ضرورة الاهتمام بالأنشطة غير الصفيَّة

مرتضى بن حسن بن علي

21- بذل مزيد من الاهتمام والتركيز، ومنذ المرحلة المبكرة من المرحلة الابتدائية لتعليم مادتي الرياضيات والعلوم. وتُشير كل المؤشرات والممارسات العملية، إلى أنَّ كثيرين من الطلاب سواء الحائزين على شهادة الدبلوم العام منهم أو المتسربون من النظام التعليمي، يُعانون من الضعف الشديد في هاتين المادتين.

وحسب استبيان عالمي قبل فترة شارك فيه نصف مليون طالب حول العالم، أظهرت النتائج أنَّ مستوى شريحة الطلاب العرب بما فيهم العمانيين، يقع بين أدنى (10%) في تحصيل الرياضيات والعلوم حول العالم. وتتفق نتائج هذا الاستبيان مع التمرينات التي اشتركت فيها وزارة التربية والتعليم قبل فترة، لمراقبة التحصيل العلمي في السلطنة، بالتعاون مع منظمة اليونيسف من خلال تقييم دراسة المواد والمعارف الرئيسية للصفوف 4و5و6، وكذلك التقييم الذي قامت به جامعة برنستون الأمريكية الرصينة؛ حيث أظهرت تلك التقييمات والتمارين عن مؤشرات قوية من الضعف الشديد في مادتي الرياضيات والعلوم التي تعتبر الأساس لتطوير المعارف والقدرات وهي العصب الحساس في الدراسات العلمية والعملية والتقنية والمحاسبية والتجارية، وتعاني الشركات فعلا صعوبات في إدماج كثيرين من الباحثين عن عمل أو العاملين فعلا في سوق العمل؛ الأمر الذي يُؤثر على تشغيلهم أو على ترقياتهم ومستويات أجورهم.

22- الأنشطة اللاصفية المتعددة مثل السفرات المدرسية داخل البلد وخارجه، تلعب دورا إيجابيا في توثيق علاقة الطالب بمدرسيه من جهة ومع الطلاب الآخرين من جهة أخرى، كما أنها تساعد بالابتعاد عن أجواء الرتابة؛ حيث إن الطلاب بحاجة للتغيير بين فترة وأخرى، لتجديد نشاطهم؛ لذلك فمن الضروري تشجيعها. فعلى سبيل المثال فإن السفرات المدرسية تسهم في الاطلاع على مراكز ووسائل الإنتاج المختلفة، مثل محطات توليد الكهرباء أو معامل تكرير المشتقات النفطية وتحلية المياه والمصانع الأخرى، إضافة إلى المعالم الأثرية، والتعرف على المظاهر الطبيعية وأسرارها، والتعرف على عادات الناس وثقافاتهم.

23- تشجيع الطلاب على القيام بأعمال التطوع المختلفة التي تساعد على نشر روح التعاضد والتكاتف وتعميق ثقافة التواضع. العمل التطوعي بحد ذاته يعتبر قيمة كبيرة يعود بالنفع على المتطوع والمجتمع ككل. والمتطوع بما سوف يقوم به من بعض الأعمال، سوف يساعد على نشر الشعور بالإحساس بالآخرين وإشاعة روح التعاون، كما يضيف قيمة توعية في المجتمع، ويعزز الثقافة الإيجابية وينمي روح الولاء والانتماء للوطن ويهيئ المتطوع بدنيًّا ونفسيًّا للخدمة الوطنية لاحقا، وينمِّي روح الفريق والعمل الجماعي والالتزام والانضباط.

وبإلامكان تعليم وتدريب المتطوعين في أعمال تنظيف بعض الأجزاء من المستشفيات أو المشاركة في زرع الزهور والأشجار في الأماكن العامة من شوارع وحدائق أو المشاركة في تنظيم المرور والقيام ببعض أعمال التمريض، خاصة للطالبات؛ لكي يمكن لهن في حالة وجود المخاطر الصحية التعرُّف عليها بسرعة أو القيام بالإسعافات الأولية في الحالات الطارئة.

24- التشجيع على إنشاء فرق للكشافة في أكبر عدد ممكن من المدارس وتنمية الحركة الكشفية؛ كونها رافدا من روافد التربية تساهم على اكتساب المهارات البدنية والحياتية وتنمية روح القيادة والتنظيم وتحمل المسؤولية واكتساب مهارات متعددة؛ منها: الاعتماد على النفس، وروح المبادرة، وغرس كثير من القيم والاتجاهات الإيجابية. ويتم اختيار الطلاب الراغبين بطريقة تتناسب مع أعمارهم.

25- التفكير في إلحاق الطلاب بالتدريب العسكري في جميع المدارس تدريجيًّا. والتدريب العسكري يبني روح الولاء والانتماء للوطن ويؤهل الطالب بدنيا ونفسيا وتنظيميا للانخراط مستقبلا في الحياة العامة، كما ينمي روح الفريق والعمل الجماعي واللياقة البدنية والاعتماد على النفس وتنمية روح الفريق والعمل الجماعي والانضباط وترسيخ الروح الوطنية والولاء للوطن.

ويُمكن تدريب الطالبات على مهن أخرى تتناسب معهن مثل مهنة التمريض والإسعافات الأولية التي سوف تساعدهن على التصرف الصحيح بسرعة وبشكل لائق عند الحاجة.

26- ترسيخ قيم التسامح والعيش المشترك واحترام الثقافات المختلفة وتقبل وجهات النظر المختلفةً والابتعاد عن العنف ونبذ التعصب ونشر ثقافة الاحترام للآخر مهما كان هذا الآخر، وترسيخ مفاهيم المواطنة الصحيحة المسؤولة والحفاظ على الممتلكات العامة ومعرفة الحقوق والواجبات معا وليس الحقوق فقط.

هناك أيضًا بالتأكيد أنماط وإجراءات أخرى لتحويل المدرسة من مدرسة تقليدية إلى مدرسة تستجيب للتغيرات السريعة والتحديات المفروضة من عالم معرفي ومعلوماتي يتغير باستمرار وتقدران تقود عملية التغيير؛ الأمر الذي يحتم على المدرسة -لا سيما المدرسة الثانوية- أن تُمارس هذا الدور وبسرعة. وهو موضوع سوف أتطرق إليه في الجزء الأخير من هذه المقالات.

appleorangeali@gmail.com