اصلحوا التعليم يصلُح كل شيء



حميد بن مسلم السعيدي
لا أعرف لماذا تجتمع بعض اللجان البرلمانية لمناقشة الوضع المُترهل للتعليم بالبلد، ويقضون ساعات طويلة في مناقشة تطوير التعليم، فهل توصياتهم ومقترحاتهم سيتم النظر فيها؟
يطرح هذا المقال التساؤل حول حالة التعليم، بعد سيادة حالة من الاستياء في أوساط المهتمين بهذا القطاع الحيوي بعد إعادة نشر مجموعة من نتائج التقارير والدراسات الدولية المختصة بقياس مستوى التعليم، والتي لم تأتِ بجديد بل هي تأكيد لكل ما تمّ نشره سابقاً من دراسات بحثية وتقارير دولية أثبتت أنّ قطاع التعليم يحتاج إلى قرار أكثر من حاجته إلى لجان وتوصيات، فطالما نؤمن بأن حق التعليم أحد الحقوق الأساسية للمواطن، فمن حقنا اليوم أن نطالب بأن يكون هذا الحق ليس في توفره وإنما في جودته بما يُحقق الأهداف والغايات الوطنية، حيث إنّ مستقبل هذا الوطن يرتبط بمدى مقدرة المنظومة التعليمية على إنتاج مخرجات قادرة على إحداث التغيير الإيجابي في التنمية الاقتصادية.
ولكن ما وصل إليه حال التعليم هو نتيجة للتراكمات طوال الخمس سنوات الماضية والتي طالب بها المجتمع بجميع فئاته بإصلاح التعليم، دون أن تجد أذانا صاغية من الجهات المعنية، في ظل تعدد الجهات والمجالس التي تشرف على التعليم، فالغيرة والحب لهذا الوطن هي من تدفع المواطن للنقد والرغبة للبحث عن الحلول لبناء منظومة تعليمية قادرة على تحقيق النجاح، فالفترة الماضية لم تشهد ذلك التغيير الإيجابي والذي نطمح له ويمكن أن يحدث التطوير في العملية التربوية، بما ينعكس إيجاباً على مخرجات التعليم بالرغم من صدور توجيهات سامية من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد- حفظه الله ورعاه - عام 2011 بتقييم شامل للمسيرة التعليمية بالسلطنة، وتوجيهاته عام 2012 بمراجعة شاملة لسياسات التعليم وخططه وبرامجه، فهل الفترة الماضية لم تكن كافية لإصلاح النظام التعليمي.!
واليوم نحن أمام مشهد خطير جدا وهذا يُذكرني بشعار "أمة في مواجهة الخطر" رفعته الولايات المتحدة الأمريكية في الثمانينات من القرن الماضي عندما شعروا بخطورة اندثار حضارتهم فلجأوا للتعليم لينقذهم، وهو عنوان مقال نشرته يصف حال التعليم في عام 2014، هذا الخطر الذي يشعر به الجميع نظراً لأهمية التعليم في بناء الوطن، وتأثيره الكبير على التنمية الاقتصادية، لأنّ العالم يسبقنا بعقود وربما أزمنة في حين نحن نتراجع تدريجيا وبصورة سريعة، دون أن تكون هناك معالجة مباشرة للحالة السائدة، مما يشعرنا بالأسى والألم نتيجة للإخفاق في الاستفادة من الموارد المالية التي تنفق في قطاع التعليم، وضياع جيل من أبناء الوطن دون أن يجدوا البناء الحقيقي لهم، فكان هناك فاقد كبير في استغلال الموارد المالية والطاقات البشرية في إيجاد بيئة تعليمية ناجحة، في ظل ما يشهده العالم من مرحلة تتميز بالتنافسية العالمية للسيطرة والتحكم في الأسواق العالمية والبحث عن المستهلكين لمنتجاتها، ونحن ما زلنا نترقب ذلك الخبر الذي ربما يستطيع أن يُغير من حالة التعليم، بما يمكننا من أن نشهد نتائج ومؤشرات دولية جديدة ترتقي باسم عُمان في سلم الصدارة، وحتى نصل إلى هذا المستوى فإنّ المرحلة القادمة تتطلب منّا أن نكون عند مستوى المواطنة المسؤولة ونتحمل مسؤولية ما حدث، فكل من له علاقة بالعمل التربوي، بدءًا من قمة الهرم التعليمي في المؤسسة التربوية وانتهاء بقاعدة الهرم في المدرسة يتشارك فيما حدث لهذا القطاع من تدهور في المستوى والنتائج، وهو نتيجة طبيعية للحالة التي شهدها في ظل غياب الجدية والإخلاص في العمل.
ولمعالجة ذلك فعلينا العودة إلى القاعة الصفية، حيث تحدث عملية البناء الوطني لأبناء هذا الوطن، فهناك يجب علينا أن ننظر إلى ما يحدث بداخلها، أن نكون أكثر قرباً من طلابنا، أن نتخلى عن تلك اللجان ونترك المكاتب والبروتوكولات الرسمية، أن نتحلى بالقوة والإرادة لصناعة قرار التطوير، حينها ربما نكون قادرين على تحديد المشكلة في المنظومة التعليمية، وأن نبدأ خطوات إجرائية لمعالجة تلك المشكلات بما يمكننا من النهوض التعليمي بالصورة المرجوة.
Hm.alsaidi2@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك