مشاركات واسعة في فعاليات معرض "رسالة الإسلام" بجنوب إفريقيا.. و50 لوحة تجسد النهضة العمانية الحديثة

إشادات متعددة من الحضور بالفكرة ودورها في رأب الصدع بين الحضارات وتعزيز قيم التعايش الإنساني

مسقط - الرؤية

يواصل معرض "رسالة الإسلام" جولاته في مختلف دول العالم؛ حيث انطلقت بالمتحف الوطني للتاريخ الثقافي بالعاصمة السياسية لجنوب إفريقيا بريتوريا فعاليات معرض "رسالة الإسلام من عُمان"، والتي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بالتعاون مع سفارة السلطنة لدى جنوب إفريقيا، وذلك بهدف نشر وتعزيز ثقافة التعايش المشترك والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب.

ورعت حفل الافتتاح جلالة الملكة سيماني مولو تليخي ملكة مملكة بافوكينج، بحضور سعادة مبارك بن سالم الزكواني سفير السلطنة المعتمد لدى جنوب إفريقيا، وعدد من الشخصيات الرسمية في جنوب إفريقيا؛ من بينهم أصحاب السعادة السفراء من أكثر من 50 دولة، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي من مختلف الدول ورؤساء المراكز الدينية والجاليات العربية والمُهتمين والأكاديميين، وعدد كبير من المدعوين من المجتمع الجنوب إفريقي.

وأعربت جلالة الملكة سيماني مولو تليخي ملكة مملكة بافوكينج في جنوب إفريقيا عن سعادتها بالمعرض وقالت: "أشكر سفارة السلطنة على دعوتها لي للمشاركة في هذا المعرض"، وقدّمت جلالتها مقتطفات من مقولات منتقاة حول قضايا التعايش والتفاهم والتسامح. وقالت: "إذا لم يكن الشخص متصالحا مع نفسه لا يمكن أن يتصالح مع الآخرين"، وإنّه "ينبغي أن تقول الحقيقة ولو كانت على نفسك". وتابعت القول إنّها لم تجد ديناً يحمل روح التسامح والتعايش مثل الروح الموجودة بين المسلمين، وفهم ما يقومون به من العادات والتقاليد وبالتالي تحقيق مفهوم التعايش". وأوضحت أنّه ينبغي أن تكون الحقيقة هي الكنز الذي تبحث عنه ولو كانت على نفسك، وإذا أضفت حقيقة إلى نفسك فقد ملكتها". وركزت جلالة الملكة في كلمتها على أهمية قيم التفاهم والتعايش والتسامح كقيم إنسانية ترتبط مع بعضها البعض والتي قُدمت مضامينها في معرض رسالة الإسلام.

مبادرة خلاقة

ومن جانبه، قال سعادة السفير مُبارك بن سالم الزكواني سفير السلطنة المعتمد لدى جنوب إفريقيا في كلمته: "بداية نشكر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على هذه المُبادرة، وعلى تنظيمها لهذا المعرض في بريتوريا بجمهورية جنوب إفريقيا، وهي مبادرة طيبة تعرض فكرة التسامح والتعايش في سلطنة عُمان، وأيضاً توضح رسالة الإسلام الحقيقية التي أصابها- للأسف- بعض التشويه نتيجة الأحداث الأخيرة". وأضاف سعادته: "هذا المعرض يُعد محاولة لتقديم الصورة الحقيقية للإسلام وتجربة التعايش في سلطنة عمان، خاصة وأن سلطنة عمان تتمتع بحضارة حقيقية غنية وتقدم نماذج عديدة بإمكاننا مشاركتها مع بقية شعوب العالم ومن ضمنها نموذج التعايش السلمي". وحول وفكرة إقامة المعرض في جنوب إفريقيا، قال سعادته: "إنّها فكرة ممتازة، خاصة وأنّ جنوب إفريقيا لها تجربة عريقة معروفة في هذا الجانب لما تزخر به من أعراق وديانات مختلفة، ما يبرز التمازج المشترك بين عمان وجنوب إفريقيا".

وفي الكلمة الافتتاحية، أبدى محمد بن سعيد المعمري المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية المشرف العام على معرض "رسالة الإسلام" سعادته بإقامة المعرض في جمهورية جنوب إفريقيا، وافتتاحه في واحد من أهم متاحفها في العاصمة بريتوريا، مشيراً إلى أهمية إقامته من حيث الزمان والمكان، وحرص المعرض على التعريف بالقيم المشتركة التي تجمع بين البلدين الصديقين في مفردات التسامح والتعايش والتفاهم والرسالة المشتركة بين البلدين في صنع عالم يسوده الأمن والسلام".

ديانة سماوية

وقال الشيخ إبراهيم بام رئيس جمعية العلماء المسلمين في جنوب إفريقيا: "إن الإسلام إحدى الديانات السماوية التي تدعو إلى الرحمة والتسامح بين جميع الديانات السماوية، والإسلام منذ الأزل يدعو إلى حرية الاعتقاد واحترام الآخر وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ... إلخ)، كما أكد على حرية الاعتقاد، وأن يتعايش الجميع في سلام". وأضاف: "أن إحدى ركائز السلام هي التسامح، فأغلب ما يحدث في العالم من صراعات ناجم عن فقدان ركائز التسامح والتفاهم والتعايش".

وعبر الشيخ زين العابدين كاجي المدير التنفيذي لمؤسسة الأوقاف الوطنية بجنوب إفريقيا عن سعادته بالمعرض وما شاهده من حسن التنظيم من حيث الفكرة والتطبيق، وقال إنّ رسالة الإسلام هي السلام وهذا يمثل لب الإسلام. وأضاف: "في جنوب إفريقيا يعيش المواطنون في حرية من حيث ممارسة شعائرهم الدينية"، مشيرًا إلى انسجام رسالة المعرض مع القيم التي تُؤمن بها جنوب إفريقيا.

وقال سعادة حسن بدر العقاب سفير دولة الكويت (عميد السفراء العرب) في جنوب إفريقيا: "نتقدم بالشكر إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العُمانية لما تبثه من ثقافة التعايش بين الشعوب". وأضاف: "سعيد جداً بالفيلم المعروض عن التعايش الطيب بين الجاليات والديانات المختلفة في بلادنا العربية". وأشاد سعادة السفير برسالة المعرض قائلاً: "إنّ شعار المعرض شعار طيب، ولا شك أنّ جنوب إفريقيا بلد مهم، ونحن في أمس الحاجة إلى تطبيق مضامين هذه الشعارات في ظل هذه الظروف الراهنة التي تعاني منها أمتنا الإسلامية، فالتسامح والتعاون والإخاء معان نبيلة تجسد جوهر ديننا الحنيف، ولا شك أنّ الجالية الإسلامية في جنوب أفريقيا تشكل ثقلا في بلد مثل جنوب إفريقيا".

وقالت سعادة راكياتو ماياكي سفيرة النيجر المعتمدة لدى جمهورية جنوب إفريقيا: "إنّه لمن دواعي سروري التواجد هنا في هذا المعرض المتميز، خاصة عندما علمت أنّ سلطنة عُمان هي الدولة المنظمة للمعرض، فقد كنت شغوفة جدًا بمعرفة المزيد عن عُمان، واطلعت على الكتب القيمة والتحف الفنية الجميلة، وأعجبت كثيراً بالزي التقليدي العُماني الذي يُعبر عن السلام".

الإسلام الصحيح

وقال سعادة شريف نجيب سفير جمهورية مصر العربية لدى جنوب إفريقيا إنّ المعرض يحمل قيمة كبيرة من حيث مكان إقامته وتوقيته، فجمهورية جنوب أفريقيا من أهم الدول الأفريقية، والمسلمون في جنوب أفريقيا يتميزون بالكثير من الخصال الحميدة. وأضاف سعادته أن العالم بحاجة إلى معرفة الإسلام الصحيح وفق التفسيرات المعتدلة للدين، ولعل رسالة هذا المعرض المتمثلة في التعايش والتسامح هي بداية للتعريف بالإسلام الصحيح والذي نتمنى أن يعرفه الجميع". وأكد سعادته أن توقيت إقامة المعرض مناسب جدًا لاسيما في ظل ما يتعرض له الإسلام من حملة تشويه من قبل جماعات متطرفة، وهو ما يفرض على كل مسلم أن يظهر للعالم أجمع حقيقة الإسلام المتسامح وكيف يعيش المسلمون في تسامح وإخاء بينهم، مشيرًا إلى أنّ اللوحات المعروضة والفيلم يعكسان هذه المعاني السامية.

وقالت سعادة آنا رادوتشوفسكا بروتشفيز سفيرة جمهورية بولندا المعتمدة لدى جنوب إفريقيا: "نشكركم على إقامة المعرض في هذا التوقيت والذي نواجه فيه تحديات كثيرة، وأرى أن المعرض حقيقة دعوة للحوار بين الشعوب والأديان المختلفة، وأنا سعيدة جدًا لرؤية هذا المعرض هنا في جنوب إفريقيا، فهي دولة نموذجية في التعايش السلمي بين الديانات والشعوب المختلفة، ويتعين علينا أن نفهم بعضنا أكثر وليس أن نحكم على الشعوب دون الاطلاع على ثقافتهم".

وقالت الباحثة رئيسة كاجليا المتخصصة في العلاقات العربية الجنوب إفريقية أثناء تجوالها في المعرض إنّ "رسالة الإسلام" مبادرة طيبة وخطوة إيجابية من حكومة سلطنة عُمان وتكاد تكون الأولى في العالم، فهي تمثل فرصة لإظهار صورة الإسلام الصحيح بعيداً عن التطرف والإرهاب.

50 لوحة

واشتمل المعرض على خمسين لوحة لمعرض رسالة الإسلام باللغة الإنجليزية معبرة عن أوجه الحياة العامة في سلطنة عُمان وما شهدته من نهضة حديثة وتطور مستمر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-، كما اشتمل المعرض على لوحات من الفن التشكيلي العُماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيًا وحاضرًا.

كما يتضمن المعرض- الذي يُقام في واحد من أهم المتاحف في جنوب إفريقيا- لوحات من "فن الظلال"، والذي يقدم للجمهور قيماً روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة بمساعدة عامل الضوء؛ إذ تشكل في مجموعها لوحة فنية مُعبرة، وقد قدم المشروع أربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام والأخلاق.

ويقدم المعرض كذلك "رسائل عالمية" وهي حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام والتسامح والوئام، عبر نشر بطاقات تُعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات. وتتمثل الحملة المصاحبة للمعرض في عبارة: "افعل شيئاً من أجل التسامح" والتي تهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه.

وجاء اختيار هذا الشعار إيمانًا بأهمية قيمة التسامح في ردم هوة العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام، علاوة على مناسبة هذا الشعار للأفراد في مُحيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.

وتمّ حتى الآن إصدار 7 بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وهي جزء من آية كريمة تقرر سُنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام. أما البطاقة الثانية فتحمل رسالة "أحب للناس ما تحب لنفسك" وهي جزء من حديث نبوي شريف؛ يعمق في النفس الشعور بأهمية الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرًا فليُحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لانخفضت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة. وتحمل البطاقة الثالثة رسالة "خالق النّاس بخلق حسن" وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهومًا إنسانيًا يجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرًا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.

فيما تتضمن البطاقة الرابعة رسالة "وبالوالدين إحسانا" وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتمّ اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق. أما الرسالة الخامسة فتأتي بعنوان: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك"، وتهدف إلى تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية. بينما تحمل الرسالة السادسة عنوان: "لنفسك عليك حق" وذلك للإشارة إلى أهمية الاهتمام برفع القيم في النفس، والتركيز عليها في البناء الأخلاقي. أما الرسالة السابعة فتأتي بعنوان: "أفضل النّاس أنفعهم للآخرين" للتأكيد على مبادئ التعاون بين النّاس ونشر ثقافة العمل المُشترك في مجال النفع العام والعمل التطوعي والخيري.

افعل شيئاً من أجل التسامح

وتمّ خلال الافتتاح إطلاق حملة "افعل شيئاً من أجل التسامح" (#Act For Tolerance) لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزاً لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم.

وتمّ على هامش المعرض، عرض بعض الكتب العُمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية، بالإضافة إلى استعراض عدد من صور الكتب العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها، وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.

يشار إلى أنّ معرض "رسالة الإسلام من عُمان" أطلقته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية منذ العام 2010 وزار 27 دولة حول العالم حتى الآن، ويحمل عنوان:"( التسامح والتفاهم والتعايش.. رسالة الإسلام من سلطنة عُمان". ويهدف المعرض إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمها منظمة اليونسكو، والعديد من المركز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.

ويُعد المتحف الوطني للتاريخ الثقافي في جنوب إفريقيا الذي يستضيف المعرض، واحداً من أهم الوجهات الثقافية والسياحية في بريتوريا، وتم إنشاؤه عام 1892، ويضم بين جنباته الكثير من أوجه التاريخ الثقافي في جنوب إفريقيا، بجانب معارض متخصصة للحديث عن الإسهامات التي تُقدمها في المشهد الثقافي العالمي.

تعليق عبر الفيس بوك