أسعار النفط.. أزمة مركَّبة!

علي بن بدر البوسعيدي

ترتبط نسب انخفاض أسعار النفط حاليًا، ارتباطا وثيقا بضعف الطلب العالمي على هذه السلعة الحيوية، وزيادة الإنتاج، تزامناً مع الطفرة المتحقَّقة في إنتاجات النفط الصخري. ولكنْ ثمَّة إجماع على أنَّ أسبابا أخرى تقف وراء الظاهرة التي يُمكن أن نعتبرها "اقتصادية-سياسية" مركَّبة.

ولعلَّ قراءةً مُتفحِّصة لتوقعات منظمة الطاقة الدولية للطلب على الخام، تؤكد أنَّ تراجع الطلب أسهم بنسبة تتراوح بين 20 و35% في تراجع أسعار البترول، كما تبرهن تلك التوقعات على أنَّ أحد أبرز تلك العوامل كذلك هو إصرار المملكة العربية السعودية -أكبر مصدر للخام في العالم- على عدم تقليص إنتاجها؛ وبالتالي دفع الأسعار للصعود، وهو ما جعل منظمة "أوبك" تقرر مؤخرًا الإبقاء على سقف إنتاجها المحدد بثلاثين مليون برميل يوميا رغم استمرار هبوط أسعار الخام.

ومنذ قرار "أوبك" واصلت أسعار النفط مسلسل الهبوط، وهو ما حدا بالعديد من المحللين إلى القول بأن ما يجري في أسواق النفط يعد "عقابا جماعيا"، إذ اتفق منتجو النفط الكبار في العالم والولايات المتحدة على خفض الأسعار من أجل معاقبة روسيا اقتصاديًّا، والضغط عليها بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية، وكذلك معاقبة إيران التي تم تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأصبحت لديها قدرة أكبر على بيع نفطها في الخارج، ونسوا أو تناسوا أن هبوط الأسعار لهذا المستوى المتدني سيقوِّض الدول النفطية من التوسع في سياساتها الخارجية والداخلية على حد سواء.

إن استمرار الاتجاه النزولي في أسعار النفط، هو في رأيي امتحان، و"في الامتحان يُكرم المرءُ أو يُهان"؛ وستحمِّل الأيام المقبلة المسؤولية للسياسات والإجراءات التي اتبعتها منظمة "أوبك" ومن حالفها (أو بالأحرى من تحالفهم)، فإمَّا تغيِّر سياساتها الاقتصادية وتتبنى طواقم اقتصادية جديدة لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، أو تستمر بنفس النهج والسياسات دون الاكتراث للمستقبل والنوم على وسادة "سوف" ترتفع الأسعار مجددًا.

والحمد لله أننا في السلطنة نملك من المقومات الواعدة ما يُجنِّبنا آثار تلك الأزمة التي لم ترحم أحدا (وإن كانت لا تزال تحتاج مزيدا من التعاطي لتفعيلها على مستوى أوسع).. فبورك للسلطنة قابوسها الحكيم وجهود حكومتنا الرشيدة.

تعليق عبر الفيس بوك