منظومة الطرق .. في عاصمتنا السياحية.

العين .. الثالثة

د/عبدالله عبدالرزاق باحجاج

فجر الافتتاح الجزئي لجسر اتين حالة الاستياء المرتفعة للمواطنين في محافظة ظفار بسبب ما سببه من حالة ازدحام كبيرة - متوقعة مسبقا - على دوار عوقد والطرق المتفرعة عنه ، تصل حالة الانتظار لساعة في فصل السياحة الشتوية ، مما احدث تجاذبات ومشادات على وسائل التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة ، كما يتوقع الشئ نفسه عند افتتاح جسر ام الغوارف ، فالازدحام سوف يتركز على دوارات برج النهضة والنهضة ، أضافة الى عوقد ، فهل ينبغي أن ننتظر حدوث الازمات أم اقتحام المشاكل وعلاجها من جذورها وعدم اللجوء الى المسكنات التي تعودنا عليها في السنوات الماضية ؟ لا مجال للمسكنات بعد أن هزت مجددا الازمة النفطية اوضاعنا الداخلية ، وبعد أن تحددت الرؤية العمانية في العمل الجاد والشفاف لصناعة مصادر دخل فعالة كمساعدة وبديلة للنفط بعد فشل استراتيجية 2020 في تحصين اوضاعنا من مثل تلك الهزات ، فهل تعكس قضية الجسور بتطوراتها الجديدة الفكر الجديد - إن وجد- الذي ينبغي أن يدير المرحلة الجديدة بتجارب الماضي واستشراف المستقبل ؟

من هنا ، ينبغي التعاطي مع قضية الجسور والطرق في محافظة ظفار ضمن مشروع التنمية 2040، ومن منظور أن هذا الجزء من وطننا الكبير يعول عليه الان قيادة قاطرة السياحة في بلادنا بحمولة مردودها الاقتصادي على خزينة الدولة، إذن ، هل الحلول المؤقتة ستخدم مستقبل هذه السياحية ؟ وأين تكمن الاشكالية البنيوية التي يظهر نتائجها فوق السطح وهى في منأى عن الرؤية العامة ؟ وماذا ينبغي القيام به بعد أن ظهرت بوادر مستقبل الازمة المرورية ؟ تساؤلات سيظل بعضها عالقا ، وتكفي الاشارة اليها لدلالاتها ، الاهم هنا ، أن ننظر للقضية من زاويتين ، الاولى ، كيفية حل هذه المشكلة الكبيرة قبل الموسم السياحي لخريف 2016؟ والثانية مدى استجابة منظومة الطرق في ظفار لحركة التنمية في البلاد ؟ ونخص بالذكر مستقبل التنمية السياحية ، وبالتالي ، هل التحول السياحي المنشود ينبغي أن يقتصر على المرافق فقط إنما البنية التحتية كذلك وفي توقيت متزامن ؟ قد تناولنا قضية الجسور في حينها في مقالات سابقة، ونعلم خلفياتها ومستجداتها ، وقديمها وجديدها كلها تؤكد على استمرار نفس الاشكال الكبير بين المركزية واللامركزية ، الاولى ، تمثلت في اللجنة العليا لتخطيط المدن - المنحلة - والان ، في المجلس الاعلى للتخطيط ، والثانية ، لا يمكن حصرها في بلدية ظفار فحسب ، بل وفي مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار - سياتي التدليل لاحقا - وستظهر جهة ثالثة من خلال السياقات المقبلة ، ونجد بداية الاشكال في الدراسة الاستشارية للجنة المنحلة التي استغرقت اربع سنوات من (2007-2011) ولم تخرج بمرئيات شاملة لحل ازمة الاختناقات على شارع الرباط الذي يعد واجهة عاصمة السياحة /ظفار ، وكل ما اوصت به إقامة جسرين على دورين من مجموع خمسة دورات على شارع الرباط، هما ، أم الغوارف وتقاطع الرباط / اتين ، أي الحاليان ، والنتيجة ؟ ما يحدث الان من اختناقات وازدحامات على دوار عوقد بعد الافتتاح الجزئي لجسر الرباط/اتين ، فكيف تغافلت هذه الدراسة التي خسرنا عليه الالاف تلك الاشكاليات التي يتوقعها الانسان العادي ؟ ومن المفارقات كذلك ، اعتقاد اللجنة المنحلة أن مشاريع الازدواجية على شارع الرباط سوف ستحل مشكلة الازدحامات الجديدة على الدورات سالفة الذكر ، وهذا يعكس لنا عيوب التخطيط المركزي الجامد للتنمية الاقليمية ، وحتى في عهد المجلس الاعلى للتخطيط الذي جاء على انقاض اللجنة ، لم يتغير الجوهر رغم ايجابية نقل تبعات الجسور والطرق الداخلية للبلديات الاقليمية ، وهذه خطوة من حيث المبدأ ترسخ نهج الادارات المحلية الذي تتبناه بلادنا بعد تحولها لنظام المحافظات والولاة والمجالس البلدية المنتخبة ، لكن كان يفترض أن يتم تعزيز مراكزها التخطيطية ، والسماح لها بمراجعة خرائط الطرق والجسور التي اعدتها اللجنة المنحلة ، وينفتح المجلس الاعلى على مرئياتها الجديدة ، بدلا من الاصرار على تنفيذ الخرائط والتصاميم رغم ما فيها من عيوب واضحة - الدراسة الاستشارية واختلالاتها السافرة أنموذجا - وهذا جوهر الاشكال لقضية الازدحام الراهنة والمقبلة ،فما الحل ؟ ما تقوم به بلدية ظفار الان ليس هو الحل المثالي لحل الازمة ، وإنما هى محاولة منها لتخفيف من حالة الازدحام ، ففتح نفق بالقرب من جسر الرباط /اتين وعمل اشارات ضوئية على دوار عوقد هما خياران مطروحان من بلدية ظفار منذ أن رفضت اللجنة العليات لتخطيط المدن وبعدها المجلس الاعلى للتخطيط مرئياتها الجديدة للحل النهائي ، وبالتالي سنتفاجأ في خريف 2016بحالة ازدحام واختناقات كبيرة على شارع الرباط مما سوف يعيق الحركة السياحية كلها في صلالة ، ورفض المجلس الاعلى لم يكن مطلقا وإنما مسببا ومشروطا بأعداد دراسة مرورية لمحافظة ظفار ، ولا يزال الشرط قائما والوضع عالقا عند هذه الدراسة ، والمشكلة تتصاعد وتتعاظم ، فلماذا التأخير في هذه الدراسة إذا كانت بقية الجسور على شارع الرباط متوقفة عليها ؟ هنا تظهر جهة ثالثة في قضية الجسور ، وهى المشرفة على القطاع المروري ، فما هى مبررها لهذا التأخير ؟ كما أن رفض المجلس الاعلى للتخطيط اقامة حاجز اسمنتي على شارع الرباط لحل مشكلة خروج العربات عند الحوادث من حارتها لحارة الشارع المقابلة ، يفتح لنا اشكال جديد في علاقة السلطة المحلية مع المركزية ، فرغم أن الطلب مقدم من قمة هذه السلطة وهو معالي السيد وزير الدولة ومحافظ ظفار بعد تزايد الحوادث المأساوية على هذا الطريق ، الا أنه يقابل بالرفض ، لماذا ؟ هناك فرصة مواتية الان لإقامة هذا الحاجز في أطار مشروع ازدواجية الشارع عبر التفاوض مع الشركة المنفذة للازدواجية ، لكنه يحتاج للقليل من المال ، فهل نبخل به إذا كان ذلك سيخدم السلامة المرورية على هذا الشارع ؟

تلكم الاشكاليات كلها على شارع واحد فقط ، وهى تظهر في رغبة السلطة المحلية حل مشكلة الازدحام على شارع الرباط بصورة جذرية ، بينما لا يقابل ذلك تفهما من المركز التخطيطي ، فمن يحل هذا الاختلاف ؟ شرط الدراسة المرورية يغرق في التمطيط الزمني ، ومستقبل السياحة الاقليمية تضربها الاختناقات المروية ، من ، وكيف نحمل المجلس الاعلى للتخطيط على الموافقة على دراسة الحل الجذري المقدمة له منذ عام 2013؟ وهذا الاشكال على شارع واحد - رغم اهميته - يطرح مجموعات تساؤلات تأملية ، مثلا ، هل بقية شوارع العاصمة السياحية خالية من اية اشكاليات ؟ وهل هى تناغم مع مستقبل التنمية الشاملة عامة والسياحية خاصة ؟ التساؤلان يفتحان ملف منظومة الطرق في ظفار بمختلف ولايتها وعلى وجه الخصوص صلالة، ولابد من عمل دراسة شاملة يتزامن تطبيقها مع تطبيق خطة السياحة الجديدة لمحافظة ظفار ، إذ اننا لا نفصل في عملية التحول السياحي الجديد بين تكامل المرافق واستكمال البنية التحتية ، لأن هذا التزامن ينبغي أن يكون جزءا من مخطط مستقبل البلاد من المنظور المناطقي بعد ما حددت الاستراتيجية (14) منطقة سياحية على رأسها محافظة ظفار ، فمستقبل السياحة في بلادنا ستتوقف على وجود منظومة طرق متطورة مستقبلا ..للموضوع تتمة مستقبلا حول اشكاليات منظومة الطرق .

تعليق عبر الفيس بوك