مواطنون ينتقدون المبالغة في أسعار تعليم السياقة.. ويطالبون بالتوسع في نظام المدارس المرورية

قالوا إن أماكن الفحص تفتقر إلى الخدمات ولا تراعي الخصوصية

< البلوشية: المدارس المرورية المتخصصة توفر للمتدرب محاكاة واقعية قبل النزول إلى الشارع

< الشيادي: كثيرٌ من العاملين في مدارس السياقة يحتاجون لمزيد من التأهيل وفق متطلبات العصر

< الكثيري: المبالغ المدفوعة لمدارس تعليم السياقة لا تتناسب مع العائد التدريبي المتدني

< الفارسي: بعض معلمي السياقة لا يتمتعون بالقدرة على ضبط انفعالاتهم في التعامل مع المتدربين

طالبَ عددٌ من المواطنين بالعمل على مُراجعة القوانين والضوابط الخاصة بمدارس تعليم السياقة، وإدراج مناهج نظرية يستفيد منها المتدرب قبل الالتحاق بالتدريب الميداني. وانتقدوا حِرْص كثيرٍ من مدربي السياقة على رفع أسعار ساعات التدريب على حساب الاهتمام بتعليم المتدربين؛ مما يُفيدهم فعلا ويحميهم على الطريق، ونبَّهوا إلى أنَّ ذلك يُساهم بالتالي في دفع المتدرب إلى محاولة الحصول على الرخصة في أسرع وقت؛ توفيرا للنفقات دون الاستفادة الكاملة من مهارات القيادة الآمنة، والتعرف على كيفية التعامل مع الأعطال البسيطة للسيارة على الطريق...وغيرها من المهارات العملية؛ حيث إنَّ السياقة ليست التحكم في المقوِّد فقط. وناشد المشاركون في استطلاع "الرُّؤية" الجهات المعنية إيجاد آلية لإلزام المدربين بأسعار موحَّدة وعادلة، منعا لاستغلال حاجة المتدربين لرخصة القيادة.

استطلاع - مُحمَّد قنات

وقالتْ الباحثة عزيزة بنت راشد البلوشية: إنَّ هناك الكثير من المطالبات لإقامة مدرسة مرورية لتعليم السياقة بالسلطنة، لتكون محاكاة للواقع المروري في الشارع، وترشد وتعلم السائق المبتدئ أساسيات المرور بدءا من الشارع وانتهاء بالعلامات ومدلولاتها والمواقف المرورية التي يُمكن أن يتعرَّض لها السائق. ولفتت إلى أنَّ دولا خليجية وعربية منها البحرين نفَّذت نظام المدرسة المرورية حتى يُصبح لدى السائق الدراية الكاملة بأهمية السياقة أولا، وأساليب تيسير المرور ثانيا، كما أنَّ نسبة الحوادث في الدول التي يتخرَّج سائقوها من المدرسة المرورية المختصة تقل عن مثيلاتها في البلدان الأخرى؛ لأنَّ السياقة ثقافة قبل أن تكون ممارسة.

وأضافت البلوشية بأنَّ قطاع تعليم السياقة في السلطنة يعاني العديد من المخاطر؛ فهناك بدائية في أساليب تعليم السياقة؛ فالشارع والبراميل والصَّعدة ليست مصطلحات دقيقة لتعليم مُتقن للسياقة؛ مما يؤدي في النهاية لوقوع حوادث عديدة أحد أهم أسبابها قلة الخبرة وعدم القدرة على سرعة التصرف. وأشارت إلى وجود عدد كبير جدًّا من النساء في انتظار المدرب أو المدربة لبدء يوم جديد في تعليم السياقة على حساب السائقين في الشوارع، وهو أمر خطير للغاية، كما أنَّه مظهرٌ غير حضاري؛ لذا فالأفضل أن يتم تخصيص مدرسة تعليم مرورية، تضم كلَّ المتعلمين، وتكون مزوَّدة بكل وسائل الراحة من قاعات انتظار ومقاهٍ...وغيرها من الخدمات.

وقال علي بن طالب بن زايد الشيادي إنَّ مدارس تعليم السياقة نقطة الانطلاقة الأولى لكل متدرب، وهي المشروع التأهيلي لقائدي المركبات، ويعوَّل عليها الكثير في السياقة والالتزام بأخلاقياتها، حيث إنَّ كلَّ ما يتعلق بتعليم السياقة منوط بهذه المدارس؛ لذا يجب أن تؤدي هذه المدارس مهمتها وفق منهجية واضحة؛ سواء كان في الجانب العملي التطبيقي أو النظري الدراسي، إلا أنَّ ما نراه في الواقع لا يصل لدرجة الرضا؛ فالواقع يكشف أن بعض مدارس تعليم السياقة الحالية تحتاج إلى تأهيل وتدريب حتى تستطيع تقديم خدمتها وفق ما تتطلبه المرحلة؛ لأنَّ تعلم السياقة قبل سنوات ليس كما هي الحال في وقتنا الحالي، كما قد يختلف في قادم السنوات؛ لذا يتحتم على هذه المدارس مواكبة التغيير، كما ينبغي على الجهات المرخِّصة أن تعمل على تأهيل مدارس السياقة وفق المتطلبات العصرية.

وأضاف الشيادي: يجب إيضاح أوجه القصور التي تؤدي إلى المخالفات المرورية، ولابد من العمل على إيجاد منهج نظري يكون كمرجع أساسي للمدرب والمتدرب، وهذا المنهج بحد ذاته قد يحتاج للجنة أكاديمية أو تربوية مختصة، ويجب تحويل سيارات تعليم السياقة الحالية إلى شركات أهلية تتبنى إنشاء معاهد مختصة بتعليم القيادة وفنونها، وهنالك أوجه أخرى للقصور، تختلف من مدرسة لأخرى، لكن يبقى من المهم إعادة النظر في كل حيثيات المهنة لتكون مخرجاتها بالصورة المطلوبة، ولا بد من إشراك مختلف الجهات في تحقيق ذلك، بما فيها الشرطة والتربية والتعليم والبلديات والتجارة والمعاهد المختصة.. مشيرا إلى أهمية الاستفادة القصوى من الخدمات والدورات التي يقدمها معهد السلامة المرورية.

تكلفة مُبالَغ فيها

وأكَّد الشيادي أنَّ المبالغ المدفوعة لا تتناسب مع الحصيلة العلمية والعملية التي يجنيها المتدرب طوال فترة تعليمه السياقة؛ فيجب مراجعة هذا الجانب بحيث تتناسب القيمة المدفوعة والمحصلة التدريبية؛ حيث إنَّ المتدرب يكون كل همه الحصول على رخصة السياقة في أسرع وقت، فلا يلتفت للمهارة في التعامل مع المقود والفرامل، ولا يتعلم كيفية تفادي أخطاء الآخرين، ولا الالتزام بضوابط استخدام الشارع وقيادة المركبة، ولا يتعلم كيف يحمي نفسه من المخاطر غير المتوقعة على الطريق، ويجهل مدلولات الكثير من الإشارات المرورية الإلزامية والتحذيرية والتوجيهية.

وقال مثني الكثيري: لم نرَ مدارس تعليم السياقة تقوم بأدوارها التي ينبغي أن تؤديها على أرض الواقع، وما نراه مجرد بعض الأفراد لديهم تصريح لتعليم السياقة وتوفير دخل مادي إضافي، ويوجد من بينهم المخلص في عمله ومن هم دون ذلك، والخطوات الإصلاحية لهذا العمل تتطلب تحديث القوانين المعنية بذلك على مراحل عدة؛ بحيث تكون واضحة للجميع والإعلان عن آلية تطبيقها من أجل الوصول إلى مدارس مهيَّأة لذلك دون ظلم للعاملين في هذا المجال حاليا.

وأضاف الكثيري بأنَّ مدارس تعليم السياقة لا تقوم بتعليم التلاميذ فنون القيادة الوقائية والقيادة الآمنة والقيادة الاحترافية، ويرجع الأمر في ذلك إلى القوانين التي تحث وتشجع على ذلك، كما أنَّ المدارس تغفل الجوانب الفنية في تعليم السياقة (كالفحص الفني والتعامل مع الأعطال المفاجئة...وغيرها)، ونأمل أن نشهد دورات متخصصة في هذه المجالات. واستدرك بأن المبلغ المدفوع لمدارس تعليم السياقة مقارنة بالعائد المعرفي مرتفع جدا، كما أن الكثير ممن يرغبون في الحصول على رخصة القيادة ما زالوا طلاب الثانوية أو باحثين عن عمل، لذلك يجب أن توفر لهم الحكومة تعليم السياقة وهم على مقاعد الدراسة بالمجان، كما ينبغي أن يكون تعليم السياقة للراغبين نظريًّا وعمليًّا، ويكون ذلك في الصف الحادي عشر والثاني عشر مجانا، مع وجود مدارس من القطاع الخاص لتكون للوافدين ومن لم يستفيدوا من التعليم أثناء الدراسة الثانوية.

وقال زكريا بن حمدان الفارسي: إنَّ تعليم القيادة مرحلة يمرُّ بها جميع الأفراد الذين يريدون الحصول على رخصة القيادة، ويختلفون فقط في آلية الحصول عليها، وهنالك من يحصل عليها بكل يُسر، فيما تجد فئة صعوبات كبيرة في الحصول على مبتغاها فيما يتعلق برخصة القيادة، وربما يكون ذلك لعدم تلقِّي التدريب الجيد الذي يكفل له امتلاك مهارات القيادة الناجحة للسيارة؛ فذلك يتطلب ممارسة مستمرة وتوجيه حسن يُعينه على تطبيق التعليمات الموجهة له من قبل المدرب.

وأضاف الفارسي بأنَّ ارتفاع تكلفة تعليم قيادة السيارة من الأسباب التى ساهمت في صرف نظر كثير من المتدربين عن التعاقد مع المدارس الخاصة بالتدريب؛ وبالتالي يلجأون للتعاقد بالأجر اليومي أو الساعة؛ مما يتسبَّب في عدم كفاية ساعات التدريب، كما أن تعليم القيادة يتطلب امتلاك مهارات ضبط الانفعالات والقدرة على التحكم بالذات، وهو ما لا نلاحظه عند فئات من مدربي القيادة أثناء ممارسة مهامهم.

وقالتْ دلال بنت سيف بن راشد المغيزوية: إنَّ مدارس تعليم السياقة الحالية بشكل عام غير مؤهَّلة بما يتناسب مع المتغيرات في أنظمة المرور وتطبيق أنظمة السير والأمان؛ فهي تحتاج للكثير من التطوير لتقوم بدورها كاملاً، ويجب إعداد المدربين لهذه المدارس وأن تشمل برامج المدارس نظام القيادة الوقائية والقيادة الآمنة والقيادة الاحترافية، ولا يقتصر الأمر على تعليم أساسيات السياقة للمتدربين بين الخفيفة والثقيلة فقط، خاصة وأن الجوانب الفنية في تعليم السياقة كالفحص الفني والتعامل مع الأعطال المفاجئة غير حاضرة في برامج التدريب حاليا؛ لذلك يخرج المتدرب برخصة سياقة فقط، ولا يستطيع أن يتعامل مع أي حدث فني طارئ في الطريق؛ مما ينتج عنه الخروج عن خط السير المفاجئ وحوادث لا قدر الله.

عائد تدريبي ضعيف

وأضافت المغيزوية أنَّ المبالغ المدفوعة لمدارس تعليم السياقة لا تتناسب مع عائد التدريب، وهي قيمة مرتفعة ومتفاوتة بين الجنسين، مقارنة بالفائدة التعليمية، وإذا أردنا تطوير مدارس تعليم السياقة فلابد من إصدار منهج نظري ودمج الآليات الثقيلة والدرَّاجات والمركبات لتواكب تطورات المجتمع، وخضوع المتدربين الجدد لدورات قبل الالتحاق بمدارس تعليم السياقة من خلال اختبار وعرض مرئي، وتكون هناك معايير خاصة لكل مدرب في هذه المدارس وقياس مدى كفاءته مع مرور السنوات، ولابد من وجود مدارس تعليم سياقة تواكب احتياجات الفرد وتشمل التعريف بالمخاطر والوقاية والأمان وإظهار الجانب السلبي والإيجابي.

واعتبرتْ عائشة بنت محمد الجابرية أنَّ معظم مدارس السياقة غير مؤهلة، وقالت إنه لابد من توفير أجهزة لتعليم السياقة قبل النزول للشارع مثل أجهزة المحاكاة والتعلم عن طريق تبادل الخبرات ومعرفة بعض المهارات والأخلاقيات مثل كيفية احترام السائقين الآخرين وضوابط الشارع العام والتصرف في حالة حدوث عطل بسيط للمركبة وقوانين وآداب السياقة وكيفية تجنب الحوادث ومهارات السياقة الآمنة.

وأكَّدتْ الجابرية أنَّ المبلغ الذي يتحصل عليه أصحاب مدارس تعليم القيادة أو أصحاب سيارات التعليم مبالغ فيه حتى أصبح مجرد أداة للربح السريع دون فائدة ملموسة؛ حيث يضطر التلميذ لأن يتدرب ساعات طويلة مما يفقده مبالغ باهظة في التعليم ورسوم الامتحان التي يتحصلها أصحاب سيارات التعليم. وأضافت بأنَّه لابد من تدريس السياقة عن طريق معاهد متخصصة والحصول على دورات نظرية وعملية، وأن يكون المدرس على مستوى عال من المعرفة بالقيادة، فإذا كان المتدرب مستهترًا لا يُعطى رخصة القيادة، ويتم مراقبة مدارس تعليم السياقة.

وأشار عزان بن علي بن حمد إلى عدم وجود أماكن مُخصَّصة للنساء في مواقع تعليم السياقة، إلى جانب عدم وجود مرافق انتظار واستراحات للنساء تكون مُجهَّزة بالخدمات، وينبغي على الجهات المختصة إيجاد أماكن مُهيأة للمتدربين من الرجال والنساء وتكون هذه المرافق مجهزة ومهيَّأة بجميع الخدمات.

وطالب حمود بن سيف الشندودي بتوفير أماكن مريحة للانتظار، خاصة وأن أغلب الأماكن الحالية لا تراعي الخصوصية؛ حيث إنها مكشوفة ولا تصلح لانتظار النساء على وجه التحديد، وتفتقر للخدمات مثل مياه الشرب ودورات المياه.

وقالت سميرة العلوية إن تعليم السياقة من الأسس التي يفرضها تطور المجتمعات، لكن مواقع تعليم السياقة لا توجد بها أماكن مُهيَّأة للجلوس أو خدمات ومرافق، كما تغلق المساجد لحين قبل الصلاة مباشرة؛ مما يجعل المنتظرين بين مطرقة التعب وسندان التوتر والانتظار الطويل. وأضافت بأنَّ تكلفة تعليم السياقة مرتفعة جداً ولابد من البحث خلف المتسببين في استغلال حاجة المتدربين وإلزامهم بأسعار مناسبة.

تعليق عبر الفيس بوك