مباحثات جنيف ورأب الصَّدع السوري

يترقَّب السوريون -ومعهم العالم بأجمعه- انطلاقَ مُباحثات السلام في جنيف، والمقرَّر لها يوم غدٍ الإثنين، والسبب في هذا الاهتمام السوري والدولي بأنَّ هذه الجولة تأتي مُواكبة لعدة تطورات في مشهد الصراع السوري؛ في مقدمتها: أنَّ مُعظم الأطراف المتصارعة استَبَقتْ هذه المباحثات بالتوافق على وقف الأعمال القتالية الذي توصَّلت إليه الولايات المتحدة وروسيا؛ الأمر الذي نجم عنه هُدنة أتاحت للسوريين -في المناطق المشمولة بها- الخروج وممارسة حياتهم الطبيعية، كما أتاحتْ كذلك إيصال المساعدات الإنسانية للبلدات المحاصرة، والتي تُعاني نقصًا في الغذاء والدواء. ورغم ما شاب هذه الهدنة من خُروقات وانتهاكات عديدة من قبل أطرافها والجهات الإقليمية والدولية المساندة لها، إلا أنه يُمكن اعتبارها مُقدِّمة مُناسبة لتهيئة الأجواء لحوار سوري بنَّاء، قد يُسهم في التَّمهيد لاتفاق سياسي يضع حدًّا لهذه الحرب الضروس التي ألحقت خسائر أفدح بالشعب السوري، وبمقدرات وطنه.

... لقد نَجَح اتفاقُ وقف الأعمال القتالية في تَهْدئة وتيرة القتال بشكل كبير منذ دخوله حَيِّز التنفيذ قبل أسبوعين، خاصة وأنَّه يُعدُّ أوَّل هدنة من نوعها في هذه الحرب الشرسة المستمرة منذ خمس سنوات، وأوْدَت بحياة أكثر من ربع مليون شخص وشرَّدت ملايين السوريين.

نعم، يَنْتَظر الجميعُ التئامَ هذه المباحثات، ويأمل مُشاركة كافة المعنيين فيها حتى تتمخَّض عن النتائج المأمولة، وأكثر ما يخشاه الحادبون على سوريا أن تفشل مُباحثات جنيف المرتقبة والتي تَرْعَاها الأمم المتحدة، في بلورة صِيْغة لحلِّ الأزمة؛ مما سيُشكل انتكاسة كبيرة للجهود الدبلوماسية، وعَوْدة إلى المربع الأول في الصراع وبوتيرة أشد من ذي قبل ليدفع الشعب السوري المزيد من الثمن الباهظ لهذه الحرب التي تقتات من دمه.

تعليق عبر الفيس بوك