مواطنون: المرض النفسي لا يفقد المصابين "الأهلية".. والاهتمام بحقوق المرضى ورعايتها أبرز طرق الاستشفاء الناجعة

أبرزوا دور الأسرة في تخفيف معاناة المرضى باعتبارها الحاضنة الاجتماعية الأولى لهم

< العبري: "سلبية" الأسرة تفاقم الضغوطات النفسية على المريض

< البلوشي: الاضطرابات النفسية أكثر تعقيدا من "العضوية".. والرهان على وعي الأسرة

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

ألقى عددُ من المواطنين باللوم على الأسرة في تفاقم حالة المرضى النفسيين، والتي لم تسعَ إلى تثقف نفسها بالكيفية الصحيحة للتعامل مع ذويها، قدر مسعاها في رحلة البحث عن علاج لهم، ما لم يكن في بعض الأحيان الاكتفاء بـ"الرضا بالأمر الواقع".. مشيرين إلى ضرورة أن تصطلع الأسر بدورها بالصورة المثلى في التعامل مع هذه الحالات، عبر إيلائهم الاهتمام الأكبر وتفهم حاجاتهم بشكل جيد، بما يعتبر أساسا ومرتكزا للتخفيف من حدة اضرابات ومعاناة أولئك المرضى الضعفاء.

ويرى عبدالله بن حمد العبري أنَّ المرض النفسي يختلف عن غيره من الأمراض؛ حيث يؤثر على وظائف مهمة مثل الوعى والإدراك والتمييز والتفكير والإرادة والحكم على الأمور والاستبصار والقدرة على اتخاذ القرار، والحالة الوجدانية، والسلوك، وهذه الوظائف تتأثر بدرجات متفاوتة طبقا للحالة المرضية الموجودة؛ حيث يزداد الاضطراب فى الحالات الذهنية بشكل واضح ومؤثر، وهذا يستدعى تدخل الأسرة وأحيانا المجتمع بهدف الرعاية، وأحيانا الحماية، وربما الوصاية المؤقتة أو الدائمة، وقد يبالغ الأهل أو المجتمع فى الحماية أو الوصاية بشكل يؤثر على حقوق المريض النفسى كإنسان؛ حيث يتحوَّل الأمر من جانبهم إلى نوع من السيطرة والاستبداد والقمع، تحت ستار المرض النفسى، وقد يحدث عكس ذلك فيتعرض المريض للإهمال أو النبذ أو الوصم أو الإيذاء دون ذنب جناه.

وأضاف بأن المرض النفسى له مستويات متعددة، وينتج عن عوامل متشابكة منها الجسدى والنفسى والاجتماعى والدينى، والنظرة لهذا المرض وبالتالى التعامل معه يتأثر بالعوامل الثقافية والعادات والتقاليد، وفي بعض المجتمعات يصير المريض النفسي حالة مشينة، تستوجب العقاب، فيترك للتسول في الشوارع والطرقات، أو يتم ربطه وحبسه في المنازل، وبعضهم يتعرض للضرب؛ عقابًا له على ما يصدر منه من أفعال.. وتابع بأنَّ الأسر التي تساعد المريض وتتفهمه والتي لا توجه له النقد المستمر تسهم في سرعة بقدر كبير في شفاء المريض، على عكس الأسر المفككة أو المتشددة ولاتتفهم الدور الذي تقوم به تجاه المريض وتعامله بقسوه هولاء المرضي من شأنهم يواجهون أوقات عصيبة وتنتكس حالتهم بسرعة بسبب التعامل غير الجيد.

ويؤكد محمد بن عبدالله البلوشي أنَّ للأسرة أهمية كبرى في مساعدة المريض للخروج من معاناته وحمايته من نفسه ومن الآخرين، إلى جانب دورها الكبير في تخفيف معاناة المريض النفسي، بل إنها تساهم في تشكيل وتطور السلوك عند أبنائها؛ فهي الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتعامل مع أعضائها وهي الحضن الذي تنمو فيه بذور الشخصية الإنسانية وتوضع فيه أصول التطبع الاجتماعي، وكيفية التعامل مع المريض النفسي، وتوفير المعلومات الوافية لأفراد الأسرة ومدهم بآلية التعامل السليم معه؛ بحيث يكون الوالدان هما القدوة الحسنة. كل هذه الأشياء تلعب دورا كبيراً في شفاء المريض، خاصة وأنَّ الاضطرابات النفسية إذا مقارنة مع الأمراض العضوية الأخرى تعتبر معقدة لتتداخل عوامل وأسباب عدة قد تكون نفسية واجتماعية وجسمانية؛ لذا فإن سبل التعامل هي أساليب سلوكية يتم استعمالها بغرض مساعدة المريض على التكيف مع المرض أو الوصول للحل إن وجد، ولا تمثل بحد ذاتها علاجا شافيا.

وأضاف بأنَّ للأسرة دورا كذلك في تخفيف معاناة المريض واستقرار حالته الصحية وذلك عن طريق معاملته بالصورة السليمة، وأنْ لا تحاول أن تحتد معه في تصرفاته وأن تلتزم الصبر ويستحسن أن يتم أخذه للاختصاصي النفسي في فترات معينة لمتابعة حالته ومساعدتهم في علاجه بشكل صحيح، فتحسن الحالة أو تدهورها يعتمد إلى حد كبير على الجو الأسري والاجتماعي والعاطفي الذي يظهره الناس من حوله.

وقال عزان بن علي بن حمد العبري: على الأسرة قبل أن تتعامل مع المريض النفسي أن تدرك أن هذا المريض لديه مهارات ورغبات وقدرات مثله مثل بقية الآخرين الذين يتمتعون بصحة كاملة، وأن للأسرة دورا مهما في تأهيل هذا المريض للعلاج ليس بالتعلم فقط إانما بالتطبيق حتى تتمكن الأسرة من التعلم والتعرف على القدرات والرغبات. وأضاف: بعض من الأسر تسعى جاهدة لإيجاد طرق جديده للتعامل مع ذويها المرضى النفسيين؛ بما يُسهم في تكييفهم مجتمعيا.

وتابع العبري بقوله: الاكتشاف المبكر للاضطربات نفسية يُسهم في تحجيم المشكلة، والأسرة سهل عليها ملاحظة ذلك من خلال مراقبة سلوك الأبناء، ككراهية النفس مثلا والعجز على الإنجاز والشعور بالضيق الدائم، فالمريض النفسي شخص دائم السلبية في التفكير، وأيضا لا يملك القدرة على حلِّ المشاكل الاجتماعية المحيطه به، ويشعر دائما بالعزلة وعدم مقدرتة على التلاؤم مع البيئة المحيطة به. وقال العبري: إن للمجتمع دورا كبيرا في الحد من آثار تلك الاضطرابات على المريض النفسي. واقترح أن تكون هناك معلومات عامة عن الأمراض النفسيه المنتشرة وبالأخص الأمراض النفسية الخطيرة؛ حيث إن عدم معرفة المعلومات الكافية لدى أفراد المجتمع قد يخلق نوعا من التشويش عند العامة عن هذه الأمراض النفسية ومدى خطورتها على حياة الفرد والمجتمع.

وأضاف: معاملة الأسرة غير الصحيحة لهذه الفئة من المرضى تتسبَّب في ضغوط نفسية على المريض، وذلك لعدم تشخيص مدى خطورة المرض، أو عدم مقدرة العائله على التكيف والتعامل مع الحالة بالشكل الصحيح؛ لذا يجب علي الأسر وأفراد المجتمع الاهتمام بهذه الفئة وفهم احتياجاتهم بشكل جيد وعدم إيذاءهم أو التعامل معهم بالسلوك الخاطئ؛ لأن ذلك يزيد من معاناتهم النفسية.

تعليق عبر الفيس بوك