فن إدارة الحياة

مدرين المكتومية

الحلم أعظم ما يمتلكه الإنسان في حياته، وهو من الثروات التي لا يدفع مقابلها ضرائب، وبالتالي الأحلام لا تحتاج منا سوى أن نخلص في العمل من أجل جعلها واقعا معاشا، وأن نحسم زمن تحقيقها، كي لا يطول فنيأس، ولا نسرع فيها فنخسرها، فكما يقال كل شيء في الحياة يحتاج إلى التأني و"الطبخ على نار هادئة". فالأمر الذي يأخذ وقت كافيا تكون نتاجه ثابتة؛ كل شيء في الحياة بدءا من ثمار الشجرة، وبناء المنزل، وانتهاء باختيار العلاقات كلها إن أخذت وقتها الكافي فستؤتي نتائج إيجابية جيّدة، أما إن استعجلناها فلن نجد منها ما يمتعنا. من أجمل ما قرأت عن الوقت هي تلك الحكمة التي سردها محمد جسري بعنوان " دقيقة واحدة" وهي عبارة عن حكمة اشتراها من عجوز مقابل حفنة من ورقات اليورو، وتقول الحكمة على لسان العجوز: "إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأنّ الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأنّ الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغيّر قرارك تجاهه.. إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنّك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.. دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنّها هي الخطوة السليمة، في حين أنّها قد تكون كارثيّة.. دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك، دقيقة واحدة قد تغيّر مجرى حياتك وحياة غيرك، وإن كنت من المسؤولين فإنّها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم.

ومن خلال تلك الحكمة التي أعجبتني وحاولت أن أستعرضها لكم، لنفكر جديا بأنّ الوقت مهم جدا ويحتاج منا لتنظيم لنكسب نتائجه، فالوقت شيء استثنائي، وخصم حقيقي وحرب فعلية؛ تحتاج منا للبذل والاجتهاد لتحقيقها والتغّلب عليها. فدعونا منذ الآن نختار لأنفسنا أحلاما وطموحات نود تحقيقها ولنحدد لها زمنًا ننجزها فيه، وإن لم ننجح في إنجازها فيكفي أننا بدأنا مشوار تحقيقها.

بالتأكيد في هذه الحياة القصيرة والمملة أحايين كثيرة ثمة متسع لأن ننجز الكثير من الأشياء والوصول إلى درجات تعليميّة عليا وزيارة مختلف دول العالم؛ ولكن ما ينقصنا لتحقيق ذلك -إذا توفرت في ميزانيتنا ما يسمح بذلك- هو تنظيمنا للوقت، فالوقت يلعب دورا كبيرا في حياة الكثيرين، وإلا لما كان لكل شيء توثيق بالزمن والمكان ولا اهتم محقق الشرطة بتوقيت الحادثة.

من هنا تأتي ضرورة أن تكون لنا أهدافا محددة وقابلة للتحقيق. وأن نعيش حياتنا بمجموعة من التساؤلات نبحث للإجابة عنها بتحديد زمانها، وعلينا أن نردد على أنفسنا" ماذا نريد أن نكون؟ وماذا نريد أن نحقق في هذه الحياة قصيرة المدى؟ فكما نعلم أنّ لكل إنسان حلما معينا يسعى إلى تحقيقه، والأهم أن يعمل على إنجازه ليعيش حياة كريمة، وكما تقول مستغانمي: "الأحلام التي تبقى أحلاماً لا تؤلمنا، نحن لا نحزن على شيء تمنيناه ولم يحدث، الألم العميق هو على ما حدث مرة واحدة، وما كنا ندري أنه لن يتكرّر. وحتى لا نصل لتلك القناعة والمرحلة من الحزن على فقدان الأشياء علينا أن نخطط لحياتنا بطريقة منهجية وواقعية ووفق خطة زمنية معينة حتى لا نشعر بالإحباط، خاصة وأن بعض الخسارات قد تنهي حياة كثيرين".

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك