انطلق نحو الريادة (1)

لم يكن الصحابي الجليل عبد الرحمن ابن عوف وهو المهاجر بدينه من مكة المكرمة مسقط رأسه ومرتع صباه تاركا المال والحلال ليصبح في المدينة المنورة مع جموع المسلمين من المهاجرين والانصار بصحبة خير البشرية محمدا صلى الله عليه وسلم الا خبيرا تجاريا ورائدا من رواد شباب مكة المكرمة الذين عرفو مواقع القوة في العمل التجاري وخبرو اسرار السوق ومواسم البيع والشراء كيف لا وهو لم يتوقف عند مفهوم الهجرة بمعناها الضيق بل حمل مع هجرته بدينه العظيم خبرته التجارية التي اكتسبها من أسواق مكة المكرمة حيث ملتقى قوافل التجارة العالمية من بلاد الشام حيث الدولة الرومانية ومنتجاتها من الزيوت والصابون والحبوب وقوافل بلاد فارس حيث منتجات الهند والصين من البهارات والسكر والعطور وقوافل اليمن حيث المنتجات الجلدية والزراعية كل هذه الخبرة التي أكتسبها عمليا والتي هذبها بمفهوم العمل التجاري في الاسلام من حسن الخلق والأمانة في البيع والشراء وعدم التسويف والمماطلة والصدق مع البائع والمشتري أعطته الحافز والدافع برغم كرم الأنصار وترحيبهم بأخوانهم القادمين المهاجرين الهاربين بدينهم من بطش عتاة الكفر في مكة وبرغم الترابط الاجتماعي العظيم الذي أستحدثه الرسول صلى الله عليه وسلم في نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار .

نرى الخبير التجاري عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه يقول كلمته المشهورة ( دلوني على سوق المدينة) ويبدأ الكفاح والعمل بصدق وإخلاص مع المحافظة على ثوابت الدين والشرع ليكون العمل التجاري وسيلة لإعمار الأرض وليس غاية للركون إليها وليكون المال يأتي من طريقه الحلال ليصرف في الطريق الحلال وتستمر الايام ليدفع عبدالرحمن ابن عوف رضي الله عنه نواة من ذهب مهرا لزوجته .

إن الرواد أصحاب الهمم العالية الذين لايستسلمون للعواصف مهما كانت قوتها ولا يستكينون أمام الشدائد مهما كانت دوافعها هم وحدهم من يبحثون بين الشوك عن وردة يستنشقون عبيرها ومن بين الطرق الملتوية في الصحارى والقفار والجبال عن طريق السمو والنجاح إن الوصول إلى القمة يحتاج لنشمر عن سواعد الجد وبذل الجهد والوقت والمال ويبدأ أولا بتحديد الهدف بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى ثم التخطيط الجيد وإيجاد الدافع نحو المهنة أو الحرفة المختارة ثم الصعود بهدوء وعزيمة وصبر :

لا تحسبن المجد تمـــرا أنت آكله

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

نعم هناك مطبات عديدة تجعلك تسقط ولكن لا تستسلم لها وانطلق وحتما ستنجح بإذن الله وسيأتي اليوم الذي ستكون فيه رائدا من رواد التجارة في بلادنا الحبيبة عمان ولتكن نقطة القمة الوصول الى مستوى العالمية فكن رائدا مبدعا ومتحركا ولا تكن راقدا واتكاليا وعمان تستاهل كل خير .

الدكتور

عبدالله بن حمد المسكري

almanara.bookshop@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك