"بخياراتي أبني عمان"

خلفان العاصمي

مع ما يشهده العالم من تغير في مختلف مجالاته وارتباط ذلك بالتعليم الذي أصبح هو الآخر متغيرا في الكثير من جوانبه سواء في المحتوى أو طريقة تقديمه والأساليب المتبعة في التعليم ليواكب حركة التسارع في الجوانب التي لم تعد كما كانت من قبل، وخاصة فيما يتعلق بتحديد طبيعة المهنة التي سيمتهنها الفرد بعد أن ينهي مراحل معينة من دراسته، وما يرتبط بالجانب المهني هذا من معرفة وقياس قدرات وتحديد اتجاهات، سواء كانت لسوق العمل المحلي أو الخارجي كون فرص واحتمالية التوظيف أيضا لم تكن كما كانت في الحدود الجغرافية المحلية، بل واكبت الانفتاح العالمي لتكون ذات بعد عالمي، حيث أصبحت الكثير من مؤسسات التعليم تعد مخرجاتها ليكونوا مؤهلين للانخراط في السوق العالمي وخاصة في التخصصات التي تجد قبولا عالميا في هذا السوق.

ومع كل هذه المعطيات نشطت على مستوى مؤسسات التعليم المدرسي والجامعي خدمة التوجيه المهني أو الوظيفي وهي من الخدمات المساندة للعملية التعليمية وأصبحت الكثير من الأنظمة المعنية عن التعليم تهتم بها وتوليها الكثير من العناية لإيمانها بجدواها في إيجاد مخرج قادر على الاختيار الصحيح وعلى المنافسة المهنية، وفي السلطنة فإنّ المركز الوطني للتوجيه المهني يقوم بأدوار مهمة ويشرف وبشكل مركزي على خدمة التوجيه المهني على المستوى المدرسي في السلطنة ومن ثمّ هناك أقسام تسانده في مختلف محافظات السلطنة، بينما تنفذ هذه الخدمة في المدارس من خلال أخصائيين للتوجيه المهني مؤهلين ومدربين بشكل جيد لتقديمها بأساليب حديثة متواكبة مع عملية تحديث التعليم وتطويره ومن خلال برامج ممنهجة، ومنذ المراحل الدراسية الأولى وفق جرعات توجه الطالب نحو ما يناسبه ويتناسب مع قدراته.

من ضمن البرامج الهامة التي يقدمها المركز الوطني للتوجيه المهني خدمة التوعية لاختيار المواد الدراسية التي سيدرسها الطالب في الصفين الحادي عشر والثاني عشر وهي خدمة تستهدف الطلاب المقيدين بالصف العاشر خلال العام الدراسي الذي يتم فيه الإختيار، حيث اطلق المركز مؤخرا حملة إعلامية تواكب هذه العملية تحت شعار (بخياراتي أبني عمان)، وذلك من أجل ترسيخ قيمة الحرص على بناء الوطن من خلال الاختيار الصحيح والمناسب للمواد الدراسية لمرحلة دبلوم التعليم العام، وهي آخر مرحلة في سلم التعليم المدرسي والتي ينتقل بعدها الطالب للتعليم العالي أو الالتحاق بسوق العمل، ومن خلال هذه الحملة عمل المركز الوطني للتوجيه المهني على توفير كافة الوسائل التي تعين الطلاب وأولياء أمورهم على فهم غايات ومضامين التوجيه المهني مستعينا بالتكنولوجيا الحديثة والرقميّة في توعية الطلبة بأهمية التحضير لمهنة المستقبل وتكوين فكرة واسعة حول المراحل التي تمر بها عملية اختيار المواد الدراسيّة.

وبحسب ما أكده المركز الوطني للتوجيه المهني فقد تم تحديد المرتكزات الأساسية التي انطلقت منها الحملة من واقع ملاحظات أخصائيي التوجيه المهني بمختلف المحافظات التعليمية وكذلك من خلال الرجع الميداني لفريق التوعية المختص، حيث جاءت هذه المرتكزات لتؤكد على دور ولي الأمر في اختيار المواد الدراسية كونه دورا مهما ومؤثرا في مساندة الأبناء على الإختيار الأنسب للمواد الدراسية، ويتجلى تأثيره سواء اكان التأثير السلبي من خلال بعض الممارسات التي يقوم بها بعض اولياء الأمور في توجيه أبنائهم لاختيار مواد قد لا تتفق مع قدراتهم ولا تتناسب مع ميولهم إنما من باب الرغبة في امتهان مهنة معينة في المستقبل يحددها الأب أو الأم كنوع من الوجاهة الاجتماعيّة -حسب ما يعتقدون- أو محاكاة لأبناء العائلة أو الجيران والمعارف، أو التأثير الإيجابي من خلال الوعي بأهمية الاختيار الصحيح والأنسب للطالب ومن ثم مساعدته وإقناعه بذلك، كذلك فإنّ رسائل الحملة تتبنى تشجيع أولياء الأمور على زيارة المدرسة والالتقاء بأخصائي التوجيه المهني ليتعرفوا على دورهم في التخطيط لمستقبل أبنائهم الدراسي والمهني والتعرف على آخر المستجدات في مجال التخصصات الجامعية المتاحة عند تخرج الأبناء من دبلوم التعليم العام ومعرفة المواد الدراسية الملائمة لتلك التخصصات وربطها بحاجة سوق العمل.

المرتكز الآخر هو تأثير الأقران في اختيار المواد الدراسية من خلال التقليد الناجم عن ضعف الإدراك المبكر لبعض الطلبة بأهمية مستقبلهم الجامعي حيث تركز الحملة على توضيح الفرق بين الاستفادة من الأقران وتقليدهم؛ وهو من الجوانب المهمة التي يجب حتى على أولياء الأمور الانتباه لها والتأكيد على أبنائهم حولها.

أما المرتكز الأخير الذي تنطلق منه الحملة فهو التخطيط المهني والذي يعد من الضروريات الملحة التي تسبق عملية اختيار المواد الدراسية وذلك نظراً لارتباط التخطيط المهني بمستقبل الطلبة الأكاديمي والمهني، وهو بمثابة الوقاية لهم من أي إخفاق قادم سواء في الدراسة الجامعية أو الحياة المهنية.

تعليق عبر الفيس بوك