اتفاقية نقل العلوم والتكنولوجيا مع الولايات المتحدة

علي بن كفيتان بيت سعيد

لا عَجَب أنْ نرى يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يقول "ولى شبح الحروب في المنطقة" على هامش ملتقى دافوس الاقتصادي وأثناء توقيعه اتفاقية نقل العلوم والتكنولوجيا بين السلطنة والولايات المتحدة الأمريكية، ولا عجب كذلك أن يقول وزير خارجية أكبر وأقوى دولة في العالم جون كيري: ممتنون لجلالة السلطان وحكومة السلطنة على دعمها لنزع فتيل الازمة في منطقة الخليج، وأننا نأمل أن يستمر هذا التعاون لإطفاء بقية الحرائق في اليمن وسوريا.

ففي الوقت الذي يتأرجح فيه الشرق الاوسط على نغمات الفتن توقع السلطنة اتفاقية مهمة مع الحكومة الأمريكية لنقل العلوم والتكنولوجيا، وهذا هو رهان الحاضر والمستقبل والولايات المتحدة الأمريكية لا بد أن تنظر لبوابة السلطنة المشرعة للسلام بنظرة اقتصادية، كما أن السلطنة لا بد لها أن تجني ثمار هذا العمل السياسي الدؤوب بما ينعكس على شعبها بمزيد من الرخاء والاستقرار.

إن توقعنا لعمان كبير في المرحلة المقبلة بحيث تصبح ماليزيا الشرق الأوسط؛ فكل المقومات تعطينا الأمل؛ فالشعب العماني شعب عامل لم يتربَّ على الكسل والاستكانة والرفاه المزيفة التي اوجدها النفط فالقاصي والداني يشهد بذلك فتجد العماني في جميع الوظائف العامة والخاصة وانتاجيته جيدة وهذا هو الاساس فالإنسان هو من يصنع الفرق وليس الموارد الطبيعية؛ فمعظم الدول التي دخلت نادي العشرين اعتمدت بشكل أساسي على مواردها البشرية وليس على مواردها الطبيعية، ومن وصل منها لهذا النادي بفضل الموارد الناضبة فقد لا يأمن الخروج من نادي الكبار. ولا ريب أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قرأت ذلك جيدا قبل توقيع هذه الاتفاقية الهامة في هذه المرحلة الحرجة.

نجد اليوم في السلطنة جيلا متدرجَ التعليم من التعليم التقني والحرفي حتى التعليم الأكاديمي العالي، وهذا يشجع على أن نقل التكنولوجيا بين البلدين كون السلطنة لديها كوادر قادرة على استيعاب هذه النقلة؛ فقد انتقد الكثيرون خلال المرحلة السابقة إيجاد التعليم التقني والحرفي كوننا دولة نفطية، وهذا الأمر يجب حصره على العمالة الوافدة فقط، لكن ما تفاجأنا به جميعا أن مخرجات الكليات التقنية هم الأكثر حظا في الحصول على وظائف ولديهم قاعدة عريضة من الخيارات بعكس المخرجات الأخرى، وما يبعث على الطمأنينة صعود معظم هؤلاء لوظائف قيادية في القطاع الأهلي، ناهيك عمَّن فتح لنفسه نشاطه الخاص في ظل الدعم الحكومي السخي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا بلا شك يضيف نقطة قوة أخرى للسلطنة لإبرام مثل هذه الاتفاقيات ذات البعد الإستراتيجي بعيد المدى.

... إنَّ توجه الحكومة لتطوير البنية الأساسية في مختلف مناطق السلطنة والعمل على إنشاء المرافق اللوجستية كالموانئ والمطارات كان توجه صائب رغم تأخره نسبياً ويعتقد كثير من المراقبين بأن السلطنة قادرة وفي وقت قياسي على تنويع مصادر دخلها وتقليل الاعتماد على النفط بفضل تلك النظرة الثاقبة؛ فالموقع الإستراتيجي للسلطنة ووجود الموانئ العملاقة كميناء صلالة والدقم وصحار، قد لفت انتباه الكثير من الاقتصاديين؛ ففي الأمس القريب أعلنت الحكومة الإيرانية نيتها نقل صادراتها من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب عن طريق موانئ السلطنة الآمنة والبعيدة عن التوترات في مياه الخليج المتخمة بالأساطيل الحربية.

عندما نتحدث عن اتفاقية لنقل التكنولوجيا مع أقوى اقتصاد في العالم، فلا بد أن نتحدث بلغة منطقية؛ فيجب علينا إنشاء مراكز للأبحاث التكنولوجية والإنفاق عليها بسخاء؛ فلا يزال الإنفاق على البحث العلمي في السلطنة متدنيا، وفي الوقت ذاته لا بد من تحديث وسائط الاتصالات ونقل المعلومات بما يتوافق مع المعمول به في البلدان المتقدمة صناعيا ومنها الولايات المتحدة الامريكية.

يعتبر تطوير وتأهيل الكادر البشري مهمًّا جدًّا في هذا المضمار، وما لم تكن هناك خطة لابتعاث كوادر عمانية الى مراكز العلوم والأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنَّ هذا المشروع سيواجه عقبة كأداء فليس الهدف هو جلب التكنولوجيا الحديثة ولكن الأهم هو من يشغلها ويعمل على تطويرها.

حفظ الله عمان وأدام على جلالة السلطان نعمة الصحة والعافية.

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك