باحثة بولندية: النتاج الأدبي للمرأة العمانية يحوي ثروة حياتيّة بكامل أطيافها

أكدت دور جيل "الكلاسيكية" في تطور المُنجز الشعري العماني

مسقط - العمانية

قبل سنوات استضاف مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس الباحثة البولندية أ. د. باربارا ميخالك - بيكولوسكا لتقديم محاضرة عن الأدب العماني الحديث صدرت لاحقا ضمن كتاب بعنوان " في الأدب العماني الحديث" في (30 صفحة) ضمن سلسلة محاضرات (العدد 2) التي يصدرها مركز الدراسات العمانية في ديسمبر 2011م.

وتضمن الكتاب تعليقا للباحث العماني محمد بن سعيد الحجري على ما قدمته الباحثة البولندية في محاضرتها حيث تشير الباحثة البولندية في مقدمة حديثها عن الأدب العماني الحديث إلى الفراغ التي تعاني منه المكتبات الاستشراقية البولندية والأوروبية على وجه العموم بسبب غياب الدراسات التي تعنى بالأدب العماني الحديث، لذا فإنّ كتابها الذي صدر بالإنجليزية عام 2002م بعنوان " في الأدب العماني الحديث" درست فيه تطور الأدب العماني الحديث منذ 1970 وحتى 2000م - وركزت على الشعر والنثر والفنون الأدبية المرتبطة بهما.

وتطرقت البروفيسورة باربارا إلى الدور الريادي الذي لعبه جيل القصيدة الكلاسيكية في عمان كما تجلى ذلك في تجربة عبدالله الطائي الذي تجاوز تأثيرها عمان إلى الخليج العربي. كما عرضت تجربة عبدالله الخليلي وأبي سرور. ثم انتقلت للحديث عن الشعر العماني الطليعي وتقصد بذلك تجربة قصيدة النثر كما تجلت في تجربة سماء عيسى المؤسسة وما تلتها من تجارب شعرية كما تجلت في نتاج سيف الرحبي، زاهر الغافري، محمد الحارثي وبعد ذلك التجارب الشعرية اللاحقة.

أمّا فيما يخص تطور تجربة النثر العمانية فتؤكد الباحثة على "أن تاريخ تشكل الأعمال النثرية وتطورها في عمان قصير نسبيًا، مقارنة بالتقاليد الشعرية التي تمتد إلى قرون طويلة، لكن التحولات الاقتصادية والسياسية الكبيرة وما تبعها من تغيرات اجتماعية وثقافية بعد تولي السلطان قابوس سدة الحكم، أصبحت عوامل جذب لطائفة آخذة في التزايد من المبدعين العمانيين للتعبير عن اهتماماتهم نثرًا.

وتضيف أن المبدعين العمانيين انشدّوا بشكل خاص، إلى الأشكال السردية القصيرة، التي شغلت فيها القصة القصيرة مكانا بارزا بل إنّ هذا النوع التعبيري وبفضل شكله المنفتح يبدو أفضل وسيلة لعكس الواقع باستخدام مجموعة أدوات تعبيرية فنية فضفاضة، تتيح للكاتب بث أفكاره وتأملاته، واستطراداته، وتقنياته الوصفية، بحرية تامة". فبحسب الكاتبة تشكل تجربة عبدالله الطائي السردية المنطلق الأول للتجارب السردية العمانية اللاحقة، كما لعبت الصحافة دورًا مهمًا في تطور فنون النثر في عمان. فقد تطور الفن القصصي على يد أحمد بلال وسعود المظفر، وأحمد الزبيدي، ومحمود الخصيبي وحمد رشيد والأجيال الأدبية الشابة التي أتت لاحقا كما تجلى ذلك في النتاجات الأدبية لمحمد القرمطي ومحمد اليحيائي وعبدالله حبيب وعلي المعمري. وفي فترة التسعينيات شهد المشهد الأدبي تطورًا ملحوظًا بظهور نتاج كل من يحيى بن سلام المنذري ومحمد البلوشي ومحمد بن سيف الرحبي وسالم آل توية وسالم الحميدي وغيرهم من الأسماء التي ساهمت في رفد المشهد الأدبي العماني بنتاج أدبي منشور.

ولم يفت الباحثة أنّ تتطرق إلى تطوّر التجربة الأدبيّة عند الأديبة العمانية سواء في الجانب الشعري الذي تمثله أعمال سعيدة بنت خاطر الفارسية، وتركية البوسعيدية وهاشمية الموسوية وسميرة الخروصية وبدرية الوهيبية. أو جانب الإبداع النثري وتتجسد في تجارب بدرية الشحيّة وخولة الظاهرية، وطاهرة اللواتية وبشرى خلفان الوهيبية. وعن التجربة الأدبية للمرأة العمانية تختم الباحثة قائلة: " يمكننا القول عمومًا إن موضوعات النتاج الأدبي للنساء العمانيات تحوي في ثناياها ثروة حياتية كاملة بكل أطيافها، وتكشف الكاتبات والشاعرات العمانيات بأنفسهن عن خفاياها. ويمكن الجزم من خلال المنجز الإبداعي للنساء العمانيات. حتى يومنا هذا، أنهن لم يقلن كلمتهن الأخيرة، سواء في الشعر أو في النثر. ومن خلال الجهد المتواصل، والخبرة المتنامية، ستكون لأعمالهن الأدبيّة فرصة عظيمة لمواصلة التطور الواسع والمثير".

جدير بالذكر أنّ أ. د. باربارا ميخالك- بيكولوسكا تشغل منصب رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها بمعهد الاستشراق في جامعة باجيلوسكي البولندية. حاصلة على درجة بروفيسور في جامعة ياجيللونسكي في كراكوف ببولندا، وعلى درجة الدكتوراة في عام 1994م في الأدب المعاصر في الكويت، كما درست الأدب العماني الحديث وتطوره خلال الفترة من عام (1970م- 2000م) حيث أصدرت كتابًا باللغة الإنجليزية بعنوان "في الأدب العماني المعاصر" في عام 2002م. والبروفيسورة باربارا أيضًا عضو في العديد من الجمعيات والمجالس الأدبية للمستشرقين الأوروبيين كما أنّ لها مشاركات عديدة في المؤتمرات والندوات العلمية العربية والعالمية.

تعليق عبر الفيس بوك