زيدان ينجح في "اختبار" برشلونة.. والتكتيك "الهادئ" وتضييق المساحات يبطلان تعويذة "البرغوث"

الرُّؤية - أحمد السلماني

قَلَب ريال مدريد الطاولة على برشلونة في معقل الأخير وبثنائية مقابل هدف؛ فرغم التقدم لبرشلونة إلا أن شخصية الأبطال والتاريخ كان حاضرا ليعود الريال مجددا، وكان الشوط الأول من المباراة قد انتهى بالتعادل السلبي ثم تقدم المدافع جيرارد بيكيه بهدف لبرشلونة في الدقيقة 56، ولكن الريال رد سريعا بهدف التعادل عن طريق مهاجمه الفرنسي كريم بنزيمة في الدقيقة 62، قبل أن يحرز البرتغالي رونالدو هدف الفوز الثمين للريال في الدقيقة 85، وشهدت الدقيقة 84 طرد المدافع سيرخيو راموس من صفوف الريال لنيله الإنذار الثاني في المباراة. كما ألغى الحكم هدفا سجله غاريث بيل.

وبنظرة تحليلية، يقف عشاق الفريقين على الطريقة التي لعب بها الفريقين والمفاجأة التي زج بها زيدان وقلب بها موازين وسط الملعب بلعبه بالبرازيلي كاسيميرو الذي أدى دوره ببراعة كبيرة في غلق المساحات وتضييق الفراغات التي كانت موجودة في الكلاسيكو الفائت بين الألماني كروس ومودريتش.

فمنذ الدقائق الأولى للمباراة وضحت للغاية واقعية زيدان في تعامله التكتيكي مع المباراة، لعب بخطة 4-5-1 عند الحالة الهجومية، تنقلب إلى4-6-0 عند الدفاع، وعلى الجانب الآخر واصل لويس انريكي طريقته المعتادة مع برشلونة، 4-3-3 ثابتة ومعتادة، ويبقي فقط التدخل الفني في تغيير مراكز اللاعبين اثناء اللقاء، فتارة يذهب سواريز للأطراف ويدخل ميسي لقلب الملعب والعكس صحيح.

منذ الوهلة الأولى للمباراة تأكد للخبراء والمحللين صعوبة المهمة على البارسا، فعبقرية زيدان لم تكن فقط في طريقة اللعب، بل كانت في توظيفه للاعبين في الملعب وتحفظيهم ادوارهم الدفاعية ببراعة شديدة وقابل ذلك اللاعبين بحس تنفيذي عالي جدا.

رونالدو كان يقوم بمساعدة مارسيلو دفاعيا بشكل كبيرا جدا في الجبهة اليسرى، فيما أغلق جاريث بيل الجبهة اليمني تماما مع كارفخال، وهنا مكمن التوظيف الدقيق لقدرات اللاعبين من قبل زيدان مستفيدا من اللياقة والحالة البدنية الهائلة لدى كل من رونالدو وبيل وبالتالي شلل شبه تام للأطراف الكاتالونية وخاصة ألفيس وخوردي ألبا.

رُبما عندما تذكر أسماء مودريتش أو كروس نعتقد أنها الأهم في وسط الريال، ولكن في هذا اللقاء، كان أهم اسم هو البرازيلي كاسميرو الذي أعطى نبذة من ذلك المستوي الذي كان يقدمه تشابي الونسو قبل رحيله للباريرن وسهل ميسي من مهمة كاسيميرو عندما تركز لعبه في وسط الملعب ولم يميل للجهة اليمنى المعتادة له كثيرا؛ وبالتالي تم تقطيع أوصال وأضلاع مثلث الرعب الكاتالوني ميسي ونيمار وسواريز وللمرة الأولى نراهم فاقدين لحريتهم في التحرك في نصف ملعب الخصم، حيث تم تحجيمهم بطريقة رائعة تحسب لزيدان.

كما أنها المرة الأولى منذ سنوات، التي نرى فيها لاعبي الريال ثابتين أمام برشلونة، ولا ينجرفوا او يندفعوا للهجوم العشوائي، الذي ينتج عنه مساحات شاسعة في دفاعاتهم خصوصا عند الهجمات المرتدة كما حدث مثلا في لقاء الذهاب بالبرنابيوفكانت النتيجة الكارثية برباعية نظيفة للبارشا.

وفي المقابل، نرى أن إنريكي وقف عاجزا عن إيجاد حلول هجومية حيث جاء هدف البارسا على الريال من لعبة ثابة(ضربة ركنية) وطوال المباراة تقريبا ولأول مرة هذا الموسم نرى بيكيه عاجزا تماما عن مساعدة لاعبيه وإيجاد حلول فنية لخلخلة التنظيم الخططي للريال.

البارسا كان هو البادئ بالتقدم، ولكنه كان تقدما خادعا لان الفريق الكتالوني علي أرض الملعب لم يكن الفريق "الثابت فنيا"، وهدفه جاء فقط من مهارة فردية لمدافعه بيكيهفي حين فإن زيدان كان جاهزا بالخطة "ب"، وقتما يتقدم برشلونة في النتيجة، حيث تحولت طريقة اللعب فورا إلى 4-4-2 الصريحة بدخول رونالدو كمهاجم ثاني بجوار بنزيمة؛ فهدف التعادل المستحق جاء سريعا ومن هجمة منظمة، على عكس هدف برشلونة الذي جاء من ضربة ثابتة بعد الهدف، تأكد لاعبو ريال مدريد من نجاعة خطة مدربهم، وأخذت الثقة تذهب إليهم اكثر، على عكس مثلا لقاء الذهاب الذي لم يكد الفريق المدريدي يتلق هدفا أولا فيه حتي انفتحت دفاعاته وقتها ليتلقى الثاني والثالث والرابع.

روعة وواقعية زيدان الفنية أيضا تجلت في اختياره للتبديل الأول عندما قرر ادخال خيسي بدلا من بنزيمة، ليلعب البديل كرأس حربة صريح فيما يعود رونالدو للجبهة اليسرى ليعود لمساعدة مارسيلو دفاعيا، بهدف الحفاظ على التعادل، واذا ما سنحت الفرصة للفوز، فسيكون شيئا جيدا.

ورغم قرار الحكم إلغاء هدف صحيح لجاريث بيل بداعي وجود مخالفة، فلم يتأثر الريال وأحرز هدف الفوز وهو يلعب بـ10 لاعبين فقط بعد طرد راموس، والهدف الثاني للريال أيضا جاء من هجمة جماعية منظمة، انتهت عند رونالدو الذي تعامل مع الكرة بهدوء وصبر شديدين قلما نجد عليهما اللاعب البرتغالي في المعتاد.

والحقيقة أن المباراة كان لها نجمين: الأول كان مدرب المرينغي زيدان، وثانيهما كان لاعب وسط الارتكاز كاسيميرو في تحييده لميسي وخطورته وإغلاقه للمساحات ما قبل منطقة عمليات الريال.

تعليق عبر الفيس بوك