التستّر والريادة.. ضدان لا يتعايشان (2)

سليمان الكندي*

نجح أباؤنا في أن يصبحوا روادًا لأعمال كتب لها النجاح دون الدخول في دورات أو ورش عمل أو ندوات ترعاها الدولة كرعاية الأم لطفلها المدلل. إنّ الخلل الذي يستشري بين شبابنا اليوم هو فقدان الشباب لروح ريادة العمل الحر، الذي يستطيع من خلاله الوصول إلى أعلى المراتب والذي انتزعته منه القوى الوافدة بكل جدارة واقتدار وبقبضة من حديد يصعب علينا اليوم تفكيكها في ظل وجود الإطار القانوني لكفالته من قبل ذلك المواطن البسيط؛ إلا إذا ما نظرت الجهات المعنية بجديّة إلى المعوق الحقيقي جراء عزوف المواطن عن ريادة الأعمال.

إنّ ما نعيشه ونواجهه اليوم هو نتيجة طبيعية وحتمية لتراكمات اشتركت فيها الجهات الرسمية في عدم تمكنها من القضاء على التجارة المستترة طيلة السنوات المنصرمة والمواطن الذي تنازل عن كونه من أرباب العمل، وعمِل كمِعول بناء وغطاء قانوني لنمو ذلك الوافد.

التجارة المستترة هي الداء الحقيقي المؤدي إلى تثبيط همم الشباب عن ارتياد آفاق العمل الحر، فعلى سبيل المثال في قطاع التجارة بالتجزئة الذي أعمل فيه فإننا نقاوم تيّارات "رواد الأعمال" الوافدين التي تحاول إغراقنا كوننا إحدى المؤسسات التي تدار بسواعد وعقول عمانيّة في عرض بحر وطن ينعم بثروات طائلة ولكن تعتريه أمواج وتيّارات هائجة، إنّ مصارعة تلكم الأمواج علمتنا الكثير من الدروس التي هي غائبة عنا كعمانيين في هذه الحقبة؛ سواء كنا مسؤولين أم مواطنين والتي من خلالها استطعنا أن نصل بمؤسساتنا إلى مستوى أفضل قد يساعدنا في المقاومة والبقاء في هذا المعترك.

كما أنّ على الجهات الرسمية أن تميز بجدية من هو قائم على عمله الخاص من خلال نظام أو بروتوكول معين، فما نراه اليوم ما هو إلا تمييز ورقي، فعندما نبرز شهادة ريادة الأعمال لأي جهة لا يُكترث بها ولا تُعطي أية قيمة مضافة لحاملها.. فضلا عن أنّ من أبرز أسباب استشراء التجارة المستترة هو غياب التعمين في العديد من القطاعات، وعدم توفر وكالات أو مؤسسات توظيف المواطنين؛ فعلى سبيل المثال في قطاع بيع أجهزة الاتصالات نرى بأنّه تمّ تعمين المهن في منطقة أو ولاية معيّنة في حين صرح للوافد العمل في منطقة أخرى، هنا علينا أن نختار إمّا أن نعمّن من خلال تأهيل الشباب أو أن نبقى تحت رحمة الوافد..

يتبع..

admin@addirham.com

* مدير عام مؤسسة الدرهم

تعليق عبر الفيس بوك