هدنة سوريا.. هل تصمد؟

رغم أنه لم يمض سوى ثلاثة أيام على سريان اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا، إلا أنَّ ظلالاً من الشكوك بدأتْ تُخيِّم على إمكانية صُمود هذه الهدنة، في ظل اتهامات متبادلة بالانتهاكات المتكرِّرة لها من قِبَل أطراف الصراع في سوريا والجهات الخارجية التي تساندها.

... إنَّ الغموضَ يلف المصير الذي ستؤول إليه الهدنة في الأيام القليلة المقبلة، مع تزايد المؤشرات التي ترجِّح فرضية تداعي وقف إطلاق النار، الذي رغم هشاشته أتاح للسوريين في المناطق والجبهات التي شملها فُرصةً التقاط الأنفاس والخروج إلى الشوارع في أمن وهدوء لأول مرة منذ اندلاع الحرب قبل خمس سنوات. نعم، لقد شعر السوريون بقيمة اتفاق وقف الأعمال القتالية، وهو يُعايشون الفارق في تراجع أعداد القتلى والجرحى بشكل كبير، مقارنة بالفترة التي سبقتْ دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

والشاهد أنَّ المجتمعَ الدوليَّ يعوِّل كثيرا على هذا الاتفاق لوقف الأعمال القتالية، والذي يُعدُّ الأول من نوعه منذ بدء الحرب في العام 2011، في أن يكون بداية انطلاقة فعلية لعملية سلام شاملة، تُسفر عن الوقف النهائي للحرب، ويعقبها توافق سياسي يُعيد لهذا البلد أمنه واستقراره، بعد أن عانى كثيرا جرَّاء هذه الحرب الضروس التي كبَّدت السوريين خسائر بشرية ومادية لا تُعوَّض.

لقد أظْهَر التطبيقُ الفعليُّ لاتفاق وقف الأعمال القتالية على أرض الواقع، ثغرات عديدة يجب تلافيها حتى لا تؤدي إلى الانهيار الكامل للهدنة، ومن ذلك غياب التحديد الدقيق لردع من ينتهكون اتفاق وقف الأعمال القتالية، رغم أنَّ مجموعة من الدول مناط بها مراقبة التنفيذ ورصد الخروقات.

فالمجموعة الدولية التي تدعم عملية السلام في سوريا -وإثر اجتماعها في جنيف، أمس، لبحث شكاوى من تداعي الاتفاق- ينبغي أن تعمل ودون تأخير على تحديد الجهات المنتهكة لاتفاق الهدنة، واتخاذ الإجراءات التي تكفل التزام جميع الأطراف بهذا الاتفاق، حتى لا يكون مصيره الانهيار؛ وبالتالي إضافة تعقيدات جديدة على المشهد السوري المعقَّد أصلا!

تعليق عبر الفيس بوك