الخروصي: "قفّار" يتقصّى أثر الأشعارالشعبية بين كثبان الصحراء العربية

ضمن إضاءة نقديّة تعد الأولى من نوعها

مسقط - الرؤية

صدر حديثا عن اللجنة الوطنية للشباب بالتعاون مع دار الغشام كتاب "قفّار" للشاعر والناقد الراحل حمد الخروصي وهو عبارة عن مجموعة من القراءات النّقدية والمقالات والبحوث التي كتبها الراحل في التجربة الشعرية العمانية حيث يعد المرجع الأول في الشعر الشعبي العماني؛ والذي تعرّض له قراءة وبحثا ونقدا. احتوى الكتاب ستة فصول حمل عناوين "من الجذور"، و"بين ضفاف بحر العرب" ، و"أسلوب التشبية" ، و"دراسة فن الاستعارة" ، و"إضاءات نقدية" ، و"قراءات نقدية".

الكتاب من القطع المتوسط ويقع في 328 صفحة صمم لوحة الراحل للغلاف الأول الفنان التشكيلي سعيد الرويضي، بينما كتب خطوط الغلاف الخطاط سلطان بن مسلم الراشدي، في حين رسم لوحة الغلاف الأخير الفنان التشكيلي سالم السلامي، وصمم الغلاف الخارجي اشرف مرسي بينما صمم الكتاب داخليا هاجر الجابرية، حيث تم تدشين الكتاب أمس الأول في جناح اللجنة الوطنية للشباب بينما يتواجد الكتاب طوال فترة المعرض في جناح بيت الغشام للنشر رقم (p4 . p6 ).

بدأ الكتاب بمقدمة كتبها الراحل حملت عنوان "لماذا أكتب ؟" قال فيها الراحل حمد الخروصي "حقًا لا أعلم لماذا أكتب! هل أحاول أن أكتشف ذاتي العصية على الفهم أم أحاول أن أكتشف الآخر المجهول؟ أكتب تحت سيطرة فكرة واضحة ندية كوجه أمي في الصباح غير أنها تقودني نحو غابة من شجر غريب يلفه ضباب كثيف ويطبق عليه ظلام دامس كالذي يمشي أثناء النوم!.

ويضيف "الخروصي" في مقدمته : أكتب.. لماذا أمشي؟ لماذا أكتب؟ هو مرض لا أريد الشفاء منه، مرض أتحدى به الموت والحياة، به أنبش جثث الموتى في مقبرة ذاكرتي، به أبعث الروح في لغتي الشعبية الجامحة التي تقطع الشوارع والأرصفة والإشارات الحمراء وتطارد أشباح القرية، أبتهج حينما أطارد فكرة طائشة أتباهى بها أمام نفسي أو صورة شعرية نادرة توَّلدَت من رحم العدم أختال بها أمام قصائد الشعراء العظام أو أصوغ جملةً شعرية أتوقع أن يحفظها أصدقائي ويتذكرونني بها في أمسياتهم البارزة ثم يطيرونها على روحي حمامة برِّية.

وفي ختام مقدمته يتساءل المرحوم "حمد الخروصي": هل المجهول هو الزمن القادم؟ أم المكان القادم؟ أم القصيدة القادمة؟ أم الحبيبة القادمة؟ أم الموت القادم؟ حقًا لا أعلم! لا أعلم لماذا أكتب؟! غير أنني سأظل أكتب فالكتابة عمل لا إرادي كالتنفس والتفكير والألم!.

في الفصل الأول "من الجذور" تناول الشاعر حمد الخروصي في رحلة بحثه "الشاعر قطن بن قطن الهلالي ـ شاعر شبة الجزيرة العربية" ، كما تناول "الشاعر راشد بن خميس الحبسي ـ شاعر اليعاربة"، وتناول الشاعر المعروف ب ـ " المطوّع حيث تطرق إلى سيرة العلم والشعر في تجربته"، كما تناول سيرة الشاعر "سويري: من المهد إلى اللحد".

وفي الفصل الثاني الذي حمل عنوان "بين ضفاف بحر العرب وتخوم الربع الخالي" تناول الشاعر حمد الخروصي رحمه الله لقاءاته مع شعراء محافظة الوسطى وتطرق إلى أهمية المحافظة على عادات الشعر الشعبي وتقاليده الأصيلة حيث استعرض معهم التفاصيل الدقيقة في ممارسة تلك العادات التي تغوص في العمق الشعري الحضاري للسلطنة بكافة محتوياتها.

كما تناول الراحل موضوع حمل عنوان "الوسطى سماء الشعر على الأرض" حيث حلق بنصوص إبداعية لعدد من الشعراء المعروفين هناك وتناول بالقراءة والتحليل تلك النصوص.

كما احتوى الفصل أيضا على عنوان "ليلة الشعر وقصص البدو في "وادي غدان" بولاية الجازر" وتناول التفاصيل الدقيقة لتلك الليالي والممارسات الإبداعية التي يقدمها الشعراء بقصصهم المتنوعة في تلك المنطقة. كما تناول أيضا لقاءه مع الشاعر حامد بن مكتوم الجنيبي في منطقة الكحل بولاية الجازر حيث قدم موضوعه بعنوان "حامد الجنيبي يقلّد الغنادير أوسمة الجمال بقصائده الغزلية..!!"كما تناول ايضا لموضوع "الشاعر سعيد بن ياسر الجنيبي يوثِّق بقصائده الآسرة طبيعة البادية الجميلة وعادات البدو الأصيلة"، كما تعرض "الخروصي" ايضا إلى تفاصيل رحلة شعرية برفقة شعراء ولاية الجازر حيث كتب موضوعه بعنوان "غيمة شعر الغزل تروي البادية وتلامس أمواج البحر" ، كما تطرق إلى موضوع "التغرود شعر البدو الأصيل".

وفي الفصل الثالث تناول كتاب "قفار" "أسلوب التشبيه في الشعر الشعبي العماني الحديث" واعتمد خلاله على التعريف بفن التشبيه وادواته وغيرها، كما تطرق بعدها بشكل دقيق حول حصر أدوات التشبيه التام والمجمل في بعض الأصدارات الشعرية العمانية، إضافة إلى نماذج تطبيقية للحالات التي وردت فيها أدوات التشبيه في التشبيه التام والمجمل.

وفي الفصل الرابع بعنوان "دراسة فن الاستعارة في الشعر الشعبي العماني الحديث" قدم الراحل إضاءات نقدية في مجموعة من الإصدارات الشعرية الشعبية منها مجموعة "حلم" لصالح الريسي، و"خطاوي الريح" لأحمد المعشني، ومجموعة "هجير" للشاعرة هجير.

أما الفصل الخامس فتناول في "القراءات النقدية" قراءات نقدية في مجموعة من النصوص الشعبية الحديثة ومنها نص "الوحدة" للشاعر أحمد الشحي، ونص رسالة إلى والدي" لأحمد مسلط، وقصيدة وجه الصباح للشاعر محمد الصالحي، وقصيدة "صبح شيماء" لخميس المقيمي، إضافة إلى قراءة متأنية في بعض نصوص الملتقى الأدبي السابع عشر في نزوى وتناول خلالها قراءات في قصيدة تميمة لحمد البدواوي، وقصيدة توبة لخميس الوشاحي، وقصيدة مدى لمختار السلامي، وقصيدة رحلة لحمود المخيني.

وفي الفصل السادس "إضاءات نقدية" تناول الشاعر الراحل عدة عناوين غاص في عمق تفاصيلها حيث كتب موضوعه بعنوان "شعراء السلطنة يحطّمون قاعدة شاعر المليون" وعرج لأسماء ومشاركات الشعراء العمانين ومراحل وصولهم.

كما استعرض الكتاب مشاركة الشعراء الشعبيين العمانيين في المسابقات الفضائية والصحفية، وأهم الفعاليات الشعرية (1995-2010) حيث عرج في هذ الفصل إلى أغلب المشاركات العمانية في المسابقات الصحفية والفضائية وفي الاحتفائيات التابعة لوزارة التراث والثقافة، وعرف من خلالها على (ثمان وثلاثين) مشاركة في المسابقات الفضائية، بخلاف المشاركات التي لم يكتب لها النجاح في الوصول إلى المراحل النهائية في تلك المسابقات وهي كثيرة جدا. (وثلاثة وعشرين) فوزا في مسابقة راشد بن حميد للثقافة والعلوم، و(ثلاثة) مراكز في المسابقات الصحفية، وأكثر من عشرين مشاركة في الفعاليات التابعة لوزارة التراث والثقافة ذكرنا منها (أربعة) مشاركات فقط. وبذلك سعى هذا الفصل إلى رسم صورة واضحة لهوية القصيدة العمانية التي غابت في بعض المشاركات وعوضتها عوامل التجديد والابتكار والتأثر التي عالج أسبابها ومقتضياتها، وعرج في العرض على القصيدة البدوية المفتقدة إلى إمكانيات التطوير والتجديد، والتي تقابلها القصيدة الشعبية العمانية الواعية المتمسكة بهويتها الأصيلة والمستوعبة لضرورة التطوير والابتكار بما يتناسب مع المرحلة الراهنة، وعدم إحراقها للمراحل الزمنية المهمة لاكتساب الوعي والخبرة والثقة..

كما تناولت هذه الدراسة أهم المنغصات التي تواجه الشعراء في مشاركتهم الخارجية وكذلك تلك التي تواجه الجهات المعنية بهذه المشاركات، وقدمت الدراسة هذه في ختامها بعض الأفكار التي توقع "الراحل" أن يكون لتفعيلها دور رئيسي في وضع قواعد وأسس ثابتة تُبنى عليها الطموحات الكبيرة المتعلقة بتعزيز هويتنا العمانية من ناحية وتحقيق التطلعات المرجوة من الشاعر الشعبي مستقبلا من ناحية أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك