أول مؤشــرات النّجاح

سلطان السعدي

إنّ التخطيط السليم والتنفيذ المُتقن يعتبر من العوامل الأساسية المساهمة في نجاح أيّ مشروع مهما اختلف نوعه وطبيعته. هذا ما يؤمن به جُل المُحللين بما فيهم الاجتماعيون. ولكن في الوقت نفسه نجد هناك الكثير من العوامل الاجتماعية التي قد تساهم في إحداث ذلك النجاح أو في إكمال مسيرته وديمومته واستمراره.

ففي حديث مع أحد المُهتمين عن الوضع الاقتصادي الراهن وكيفية تجاوزه أو مواجهته من الجانب الاجتماعي، أشار إلى أنّ باستطاعة أيّ شعب من شعوب العالم الوصول إلى مبتغاه وتحقيق أمانيه وطموحاته وتطلعاته وتخطّي كافة العقبات والمحن المتوقعة والوقوف في وجه التحديات والتصّدي لها حين تتوافر فيه الصفات والسّمات التي يتّصف بها أبناء الشعوب ذات الإنجازات. إنّ الذين اجتهدوا في بناء أوطانهم بسواعدهم الجادة هدفهم ترجمت حبهم لها من خلال عملهم على أرض الواقع وكما يُقال (العمل مفتاح الحياة)، فأصبحوا صنّاع نجاح لا تثنيهم الأزمات ولا الصعاب عن تحقيق المجد والتقدّم، عازمين على شق طريق النجاح مهما بلغ حجم المتاعب وعتوّ رياحها، فعندما يصبح الشعب له أهداف سامية ورؤية واضحة صريحة يعمل من أجل تحقيقها بكل عزم واجتهاد، غايته رفعة بلده والسُّمو بها إلى مصاف الدول المتقدمة والمنتجة في كافة المجالات فإنّه يصبو إلى تحقيق أحلامه المشروعة من خلال تسخيره كل الإمكانيات المتوفرة لديه والمتاحة كأدوات يعمل بها من أجل الوصول إلى ذلك النجاح المنشود، ونتيجة لذلك سوف تصبح نتائج المعادلة منصفة وإيجابية لصالحه دون أدنى شك. إنّ الشعوب التي قطعت أشواطاً متقدمةً في التنمية ومجالاتها حققت إنجازاتها وتجاوزت أزماتها عندما تكيّف أفرادها اجتماعياً وتفهّموا الواقع المعيشي وعملوا على بناء مستقبلهم ومستقبل بلدهم برغبة جامحة. وأصبح الفرد منهم يدرك مسؤوليته تجاه الأفراد متفهماً أبعاد تلك المسؤولية ومدى حجمها في سبيل إيجاد تفاهم مبني على أسس وضوابط إنسانية ينتج من خلالها التآلف والتعايش السلمي والتأقلم واحترام الرأي والخصوصية وصولاً إلى إحكام الترابط المجتمعي، وأن يعي الأفراد جميعهم واجبهم تجاه الوطن متّصفين بالصدق والنزاهة حريصين على مكتسبات الوطن سواءً كان ذلك بالمحافظة عليها أو بتقديم ما باستطاعتهم في كل ما يصب في صالح التنمية، وأن يتمتع الفرد بالأمانة متى ما كلّف بإدارة أيّ مؤسسة مهما كان حجمها أو موقعها، وأن يعمل وفق الاختصاصات والسياسات المحددة له، في بيئة محفّزة مليئة بالإنتاج يتمتع أفرادها بالتنافس الشريف، حريصة على تقديم خدماتها بجودة عالية، ودون أدنى شك متى ما تحقق كل ذلك التكاتف والتعاون الاجتماعي وجد معه الإخلاص ووجدت معه الكثير من القيم الإنسانية التي من خلالها تبني المجتمعات علاقتها وتتخطى محنها وتدفع بعجلة التنمية بشكل طبيعي. ولو استقرأنا تاريخ تلك البلدان ذات التجارب الناجحة وسبل تميزها ومراحل بنائها لوجدنا أنّ قوة الالتحام الاجتماعي بين الأفراد وولائهم لوطنهم وأمانتهم هو أساس ذلك البناء ومرتكزه الحقيقي، وخلاف ذلك فالنتيجة عكسية لا محالة، وخير شاهد على ذلك الصراعات والاضطرابات الداخلية التي تشهدها وتُعاني منها بعض شعوب العالم فما هي إلا نتيجة عدم التوافق المجتمعي بين الأفراد وانحلال نسيجه الاجتماعي وغلبة الفساد وبالتالي انعكس كل ذلك سلباً على اقتصاد البلد وعلى مجالاته التنموية، وبرزت ملامح التأخر والتغّير والتباطؤ والتخلّف والعزوف عن البناء والعمل فليست هناك من طموحات أو رغبات يسعون لنيلها مثل التي نالتها غيرهم من الشعوب ذات الهمم. إنّ التكيّف الاجتماعي الذي تحقق بين أفراد هذا الوطن يعتبر مؤشراً من مؤشرات النجاح وأولها وأن ترابط الأفراد وتماسكهم ظهر جلياً في أكثر من موقف لعل أبرزها اللحمة الوطنية التي شهدتها السلطنة عام 2007 إبان الأنواء المناخية التي تعرضت لها آنذاك. هذا دليل على أننا قادرون على تجاوز أي ظرف استثنائي. إنّ التعامل الإيجابي مع الصدمات الاقتصادية التي تعاني منها بلدان المنطقة بما فيها السلطنة يجب أن يتفهمها الأفراد أولاً ويسعون سعياً حثيثاً نحو إيجاد البدائل المناسبة لتخطي الأزمة مُقدمين التعاون البنّاء الذي يخدم البلد واقتصاده والصمود في وجه التحديات التي تحدثها الظروف الاقتصادية وحلحلتها بالطرق السلميّة. كما يتوجب على كافة شرائح المجتمع عدم الالتفات للمهوّلين الذي يسعون إلى خلق بيئة يشوبها التصعيد في تناول القضايا المجتمعية، وعليها البحث عن حلول ورؤى ترفد الاقتصاد وتُعزز من قوته ومكانته وفق أُطر تحتويها العقلانية والمنطق، والمساهمة بالفكر النيّر والمتّزن.

sultansalim2@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك