سوريا: أوباما يطالب بوتين بوقف القصف الجوي للمعارضة "المعتدلة".. ودمشق تتهم تركيا بدعم "الإرهابيين"

السعودية: تؤكّد إرسال طائرات إلى قاعدة إنجيرليك التركية.. وإسرائيل متشائمة بشأن وقف إطلاق النار

عواصم - الوكالات

قال البيت الأبيض أمس إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش أزمة سوريا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر الهاتف بما في ذلك أهميّة الإسراع بإيصال مساعدات إنسانية للبلاد والحد من الضربات الجوية. وقال البيت الأبيض في بيان إنّ الرئيس أوباما شدد على أهمية أن تلعب روسيا الآن دورًا بناءً بوقف حملتها الجوية ضد قوات المعارضة المعتدلة في سوريا.

وعلى جانب آخر، قال حليف بارز للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إن روسيا أصبح لها اليد العليا في سوريا وما حولها عن طريق استخدام القوة المسلحة وأبدى شكوكه في أن تحترم موسكو خطة لتنفيذ هدنة في البلد الذي تمزقه الحرب.

وقال نوربرت رويتجين عضو الحزب المحافظ الذي تنتمي له ميركل "أعتقد أنّ روسيا أصبحت لها اليد العليا في المنطقة وهذا أمر جديد وفقا للقياسات التاريخية. وقد تمكنت من ذلك باستخدام القوة المسلحة." وأضاف متحدثا في مؤتمر أمني في ميونيخ أنه يتشكك في تصرفات روسيا في الأيام والأسابيع المقبلة رغم موافقتها على "وقف للعمليات القتالية" من المقرر أن يبدأ خلال أسبوع.

ولم يصل الاتفاق الذي توصلت له القوى الكبرى إلى حد إعلان وقف لإطلاق النار لأن الأطراف المتحاربة -الحكومة السورية والمعارضون الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد- لم توقع عليه. وبعد يوم واحد من توقيع الاتفاق حققت القوات السورية بدعم من غارات جوية روسية مكاسب على حساب المعارضة قرب مدينة حلب في شمال سوريا.

وقال رويتجين "روسيا عازمة على خلق الحقائق على الأرض وعندما ينجحوا في ذلك سيدعون الغرب لقتال العدو المشترك وهو تنظيم الدولة الإسلامية." وقال إنه يعتقد أن هذا الأسلوب ينحي روسيا جانبا باعتبارها شريكا غير مؤهل لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال السناتور الأمريكي جون مكين الذي يشارك في المؤتمر إنه لا يعتبر الاتفاق الذي أبرم في ميونيخ في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة بعد محادثات استمرت تسع ساعات انفراجة. وقال "لنكن واضحين بشأن ما يفعله هذا الاتفاق. إنه يسمح باستمرار الهجوم الروسي على حلب لمدة أسبوع آخر." وتابع مكين "ليس صدفة أن السيد بوتين وافق على وقف للعمليات القتالية. رأينا هذا الفيلم من قبل في أوكرانيا: روسيا تمضي قدما في عملها العسكري وتخلق حقائق جديدة على الأرض وتستخدم الإنكار وتقديم المساعدات الإنسانية كأوراق تفاوض ثم تتفاوض على اتفاق يضمن لها غنائم الحرب."

ونقل التلفزيون السوري الرسمي أمس عن خطاب أرسلته الحكومة للأمم المتحدة أن القصف التركي لمناطق في شمال البلاد "دعم تركي مباشر للتنظيمات الإرهابية". وأرسلت الحكومة الخطاب بعد القصف التركي لمناطق في شمال سوريا سيطر عليها في الأيام الأخيرة مقاتلون أكراد. وأدانت الحكومة السورية تصريحات أدلى بها رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو باعتبارها "تدخلا سافرا" في الشؤون السورية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش التركي قصف مواقع تحت سيطرة مقاتلين مدعومين من الأكراد في شمال سوريا لليوم الثاني أمس ولقي مقاتلان مصرعهما.

وكانت تركيا طالبت مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية بالانسحاب من المناطق التي انتزعت السيطرة عليها في شمال حلب في الأيام الأخيرة من مقاتلين آخرين في سوريا وبينها قاعدة منغ الجوية. واستهدف القصف هذه المناطق.

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أول أمس إن القصف جرى تماشيا مع "قواعد الاشتباك ضد قوات تمثل تهديدا في أعزاز والمنطقة المحيطة". وطالب باخلاء قاعدة منغ وقال إنه تحدث مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي لبحث هذا الأمر وأكد على أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هو امتداد لحزب العمال الكردستاني ويمثل تهديدا مباشرا لتركيا.

وقال المرصد إن القصف اشتد الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي قبل أن يهدأ إلا أنه لم يتوقف. وأضاف المرصد أن تحالف قوى سوريا الديمقراطية المدعوم من الأكراد يقاتل مسلحين سوريين قرب بلدة تل رفعت. وحذر جيش الثوار وهو أحد الجماعات المسلحة في تحالف قوى سوريا الديمقراطية تركيا من أي تصعيد وقال "إن كانت لها أهداف داخل وطننا الحبيب فسوف ندافع عن أرضنا وشعبنا ونعتبرها طرفا معاديا."

ويقاتل الجيش السوري المدعوم بضربات جوية روسية مقاتلين سوريين في نفس المنطقة في محاولة لإغلاق الحدود مع تركيا واستعادة مناطق في مدينة حلب يسيطر عليها المقاتلون. ويقول مقاتلون سوريون إن وحدات حماية الشعب تحاربهم مع الجيش السوري وحلفائه في الحرب الأهلية المندلعة في البلاد منذ خمس سنوات. وتنفي وحدات حماية الشعب ذلك.

ومن جانبها، أكدت السعودية أمس أنها أرسلت طائرات إلى قاعدة إنجيرليك الجوية في تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي لقتال تنظيم الدولة الإسلامية. وقال العميد أحمد العسيري وهو مستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي لقناة العربية إن السعودية تعهدت بتصعيد القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإن هذه الخطوة جزء من هذه الجهود. وقال إن الوجود الحالي في القاعدة الجوية قاصر على الطائرات ولم يتم إرسال قوات برية.

وفي رد على سؤال عما إذا كان القوات السعودية التى انتشرت فى قاعدة انجرليك التركية تضم قوات برية قال العسيري "المتواجدة الان عبارة عن طائرات تابعة للقوات الجوية السعودية بطواقمها لتكثيف العمل الجوى."

وأبدت إسرائيل تشككها أمس في نجاح تنفيذ الاتفاق الدولي لوقف الأعمال القتالية في سوريا وأشارت إلى أن التقسيم الطائفي للبلاد يبدو محتوما وربما يكون أفضل خيار.

وتنتهج إسرائيل موقفا رسميا محايدا من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات لكن لها بعض النفوذ بين القوى التي تدخلت عسكريا في الصراع والتي اتفقت يوم الجمعة على "وقف للأعمال العسكرية" يبدأ خلال أسبوع.

ويتعرض الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر أمني في ميونيخ لانتكاسات بالفعل بسبب تبادل الاتهامات بين روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد عسكريا وتريد بقاءه في الحكم وبين قوى غربية تدعو إلى تغيير في دمشق يشمل بعض جماعات المعارضة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون مخاطبا المؤتمر في ميونيخ بعد اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين والملك عبد الله عاهل الأردن إنه "متشائم للغاية" بشأن فرص الهدنة. وأضاف "للاسف سنواجه فترة إضطراب مزمن طويلة للغاية... التخلي عن الماضي يجب أن يكون جزءا من أي استراتيجية كبرى.. أن نقول إننا سنوحد سوريا." وأضاف يعلون مشيرا إلى بعض الفصائل المتحاربة "يجب أن ندرك أننا سنشهد قيام جيوب مثل علويستان وكردستان السورية ودرزستان السورية. قد تتعاون أو تحارب بعضها البعض."

ووصف رام بن باراك مدير عام وزارة المخابرات الإسرائيلية التقسيم بأنه "الحل الممكن الوحيد". وقال لراديو الجيش الإسرائيلي "أعتقد أنه في نهاية الأمر يجب أن تتحول سوريا إلى أقاليم تحت سيطرة أي من يكون هناك - العلويون في المناطق التي يتواجدون فيها والسنة في الأماكن التي يتواجدون فيها" موضحا أن الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد لا تستطيع علاج ما حدث من شقاق بينها وبين الأغلبية السنة.

تعليق عبر الفيس بوك