب أو أقواس، وهذا الاكتشاف هو ثمرة للتعاون بين الوزارة وجامعة السربون الفرنسية الذي بدأ منذ 2011م في ولاية أدم، والذي هدف إلى التعرف على الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمعات القديمة التي عاشت في عُمان في العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي.

وعُثر على هذه المكتشفات الأثرية في موقع أثري شرق جبل المضمار بولاية أدم، وهو عبارة عن مجمع من 4 مبانٍ معزولة في الصحراء، حيث لا توجد مستوطنات بالقرب من هذا المجمع والذي شيد على حافة جبل المضمار ويطل على الصحراء، وهو موقع إستراتيجي واقع على طريق وادي حلفين. وقد بدأ التنقيب في هذا المجمع منذ عام 2015م، وتركز في المبنى 1 وهو أكبر مباني المجمع وتصل أبعاده إلى 8×15 مترًا، وبمساحة إجمالية تصل إلى 120 مترا، وهو مربع ذو توجيه شرق غرب ويحوي على 5 غرف، ومن خلال المكتشفات الفخارية والمعدنية التي عثر عليها بالمبنى تم تأريخه إلى العصر الحديدي الثاني   (900 إلى 600 قبل الميلاد)، ويبدو أن استخدامه استمر إلى ما قبل الإسلام أو ما يسمى فترة سمد (200 قبل الميلاد إلى 200 ميلادية).

والمخطط العام لهذا المبنى مستطيل، يتكون من 3 أجزاء، تضم المدخل والأروقة والغرف الملحقة والغرفة الرئيسية، ويطل المدخل مباشرة على ساحة وغرفة صغيرة بها مدخل صاعد يرتفع ثلاثة درجات، وعلى جانبي هذا المدخل غرفتين صغيرتين إحداها مستطيل والثانية مربعة الشكل، ويوصل هذا المدخل إلى الغرفة الرئيسية التي يبدو أنها غرفة الاجتماعات، وهي قائمة على عمودين في الوسط، وقد بني هذا المبنى من عدة مواد؛ حيث شيدت أساسات الجدران من حجارة جيرية من نفس جبل المضمار، وشيدت قاعدة أرضية المبنى بحجارة رملية بنية أو حمراء جلبت من شرق الموقع بمسافة 12 إلى 15 مترا، وقد بنيت الأجزاء العلوية من المبنى بالطوب اللبن. ويبدو أن هذا المبنى كان ذا أهمية لدى سكان الموقع في العصر الحديدي حيث بني بمواد ثابتة وفي مكان معزول لا توجد آثار مستوطنة تجاوره.

وعُثر على جميع الأسلحة على أرضية إحدى الغرف، ويبدو أنَّها كانت موضوعة على رفوف، إلا أنَّها سقطت مع الزمن نتيجة انهيار المبنى. ويبدو أن الأقواس وجعب الأسهم هي نماذج لأسلحة غير حقيقية؛ حيث إنَّ مقاستها أصغر من الأسلحة الحقيقة، كما أنَّها بالكامل مصنوعه من النحاس، وهنالك احتمال أن هذه الأسلحة كانت عبارة عن هدايا كان يتم تبادلها بين الناس، وكان يتم تعليقها على جدران هذا المبنى.

وتكشف التنقيبات الأثرية المستقبلية في المبنى والمباني المجاورة المزيد من المعلومات عن طبيعة هذا الموقع واستخدامات هذا المبنى والمباني المجاورة له ونمط الحياة لدى السكان في هذا الموقع في العصر الحديدي.



 

 

تعليق عبر الفيس بوك