المنتدى الأدبي يوثق الأوراق البحثية المطروحة للنقاش في ندوة "بدية عبر التاريخ"

282 صفحة من القطع الكبير يحررها الباحث عوض اللويهي

الكتاب يضم 6 أوراق عمل حول موقع بدية وتاريخها المعاصر والمعالم الأثرية والفلكلور الشعبي

مسقط - العمانية

صدر عن مطبوعات المنتدى الأدبي كتاب "بدية عبر التاريخ" من إعداد وتحرير الشاعر والباحث العماني عوض اللويهي. ويأتي الكتاب توثيقا للأوراق البحثية التي ألقيت في الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي في ولاية بدية. ويقع في 282 صفحة من القطع الكبير ويضم بين دفتيه ست أوراق عمل وهي: ولاية بدية (الموقع والجغرافيا)، بدية منذ التأسيس وحتى التاريخ المعاصر، والمعالم الأثرية في ولاية بدية، وبدية في المصادر العربية والأجنبية، وقداسة الفرح: دراسة في الفلكلور الشعبي في ولاية بدية، وبدية في عصر النهضة.

ويقدم الباحث زاهر بن بدر الغسيني في بحثه (ولاية بدية الموقع والجغرافيا) رصدًا للأهمية التي يحتلها موقع بدية، وما يمثله هذا الموقع من رأسمال طبيعي؛ حيث تشكل ولاية بدية موقعًا وجغرافيا من كثبان رملية متناغمة على طول الولاية، وتعد بحكم موقعها الإستراتيجي وطبيعتها الجغرافية ومساحتها الشاسعة مما أسهم في التنوع والتباين الجغرافي لها وهذا مما ساهم في تميز الولاية؛ إذ تمثل بوابة الصحراء في محافظة شمال الشرقية. يتطرق الغسيني لتسمية الولاية ثم إلى أهمية الموقع الجغرافي ثم اقتصاد الولاية، ثم الغطاء النباتي في بدية. كما يعرج على ذكر أهم المقومات السياحية التي تشتمل عليها ولاية بدية وما يشكل هذه المقومات من الطقس والأفلاج والقلاع والحصون بجانب الكثبان الرملية.

ويستعرض الباحث محمد بن سعيد بن عامر الحجري أهم محطات تاريخ بدية في بحثه المعنون بـ (بدية منذ التأسيس حتى التاريخ المعاصر: أهم المحطات والأحداث والشخصيات التاريخية). وينطلق الباحث في بحثه من قناعة مفادها أن الحديث عن الشخصيات بعيدا عن سياق التاريخ وحركته سيفضي إلى كتابة سلسلة من التعريفات والتراجم المفردة والمنعزلة، وهو ما لا أتصور أنه أمر مناسب في ضوء قصور معرفتنا لهذا السياق، إذ نحن في أمس الحاجة إلى دراسة مكثفة وموجزة تضعنا أمام أهم المحطات والمنعطفات في تاريخ الولاية".

ولأجل تحقيق الهدف في إطاره العام عمد الباحث إلى رصد أهم محطات ومراحل تاريخ بدية وأحداثه المفصلية التي قد تبرز تلقائيا أهم الشخصيات الفاعلة فيها، واعتمد في ذلك على المراجع التاريخية التقليدية، والدراسات التاريخية الحديثة، إلى جانب استقراء الوثائق التاريخية المتاحة واستنطاق التاريخ المروي.

ويدخل الباحث إلى موضوعه من نقطة تأسيس بدية التي جاءت مصاحبة لفترة تاريخية قريبة من قيام دولة اليعاربة في 1034هـ من خلال شق عدد من الأفلاج، التي ساهمت في الاستقرار وقيام نشاط زراعي وتجاري في مراحل لاحقة. ثم ينتقل بعد ذلك لرصد حضور بدية في المراحل التاريخية التي جاءت بعد مرحلة التأسيس. كما زود الباحث ورقته بعدد كبير من الوثائق والصور التي تعزز طرحه في الورقة.

وتعد المعالم الأثرية في ولاية بدية للدكتور حميد بن عامر بن سالم الحجري الورقة الثالثة في الكتاب. وينطلق الباحث للتثبت من تاريخ بدايات الاستقرار في بدية عبر منظورين، المنظور الأول من خلال استقراء نتائج البعثات الأثرية التي عملت في بدية بدءا من بعثة جامعة هارفارد الأمريكية في عام 1973م، والبعثة البريطانية عام 1974م، والبعثة الألمانية والبعثة الأوروبية المشتركة عام 1984م، وبعثة جامعة برمنجهام. أما المنظور الثاني فينطلق من دراسة أعمار الكثير من المعالم الأثرية في بدية من قلاع وحصون وأفلاج، ويعتمد في ذلك على تقدير سلاسل النسب التي تصل منشئي تلك المعالم بأبنائهم المعاصرين.

وقدم الدكتور هلال بن سعيد الحجري ورقة بعنوان "بدية في المصادر العربية والأجنبية" وتهدف إلى تتبع حضور ولاية بدية مكانًا وبشرًا، والذي تتمتع به في المصادر التاريخية والأدبية والعمانية على وجه الخصوص. والبحث في هذه الورقة محدد بطبيعة المنهج واللغة، فمن حيث المنهج تقتصر الورقة على الوصف والتوثيق - لكون أنّ هذا الحقل مازال بكرا- وأمّا الجوانب اللغوية في هذه المقاربة فستقتصر على النصوص باللغتين العربية والإنجليزية.

ورصد الدكتور هلال في ورقته حضور بدية في قصائد شعرية عمانية عدة، كما تجلى ذلك في قصائد أبي مسلم البهلاني، وابن شيخان السالمي، وأبي الصوفي، وأبي الوليد سعود بن حميد. كما أنّ لبدية حضورا في نصوص المصادر التاريخية العمانية مثل الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين لابن رزيق، وتحفة الأعيان لنورالدين السالمي، ونهضة الأعيان لمحمد بن عبدالله السالمي. أما المصادر الأجنبية فقد درس الحجري المكان والشخوص عبر دواوين حديثة مثل ديوان (عمان تزورها ولا تنساها) لمايك هايويل ديفيز، وأيضا عبر أدب الرحلات وبعض الكتب التاريخية مثل (رحلات جيمس ويلستد) وتشارلز كول، وويلفرد ثيسيجر، وإيان سكوت.

وتدرس الباحثة ابتسام بنت عبدالله الحجرية جوانب من الثقافة الشعبية في بدية عبر بحثها المعنون (قداسة لا فرح: دراسة في الفلكلور الشعبي في ولاية بدية). تتكئ الباحثة في ورقتها على فهم مهم للفلكلور ويأتي الفهم من كون الفلكلور أداة حاسمة ومهمة لقراءة ثقافة أي أمة من الأمم، حيث إنه هو من يظهر الجانب الأنثربولوجي لتلك الأمة، ومعتقداتها الذهنية والدينية، بمعنى أن الأمة كانت تميل إلى الفرح والتفاؤل وليست أمة تعيسة ومتشائمة ومنقبضة. لذلك يعتبر الفلكلور الشعبي بمثابة البانوراما التسجيلية لفهم ثقافة أي أمة من الأمم. فالورقة على ضوء هذا الفهم ستسجل بانوراما ذهنية للفلكلور في ولاية بدية من خلال جوانب عدة هي العادرات والتقاليد، الفنون الشعبية، الصناعات الحرفية، والقصص الشعبية والأفكار.

وقامت الباحثة بتفكيك كل محور من المحاور المشار إليها وذلك بغرض فهم الدلالات المختبئة وراء تلك المفاهيم والمعتقدات وربطها بالآخر لفهم دور المثاقفة والحوار مع الآخر في تنويع مصادر الثقافة، وتعددية الأفكار في الولاية. حيث إن للتعددية البشرية وتنوع البيئات والثقافات التي تقطن في بدية دورًا في تعددية المعتقدات.

وحملت الورقة البحثية السادسة في الكتاب عنوان (بدية في عصر النهضة) وهي من إعداد الدكتور محمد بن ناصر الحجري. حيث تقدم هذه الورقة صور التحولات التي طرأت على مجتمع بدية؛ بالمقارنة بين ما كان عليه الحال في بدية قبل عصر النهضة، وما أضحت عليه في فترة عصر النهضة؛ وذلك عبر تجليات عدة من حيث الخدمات الحكومية التي تقدم في بدية في مجالات الإدارة العامة والعدل، ومجال الشرطة، والتربية والتعليم، ومجال الصحة، والمجال الاجتماعي ، ومجال الطرق، والمجال البلدي وموارد المياه، ومجال الخدمات الزراعية والبيطرية، ومجال التراث والثقافة، ومجال ترميم وصيانة الأفلاج.

وفي مجال الخدمات الأهلية تم التطرق إلى عدة مجالات منها مجال المساجد ومدارس تعليم القرآن، المجال الثقافي والرياضي (كما تمثل مكتبة نور الدين السالمي، مكتبة بدية العامة، متحف بدية، نشاط الرسم والخط والتصوير، نادي بدية الرياضي الثقافي) والمجال الاجتماعي وذلك بالتركيز على دور جمعية المرأة العمانية في بدية. كما تتطرق الورقة إلى دور القطاع الخاص في بدية كما تجلى في الحركة التجارية والصناعية والتجارية.

تعليق عبر الفيس بوك