الشاعر خالد المعمري: الدلالات القرآنية والتاريخية تثري معجمي وقصيدة النثر لا تسكن هاجسي

قال إنّ القصيدة الحديثة تحتاج لاشتغال خاص

مسقط - العمانية

رغم بداياته الكلاسيكية إلا أنّ نص الشاعر العماني خالد المعمري بات يذهب بعيداً في عمق الرؤية الحديثة للقصيدة. لكن ذلك لم يجعله يتخلى عن الأصول الأولى فنصه ينطلق من التراث في الكثير من الأحيان وفق رؤية تنطلق من خالد المعمري نفسه ويبدو ذلك واضحاً في إصداراته " وقال نسوة في المدينة" و" وحدك لا تسافر مرتين" وغيرها.

وخالد المعمري يعتني بنصه كثيراً ولذلك يرد على من يسأله عن هذه القلة أنّ الأهم في ذات القصيدة هي ليس الكم، وإنّما هو مقدار ما تقدمه للقارئ فلا تتوقف المعيارية الشعرية على عدد القصائد التي يكتبها الشاعر في العام مثلاً وإلا فهناك من يمكننا أن نطلق عليه "الشاعر الفحل" إن جاز الوصف لكثرة ما يقدم في الشهر وليس في العام.

وما أصحاب الحوليات الذين كانوا يكتبون القصيدة ويعدلونها ويقدمونها في عام كامل إلا نموذج على النوع لا الكم. ويقال إنّ الشاعر الإنجليزي (ت. س. إليوت) صاحب قصيدة "الأرض اليباب" لم يكتب طيلة حياته إلا خمس قصائد.

ولا يعتمد خالد المعمري على الجرس الموسيقي الخارجي في نصّه الشعري وإن حضر حضر ضبابياً يقول في ذلك: أنا أعمل على التنويع بين الجرسين الداخلي والخارجي وهذا ما يجعل القصيدة موسيقية بعيدة عن النثرية. وعلى هذا ورد إليّ هذا السؤال أكثر من مرّة، عن إمكانيّة كتابتي لقصيدة النثر. فأنا لا أعتقد أنّ قصيدة النثر تسكن هاجسي لا سيما في هذه المرحلة، ثم إنّ الأدوات المتعلقة بقصيدة النثر لا تتوافر لدي حالياً. ثم إن قصيدة النثر ليس كما يظن الكثير من الشعراء بأنها قصيدة سهلة الحضور والاستدعاء. القصيدة الحديثة تحتاج إلى اشتغال خاص وجيد، فما يقدم اليوم من نصوص نثرية تنسب لقصيدة النثر هو في حد ذاته تجنٍ على قصيدة النثر، الكل يعتقد أنّ كتابة النص النثري كتابة سهلة بسيطة، وقد يعتقد البعض أنّه قادر على إصدار مجموعة لقصيدة النثر أو أكثر في فترة قصيرة، ويضيف: قد يقوم الكثيرون بذلك ولكن من ينجح هو من يقدم اشتغاله في النص ويخدم النص خدمة كبرى.

ورداً على سؤال حول تأثر نصه الشعري بالنص القرآني كما هو متأثر بنصوص وحكايات من الميثولوجيا وهل في ذلك هروب من واقع معين يقول المعمري: ليس هروباً من أي واقع بل هي تقاطعات تشكلت في بنية النص تعمل على إثراء معجمه النصي بالدلالات القرآنية والتاريخية فتأتي النصوص متعالقة مع هذه الدلالات مكونة اشتغالاً خاصاً في البيئة النصية أحيانًا يحتاج النص الشعري لما يعضد فكرته فتترابط مكوناته بالشواهد القرآنية، الحكايات، التاريخ مكونة تناصًا أدبيا في أديم النص، وأحيانا أخرى تكون هذه الدلالات عبئاً على النص الشعري، كل ذلك يحتاج توظيفًا جيدًا في النص الشعري.

وحول الأسئلة التي تراود خالد المعمري وهو يكتب نصه يقول: عند كتابة نصي الشعري، وبعد كتابته، يراودني سؤال مهم، ما الشعر؟ الشعر الذي نجري خلفه ونصوغ منه لوحة أدبية، وقالبا فنياً. هل فهمنا - نحن الشعراء - المعنى الحقيقي للشعر والذي على إثره نحمل معه قيثارتنا الممتلئة إبداعا؟ وهل فهم المتلقي معنى الشعر كي يحلم بقصيدة تحمله على جناح غيمة؟ أو يحمل معه كتاباً يضم بين دفتيه عنواناً شعرياً.

ويمضي قائلاً: أتساءل كثيراً هل بحث المتنبي عن معنى الشعر وهو يقول: على قلقٍ كأنَّ الرِّيحَ تحتي ..أُوَجِّهُها جنوباً أو شمالا.. وأتساءل أكثر هل فهم المتلقي معنى الشعر وهو يوجه سهامه للشعر وهو يقرأ المتنبي في: أنا في أمةٍ تداركَها اللهُ..غريبٌ كصالحٍ في ثمودِ..

هذه المتضادات أو الثنائيات هي ما تشكل لي السؤال ذاته عند الكتابة، فالشعر الذي يجذبنا إليه لا نزال نبحث عن هويته، والشعر الذي نتلذذ

به لا نزال نلقيه في غيابة الجب متحججين بقيود ومسميات كبلناه بها زمنا طويلاً.

تعليق عبر الفيس بوك