"اقتصادية الدولة": رفع الضرائب والرسوم ينبغي أن يأتي في سياق معالجة شاملة للتحديات على مستوى الاقتصاد الكلي

أكدت أن الخروج من الأزمة يتطلب حزمة قرارات لخفض العجز وتعزيز دور القطاع الخاص في النمو

 

فرض مزيد من الضرائب لن يعالج الأزمة.. وتحسين بيئة الاستثمار يزيد إيرادات القطاع الخاص

رفع الضرائب على أنشطة تسييل الغاز مخالف للقانون ويلزم الحكومة بتحمل الزيادة

زيادة الضرائب على قطاع التعدين تطرد الاستثمارات

تشجيع الصناعات التعدينية بدلاً من تصدير المواد الخام

نتائج سلبية متعددة على قطاع البتروكيماويات في حال زيادة الضرائب

رفض إدخال تعديلات على قانون شركات التأمين لفرض ضريبة على الأقساط المستحقة

 

 

الرؤية- نجلاء عبد العال

 

 

أكدت اللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة أنه من غير المناسب في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية اعتماد حزمة الضرائب والإجراءات المقترحة بالكامل لمعالجة عجز الميزانية وتراجع الإيرادات العامة للدولة، مشيرة إلى أن كافة الإجراءات من السياسات الانكماشية، في وقت يقبل فيه الاقتصاد على كساد محتمل.

وفي تقرير اللجنة النهائي حول مشاريع قوانين ضريبة الدخل والاستثمار الأجنبي والتأمين، دعت اللجنة إلى أهمية أن يصاحب الإجراءات المرتقبة، سياسات توسعية واضحة، واعتماد سلسلة من القرارات لتخفيف وتسهيل الإجراءات على القطاع الخاص من حيث الحصول على الموافقات والتراخيص، وتحديد مدة قصوى لإصدارها ومرجعية واحدة للشكاوى والنظر في التأخير.

 

 

 

وأوضح المكرم الشيخ محمد الحارثي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة أن اللجنة وضعت دراسة متعمقة لمشروع القانون، كما ورد من مجلس الوزراء، علاوة على دراسة جميع المرئيات التي وردت في تقرير مجلس الشورى حول المشروع. وأكد الحارثي أنّ اللجنة ضمنت منهجية عملها في التقرير المرفوع للجلسة العامة لمجلس الدولة، نظرًا لأهميته؛ حيث نص التقرير على أن "استلام مشاريع القوانين تمّ بدون مذكرات توضيحية وبدون معرفة الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها من خلال إنفاذ تلك التعديلات، ولم يتضح من مذكرة الحكومة ولا من تعديلات مجلس الشورى كيف ستساهم التعديلات المقترحة في تحقيق أهداف السياسة المالية للدولة".

كفاءة القرارات

وتابع أنه من المتعارف عليه ومن أساسيات علم الاقتصاد اتخاذ سياسات مالية تختلف في أوقات الازدهار الاقتصادي عن تلك التي يتم اتخاذها في فترات الركود أو الكساد، لتعمل بكفاءة وتتمكن من تحقيق أهدافها؛ ففي فترات الازدهار يكون الطلب الكلي أكبر من العرض وبالتالي ترفع الدولة الضرائب على دخول الأفراد والشركات بهدف تقليل القوة الشرائية، وخفض الطلب الكلي للسلع والخدمات، بينما في فترات الكساد يكون الطلب أقل من العرض وبالتالي تخفض الدولة الضرائب على دخول الأفراد والشركات أو منح إعفاءات بهدف زيادة القوة الشرائية وارتفاع الطلب الكلي (سلع وخدمات)، وينتج عن منح إعفاءات أو تخفيض الضريبة على أرباح المنتجين زيادة معدلات الإنتاج وتشجيع الاستثمار ورفع الطلب الكلي وبالتالي الوصول إلى مستوى التشغيل الكامل. وأوضح أنه ينجم عن منح الإعفاءات الضريبية سواء بصورة دائمة أو مؤقتة تعزيز الصناعة المحلية، وتوجيه المستثمرين نحو مشاريع اقتصادية تشبع حاجات عامة للمواطنين بدلاً من إشباعها من شركات أجنبية تستحوذ على القسم الأكبر من القيمة المضافة.

وزاد أنه انطلاقا من تلك الأساسيات، فقد تدارست اللجنة الاقتصادية التعديلات المقترحة بمنهجية استخدام أدوات السياسة المالية والمتمثلة في الإنفاق الحكومي والضرائب التي تسعى عادة لتحقيق الأهداف المتمثلة في المحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار، والتوصل إلى مستوى التوظف الكامل حيث تكون جميع العناصر الإنتاجية الموجودة في الاقتصاد موظفة بشكل تام، وإعادة توزيع الدخل، وكذلك رفع مستوى النمو الاقتصادي.

وبين أنّ اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة توصلت إلى أن الإجراءات المقترحة سواء من الحكومة أو مجلس الشورى "حاولت معالجة الموضوع من ناحية محاسبية ومالية بحتة، وانحصرت في الجباية وفرض المزيد من الضرائب التي سيصعب تحقيقها عملياً، وأن تحقيق مزيد من الإيرادات المرتبطة بالقطاع الخاص تتطلب تطور وتحسن بيئة الاستثمار، وأنه من غير المناسب في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية اعتماد حزمة الضرائب والإجراءات المقترحة بالكامل وكلها من السياسات الانكماشية، في الوقت الذي يقبل فيه الاقتصاد على الكساد.

ومضى الحارثي قائلاً إنّ اللجنة أرتأت أن الأمر يتوجب أن يصاحبه سياسات توسعية واضحة، "بحيث يتزامن مع إصدار القانون اعتماد سلسلة من القرارات لتخفيف وتسهيل الإجراءات على القطاع الخاص؛ من ناحية الحصول على الموافقات والتراخيص وتحديد مدة قصوى لإصدارها ومرجعية واحدة للشكاوى والنظر بالتأخير".

فرض الضرائب

وقال تقرير اللجنة إن تحقيق أهداف فرض الضرائب المقترحة يتطلب إيجاد حلول لجميع تحديات المرحلة المقبلة؛ بحيث تقر كمشروع متكامل مع وضوح مدى تأثير السياسات المقترحة على الاقتصاد الوطني، وبما ينسجم مع مرئيات مجلس الدولة حول مشروع الخطة الخمسية القادمة التي تم التقدم بها إلى الحكومة، مع التركيز على إيجاد حلول لتحديات المرحلة المقبلة.

وأوضح أن الأمر يتطلب تدارس الموضوع بشكل متكامل يشمل عدة نقاط تضم: حصر كافة الضرائب والرسوم الحالية والمقترحة؛ التي تشمل مختلف القطاعات، ودراسة تبعاتها الاقتصادية على المستوى المعيشي والاستثماري وتصنيف السلطنة في مؤشرات التنافسية الدولية، بالإضافة إلى وجود خطة متكاملة لتقليص المصروفات الحكومية؛ بما يمكنها من المعالجة الفعلية للعجز ومراقبة ميزان المدفوعات، وكذلك وجود خطة للإنعاش الاقتصادي وآليات التعامل مع تحديات انخفاض أسعار النفط، وأيضاً وجود خطة لرفع مستوى الأداء الحكومي وتعزيز دور القطاع الخاص وإزالة العوائق أمام نموه، بحيث تتضمن هذه الخطة آليات واضحة للمساءلة ولقياس كفاءة الأداء المؤسسي، وكذلك وجود خطة تشغيل الباحثين عن عمل والذين سيدخلون سوق العمل لأول مرة بين الآن وسنة 2020 والذين سيفقدون عملهم بسبب انخفاض أسعار النفط، مع خطة إصلاح لتشوهات سوق العمل.

وشدد التقرير على أنّ "الحكومة مطالبة بتحمل مسؤولياتها والإعلان عن خطتها بوضوح حول هذه النقاط قبل نهاية الربع الأول من هذه السنة، وعدم الاكتفاء برفع الضرائب والرسوم والتي لا يمكن تحقيقها بمعزل عن المعالجة الشاملة للتحديات على مستوى الاقتصاد الكلي".

ولخصت اللجنة آراءها في مشروع القانون، فقالت في التقرير إنّه "استنادًا إلى المعطيات التي أوردها التقرير، ومع الأخذ في الاعتبار أن من العوامل التي أثرت على تراجع ترتيب السلطنة في تقرير التنافسية العالمي في السنوات الأخيرة: عدم استقرار السياسات الحكومية الاقتصادية، والحاجة إلى بناء الثقة رأت اللجنة أنه فيما يتعلق بالضرائب والشرائح المختلفة، فقد اتفقت اللجنة مع الحكومة ومع مجلس الشورى على زيادة نسبة الضريبة بتطبيق معدل 15 في المائة من الدخل الخاضع للضريبة لأيّ مؤسسة أو شركة عمانية أو منشأة مستقرة عن أيّ سنة ضريبية، لكن اختلف رأي اللجنة الاقتصادية لمجلس الدولة مع رأي مجلس الشورى فيما يتعلق بإضافة بعض استثناءات على المادة؛ حيث انتهى تقرير مجلس الشورى حول هذه المادة (المادة 112 من مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء) إلى أن يضاف إلى المادة نص على أن "يستثنى من حكم الفقرة السابقة الدخل الخاضع للضريبة الناشئ عن الأنشطة الواردة فيما يأتي، فيكون حساب الضريبة عليه بتطبيق المعدلات التالية: نشاط تسييل الغاز الطبيعي يكون 55%، واستخراج الثروات الطبيعية غير النفطية بغرض التصدير يكون 55%، والصناعة البتروكيماوية القائمة على النفط والغاز تكون 35%.

لكن اللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة ارتأت أن تشمل نسبة 15% جميع المنشآت التجارية دون استثناء أو تمييز تحقيقاً لمبدأ العدالة في المعاملة، وقالت اللجنة: "في حالة حصول أي قطاع على امتيازات خاصة، يفرض الريع أو الرسوم المناسبة مقابل الاستفادة من تلك الامتيازات وليس من صافي الأرباح، ومع الاتفاق على قدرة عدد من المنشآت تحمل المزيد من الضرائب، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن هنالك عوائق قانونية بجانب العوائق المالية التي قد تواجه العديد من المنشآت التي تدخل ضمن نفس التصنيفات، كما أنّ فرض المزيد من الضرائب عليها سيؤدي إلى التأثير على تنافسيتها وخروجها من السوق، لاسيما وأن هناك الكثير من الشركات التي تعاني خسائر كبيرة في الوقت الحاضر".

رفض الاستثناءات

وشرح تقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة مبررات رفض الاستثناءات الثلاثة التي أدخلها تقرير الشورى، حيث أوضح المكرم الشيخ محمد الحارثي أن المبرر الخاص بضريبة نشاط تسييل الغاز التي يطالب مجلس الشورى برفعها إلى 55%، تتناقض مع حقيقة أن الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة وهذه الشركات عند تأسيسها تضمنت نصًا يعفي هذه الشركات من أي ضرائب أو رسوم إضافية تفرضها الدولة (وفقا للمراسيم: 26/94 و95/96 و46/97 و46/2007، والاتفاقيات الموقعة مع حكومات المملكة المتحدة وهولندا وفرنسا وكوريا)، وبالتالي وبموجب هذه الاتفاقيات التي تنظم عمل هذه الشركات، فقد أكدت الفتاوى القانونية على عدم إمكانية تعديل الضرائب عليها، وفي حالة اتخاذ قرار حولها من جانب واحد تلزم الحكومة بتحمل الزيادة المفروضة، وعليه توصي اللجنة بمنح الحكومة فترة لتتفاوض مع الشركاء لإعادة النظر في قيمة الريع وتمكين الحكومة من تحقيق معدلات أعلى من الإيرادات.

وحول الضريبة في قطاع المعادن (استخراج الثروات الطبيعية غير النفطية بغرض التصدير) والتي رأى مجلس الشورى أن يجري رفعها إلى 35%، فقد أوضح رئيس اللجنة الاقتصادية لمجلس الدولة أن اللجنة استضافت سعادة رئيس الهيئة العامة للتعدين، وجرى مناقشته بالتفصيل حول الوضع الحالي للقطاع، وقد توصلت اللجنة إلى ضرورة أن تعامل المنشآت العاملة في قطاع التعدين بنفس معاملة المنشآت التجارية الأخرى دون تمييز، وفي حالة حصول أي منشأة على امتيازات خاصة يتم فرض الريع أو الرسوم المناسبة مقابل الاستفادة من هذه الامتيازات، وليس من صافي أرباحها آخذين بعين الاعتبار عددا من النقاط. وذكر تقرير اللجنة أن من بين هذه النقاط عدم وجود فصل في الحسابات بين استخراج الثروات الطبيعية غير النفطية بغرض التصدير والاستهلاك المحلي، وحسب تقديرات الهيئة العامة للتعدين، إذ إن حوالي 70% من المواد المستخرجة يتم استخدامها محلياً، وبالتالي ستؤثر هذه الزيادة الضريبية على المواطنين بشكل غير مباشر.

وأوضح التقرير أنّه وحسب إفادة الهيئة العامة للتعدين فقد تم زيادة مختلف أنواع الرسوم والريع على القطاع بنسب كبيرة في آخر سنتين، وتزيد مساهمة هذا القطاع في بعض الحالات عن 60% من أرباحها، كما أنّه لا يمكن تعميم جميع الثروات الطبيعية ومعاملتها نفس المعاملة، فهناك خامات ذات قيمة عالية وثمينة وأخرى ذات قيمة متدنية، وتزداد قيمتها وفق التقنيات المستخدمة لتصنيعها وإيجاد قيمة مضافة لها. وتابع التقرير أنّ هذه الزيادة في الضرائب قد لا تحقق الأهداف المرجوّة منها، ولن تشجع على الاستثمار في هذا القطاع في المرحلة المقبلة خاصة مع اعتبار قطاع التعدين من القطاعات الواعدة لتنويع مصادر الدخل في الخطة الخمسية التاسعة.

إيرادات عادلة

وأكد التقرير أن تحقيق إيرادات أعدل للحكومة من التعدين يتطلب العمل على تطوير القطاع والسياسات الخاصة به، وتجويد كفاءة التحصيل وليس مجرد رفع الضرائب على الصناعات القائمة، وضرورة الاستثمار من خلال تطوير البنية التشريعية باعتبارها المرتكز الأساسي لجذب الاستثمارات وإصدار قوانين للمناجم والمحاجر وفق أفضل الممارسات الدولية، مع وضوح الإجراءات ابتداءًا من الدراسات الاستكشافية وحتى الاستغلال والإنتاج، بهدف تسهيل الإجراءات وتقديم المزايا والحوافز للمستثمرين، لزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين. كما ينبغي تحديد الجوانب التي يتطلبها تنمية قطاع المعادن على المدى المتوسط والبعيد، والتكامل المطلوب مع القطاعات المرتبطة به، التي تمكنه من المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووضع خطط عمل فعالة لتنفيذ وتطوير الأعمال المتعلقة بقطاع التعدين وتكامل دوره مع القطاعات الأخرى، بما في ذلك الجانب المؤسسي والبنية التحتية والتشريعية، وتهيئة منافذ التصدير وتوفير وسائل نقل فاعلة، ودراسة احتياجات مختلف القطاعات من المعادن بالتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة حكومية كانت أو خاصة.

وأوضح التقرير أنّه يتعين كذلك تشجيع الصناعات التعدينية من خلال وضع معايير للامتيازات التي تستهدف إقامة صناعة وطنية لتكون أكثر إغراءً من تلك التي تستهدف تصدير المواد الخام ومنحها حوافز وأسعار امتياز أفضل في حالة إقامتها لمشاريع التصنيع ذات القيمة المضافة العالية للاقتصاد الوطني والتزامها بتعظيم العوائد على المجتمع والاقتصاد الوطني، وتدريب وتشغيل المواطنين، وإقامة مصانعها في المحافظات، وغير ذلك من معايير وأهداف، بحيث لا يتم منح أيّ شركة امتياز تعديني إلا مقابل الالتزام بتحقيق عدد من الأهداف، ولا يتم تجديد الامتياز إلا عند تطبيق الشركة ما التزمت به عند طلب الامتياز.

وشدَّد التقرير على أهمية تصنيف الخامات التعدينية المتوافرة في السلطنة حسب ندرتها وسعرها في السوق، بحيث يتم التمييز بين المعادن الثمينة والمحاجر والكسارات والتي تقوم بتصدير الخامات غير المصنعة وتحديد آليات احتساب ريعها ورسومها بما يحقق إيرادات عادلة للحكومة ويضمن تنافسيتها، مع تعزيز آلية تحصيل الرسوم ورفع كفاءة الإدارة الحكومية للقطاع؛ إذ إن هناك قصورا في المبالغ المتحصلة من الريع من المعادن في السلطنة، بسبب احتفاظ الشركات بالتصاريح دون أن تدير أو تنتج من محاجرها أو كساراتها لسنوات، وفي الكثير من الدول يتم تحصيل الأتاوة السنوية سواء قام المرخص له بالإنتاج أم لم يقم، وإذا أراد المستثمر أن يحتفظ بالتصريح عليه أن يدفع الأتاوة السنوية عن الكميات المصرح له بإنتاجها (حتى لو لم ينتجها) إضافة إلى مصاريف التجديد لكي تحتفظ بالتصريح لسنة أخرى.

وأكدت اللجنة ضرورة أخذ هذه النقاط في الاعتبار قبل عرض مشروع قانون التعدين الجديد على مجلس عمان.

ضريبة البتروكيماويات

وحول ضريبة البتروكيماويات، قال التقرير إنّه لا يوجد تعريف واضح لماهية صناعة البتروكيماويات (القائمة على النفط والغاز)، والتي قد تشمل المواد التي تدخل كمواد أولية في الصناعات الوطنية الأخرى بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ حيث تتضمن صناعة النفط والغاز عددا من العمليات (استخراج النفط، التصفية وعمليات البتروكيماويات)، وتشترك جميع هذه العمليات في تحويل النفط الخام إلى مواد ذات قيمة عالية، بينما تتضمن صناعة البتروكيماويات سلسلة القطاعات المتداخلة والمساهمة في صناعة المواد البتروكيماوية ابتداءً من المنتجين وانتهاء بالمنتج النهائي، كما يمر المنتج النهائي بعدد من مراحل التحول حتى يصل إلى الشكل النهائي المستخدم. وأشار التقرير إلى أنّ هذه السلسلة تبدأ بالنفط الخام أو الغاز الطبيعي ومن ثمّ تمر بما يقارب 3 إلى 7 مراحل تحول، ويدخل في كل من هذه المراحل العديد من العناصر الأخرى التي تختلف في أحجامها وخصائصها، ولا يتكرر أي منها في جميع المراحل. وتتأثر هذه المراحل والعناصر التي تدخل في صناعة البتروكيماويات بتقلبات الاقتصاد العالمي.

وأوضح التقرير أنّ الضريبة الإضافية على هذا القطاع لا تتفق مع سياسة الدولة والمتجهة نحو تشجيع الصناعة، كما أنّ هذه الزيادة ستؤثر على تكلفة الإنتاج والتي تدخل فيها المواد البتروكيماوية كمواد أساسية في عملية التصنيع في قطاع اعتبر من القطاعات الواعدة بالخطة الخمسية التاسعة، خاصة وأنّ صناعة البتروكيماويات في السلطنة تعد في مراحلها المبدئية، وذلك في ظل المنشآت ذات القدرة المحدودة، وإذا ما تم فرض هذه الضريبة سيؤدي ذلك إلى رفع التكلفة مما يقلل القدرة التنافسية للمنتجات العمانية على مستوى السوق العالمي وحتى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

وزاد التقرير أنّ مثل هذه الزيادة ستنعكس سلباً على جميع القطاعات المتداخلة مع قطاع البتروكيماويات في السلطنة، حيث ستؤدي إلى تقليل جاذبية السلطنة كوجهة تنافسية في صناعة البتروكيماويات وستضعف فرص الاستثمار في هذه الصناعة بالسلطنة (على الرغم من أنّ السلطنة تمتلك المواد الخام). كما أن الزيادة ستدفع السلطنة إلى مواصلة تصدير المواد الخام للخارج بأسعار محدودة؛ حيث تصدر أوربك حاليا 90% من المواد البتروكيماوية، كما سيؤثر القرار سلباً على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتداخلة مع هذه الصناعة، ومثال ذلك مشاريع أكياس وخزانات البلاستيك والمواد الكيميائية الصناعية.

وتابع التقرير أن الأنظمة الضريبية في دول مجلس التعاون هي الأقل بين دول العالم، إذ يبلغ متوسط تقدير الضريبة في هذا القطاع نحو 23.6% مقارنة بالمتوسط العالمي والذي يبلغ نحو 44.7% وفق إحصائيات منظمة "أوبك"، وتأتي السلطنة في المرتبة الثانية بفرض نسبة تقدر بـ12% بعد السعودية (20%)، وتليها قطر (10%)، في حين لا تفرض كل من الإمارات والبحرين والكويت أية ضرائب حتى الآن. وبين التقرير أنه بناء على ماسبق، فإن أي زيادة في معدل ضريبة الشركات على الصناعات البتروكيماوية من شأنها أن تؤثر على القدرة التنافسية للسلطنة والجاذبية الاستثمارية لها.

وأشار التقرير إلى أن السعودية- وإن ارتفع معدل الضريبة فيها- إلا أنها تحظى بميزة انخفاض تكلفة الوحدة الحرارية وتقدر بـ1.25 دولار، وبالتالي فإن زيادة الضرائب ستؤثر سلباً على تنافسية السلطنة وقد تؤدي إلى نتائج سلبية لمستقبل الاستثمارات في المرحلة المقبلة.

أرباح "الصغيرة والمتوسطة"

وحول ضريبة أرباح المنشآت الصغيرة والمتوسطة، اعتمد التقرير نسبة 3% مع استخدام أدوات السياسات المالية بالإعفاء كاملا من احكام هذه المادة "المنشآت التي يتفرغ لإدارتها مالكها أو أحد شركائها تفرغاً تاما وكذلك المنشآت التي توظف ما لا يقل عن شخصين عمانيين"، وذلك بهدف إيجاد فرص تشغيلية للمواطنين ومنح الميزة التنافسية للأنشطة التي يتفرغ أصحابها لإدارتها أو توظف حدا أدنى من المواطنين، خاصة أن نسبة العاملين العمانيين في هذا النوع من المنشآت يقل عن 5%".

وقال المكرم الشيخ محمد الحارثي رئيس اللجنة الاقتصادية إنه من أجل تحسين أداء الأمانة العامة للضرائب وعدم إرهاق المنشآت التجارية بالمطالبات بعد سنوات طويلة من إغلاق حساباتها، ألزمت اللجنة الأمانة العامة للضرائب باستقبال جميع الإقرارات الضريبية ومعاملات الربط الضريبي إلكترونيا، وبحيث تتم عملية الربط الضريبي في فترة أقصاها ثلاث سنوات، وبأن تكون جميع مراسلاتها مع المنشآت التجارية بالبريد المسجل.

وفيما يتعلق بمشروع تعديل بعض أحكام قانون شركات التأمين، رأت اللجنة أن الإيرادات التي ستعود من هذه الضريبة ستكون قليلة نسبيًا؛ حيث تشير التقديرات إلى أن حجم الوعاء التأميني في السلطنة صغير نسبيا، وأنه من غير المناسب فرض ضريبة على التأمين بموجب مراسيم سامية، ويمكن التعامل معها أسوة بإجراءات الرسوم الأخرى، من خلال القوانين والأنظمة الأخرى المتعلقة بإيرادات الدولة كالرسوم والأتاوات والريع... إلخ، أو من خلال ضريبة القيمة المضافة المزمع فرضها في المرحلة المقبلة.

وأخذت اللجنة في الاعتبار أن الضرائب تفرض على المبالغ الصافية وليس على المصاريف والرسوم، كما أن شركات التأمين ليس من اختصاصها جباية الضرائب نيابة عن الحكومة وفرض غرامات عليها مقابل عدم تسديد مبالغ قد لا تكون استلمتها أصلا، وعليه قررت اللجنة عدم الموافقة على إدخال أية تعديلات على قانون شركات التأمين تتعلق بفرض ضريبة على الأقساط المستحقة لشركات التأمين.

وحول مشروع تعديل بعض أحكام قانون استثمار رأس المال الأجنبي أكدت اللجنة على أن هذه التعديلات لا علاقة لها بمشروع قانون الاستثمار الأجنبي الجديد الذي تضع الحكومة اللمسات الأخيرة عليه، وإنما تتعلق بتعديل مادة مرتبطة بالإعفاءات الضريبية لتنسجم مع التعديلات المقترحة في مشروع قانون الضرائب.

تعليق عبر الفيس بوك