دور الملكية الفكرية في اقتصاد المعرفة

شيخة الأخزمية*

إنّ الملكيّة الفكرية تعتبر أداة فاعلة من الناحية القانونية والمعلوماتية والسياسية في تحفيز الابتكار وتعزيز نمو وتطور صناعات جديدة.

أهميّة الملكية الفكرية:

شهد القرن الحادي والعشرون تحولاً في الاقتصاد مما كان يعرف بالاقتصاد التقليدي وهو المبني على قيمة الأراضي والمصانع وغيرها من الأصول الملموسة إلى اقتصاد المعرفة المعتمد على الملكية الفكرية وهي الأصول غير الملموسة، حيث إنّ مقدار ما تمتلكه الدولة من معرفة فكرية هو المعيار المؤثر في توليد الثروات ومن هنا تأتي أهميّة الملكية الفكرية كميزة تنافسية بين الدول.

وبالإشارة إلى التقرير التي تقدمها المنظمة العالمية للملكية الفكرية على سبيل المثال فإنّ الأصول غير الملموسة في أوروبا تمثل 40-60% من الثروات، وفي الولايات المتحدة تمثل ثلاثة أرباع قيمة الشركات الحكومية.

براءات الاختراع والصناعة:

إنّ الاستثمارات التي تضخ في البحث والتطوير في مجالات الكيمياء والتقنية الحيوية والبحوث الطبية تستدعي الحاجة إلى حماية نتائجها من السرقة نظرًا لحجم الإنفاق لتنفيذ هذه الأبحاث وطول مدتها التي قد تمتد لعقود من السنين. كما أنّ إمكانيّة استغناء بعض الابتكارات المتعلقة بمجال الهندسة الميكانيكية والإلكترونية عن نظام براءات الاختراع واردة الحدوث نظراً للجوء أصحاب الاختراعات إلى التدابير التقنية للحماية وخاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أمّا في المجالات المرتبطة بالكيمياء وصناعة الأدوية فإنّ اللجوء إلى براءات الاختراع هو أمر حتمي وذلك لأنّ الابتكارات الكيميائية يمكن بسهولة إعادة تصنيعها وتقليدها من قبل الشركات المنافسة، لذا فإنّ نظام حماية الملكية الفكرية قد أحدث طفرة نوعية في تطور الصناعة ومن أهمها صناعة الأدوية والتي أدت بالتالي إلى أهم الاكتشافات ومنها المضادات الحيوية على سبيل المثال.

دور براءات الاختراع في نمو الصناعات ذات التقنية المعقدة:

إنّ الصناعات ذات التقنيات المعقدة التي تتطلب عدد من الخبراء والمتخصصين لتطويرها قد نمت نمواً ملحوظاً بعد أن انتهجت الشركات المالكة لهذه البراءات منهج المشاركة في التراخيص فيما بينها فيما يعرف ببركة براءات الاختراع "Pooled Patents" أو اللجوء إلى التراخيص التعاقدية كصناعات المركبات والطائرات والراديو والهواتف.

كما أن هناك دوراً ملموساً لعبته المعلومات المتوفرة في قواعد بيانات براءات الاختراع في إتاحة تفاصيل التقنيات المعقدة بجميع حذافيرها مجاناً للجميع، وذلك من أجل أن يتم تطويرها والبناء عليها.

الظواهر الناتجة من الملكية الفكرية:

لقد شهد العقد الحالي تزايداً في الاستغلال التجاري للملكية الفكرية من خلال آليات كبراءات الاختراع والتراخيص وحقوق المؤلف والعلامات التجارية، كما شهد ظهوراً لمؤسسات حاضنة سميت بحدائق العلوم "science parks" والمشاريع التجارية البحثية المشتركة "research joint ventures" لتيسير عملية تسويق الابتكارات.

كما لوحظ نشوء مكاتب نقل التقنية في الجامعات لإدارة وتسويق الأصول الفكرية لديها وتحصيل العوائد من التراخيص والذي يعتبر كمصدر دخل للجامعات لتغطية تكاليف تسجيل براءات الاختراع على الأقل. والذي بدوره أحدث تسارعاً في تأسيس الشركات الناشئة من الابتكارات حبيسة المختبر سابقاً وهذه عادة تصنف في مجالات الصناعات الحديثة وذات القيمة المضافة للسوق.

براءة الاختراع ليست الغاية

من المفترض أن تكون براءة الاختراع هي وسيلة لغاية هي الابتكار، وليست هي الغاية من الابتكار. كما أنّ نظام براءة الاختراع أدى إلى تغيير جذري في اقتصادات الدول الكبرى، على سبيل المثال فإن الولايات المتحدة قد حولت اقتصادها بعد أن كان معتمداً على الصناعات الأساسية إلى الصناعات المرتبطة بالتقنيات العالية كصناعة الأدوية والحاسوب وتقنية المعلومات، وبالتالية فإنّ حماية الملكية الفكرية تعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد في العالم.

*نائب مدير دائرة الابتكار وريادة الأعمال- جامعة السلطان قابوس

akhzami@squ.edu.om

تعليق عبر الفيس بوك