انطلاق أعمال المؤتمر الخليجي الثاني للتثقيف بتقنية النانو.. وأوراق عمل وجلسات نقاشية تستعرض تنمية الابتكارات

مسقط - سَيْف السيابي - مُحمَّد خلفان

تصوير/ إبراهيم القاسمي

رَعَتْ مَعَالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بجامعة السلطان قابوس، افتتاح المؤتمر الخليجي الثاني للتثقيف بتقنية النانو، والذي تنظمه اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، بالتعاون مع المنظمة العالمية لاستثمار أوقات الفراغ بالعلوم والتكنولوجيا (MILSET)، وبمشاركة عدد من الخبراء والمختصين في مجال تقنية النانو من داخل السلطنة ومن بعض الدول الشقيقة والصديقة.

وقالتْ مَعَالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم: إنَّ هذا الملتقى الخليجي الثاني تنظمه اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع المنظمة العالمية، ويشارك فيه نخبة من المتخصصين والباحثين في هذا المجال من داخل السلطنة وخارجها، ويهدف إلى التثقيف بتقنية النانو واستثمار أوقات الفراغ بالعلوم والتكنولوجيا. وأضافت أن المؤتمر يأتي تأكيداً لاهتمام وزارة التربية والتعليم بهذه التقنية الحديثة، ورغبة منها في الاطلاع على المستجدات الحديثة والخبرات والتجارب الدُولية في مجال تضمين المناهج الدراسية لمفاهيم تقنية النانو في المراحل الدراسية المختلفة. وتابعت معاليها بأنَّ الملتقى شهد في جلسته الافتتاحية محاور رئيسة متخصصة في مجال تقنية النانو.. مشيرة إلى أنَّ باقي جلسات الملتقى ستتضمن أوراق عمل تسهم بدور فاعل في التثقيف بهذه التقنية في الأوساط التربوية، إلى جانب التعرف على طرق التدريس الفاعلة لتدريس هذه التقنية عبر المراحل الدراسية، ودورها في تنمية البحث العلمي وتعزيز الابتكار لدى الطلاب، وإسهامها في تعزيز المدخل الخاص بتعلم العلوم والرياضيات وتقنية المعلومات (STEM). وأكدت معاليها أنَّه في إطار ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من جهود لتطوير المناهج الدراسية وفق المعايير العالمية، فإنه من المخطط له أن تضمن وثائق تلك المعايير بالمفاهيم الخاصة بعلم تقنية النانو، كما إن مشاركة مجموعة من أعضاء المناهج الدراسية، ومشرفي ومعلمي المواد العملية، في أعمال هذا الملتقى يعد فرصة حقيقية لهم لفهم تطبيقات تقنية النانو.

ومضمت معاليها قائلة: إنَّ الوزارة ستعمل على تفعيل مخرجات هذا الملتقى من خلال تدريب المعلمين والمشرفين والمتخصصين في المناهج الدراسية على هذه التقنية، ليكون لذلك انعكاسا إيجابيا على تعزيز فهم الطلاب لمستجدات مثل هذه العلوم، وإعداد جيل لديه القدرة على التخصص في هذا المجال مستقبلا.

تقنية العصر الجديد

وفي بداية المؤتمر، ألقت فاطمة بنت سعيد الهنائية مساعدة أمين اللجنة الوطنية العمانية للعلاقات والثقافة والعلوم للعلاقات الدولية، كلمة؛ قالت فيها: إنَّ تقنية النانو تعد تقنية العصر القادم، لما لها من تأثيرات كبيرة في مجالات الحياة المختلفة، وتعد ثورة علمية هائلة لا تقل عن الثورات الصناعية التي نقلت الإنسان إلى عصر الفضاء والاتصالات والانترنت. واوضحت ان هذه التقنية ستعمل على إنتاج كل ما يتخيله الإنسان بجودة عالية وتكلفة منخفضة، كما ستعمل على تغيير معالم الحياة بالشكل الذي لا يستطيع الإنسان التنبؤ به في عصرنا الحالي. وأشارت إلى أنَّه وعلى الرغم من التنبؤات المتفائلة بما ستحققه تكنولوجيا النانو من تقدم وتطور ورفاهية للإنسانية، إلا أن الأمر يتطلب من الأنظمة التعليمية أن تكون مواكبة لهذه التقنية بحيث تحتل أولوية ‏‏مهمة إلى جانب أولويات التعليم الأخرى. وأضافت الهنائية أن تكنولوجيا النانو تمثل أرضية مشتركة لعلوم الهندسة والأحياء والفيزياء والطب والكيمياء، وقد بدأ توظيف ‏‏واستخدام تكنولوجيا النانو في تطوير هذه العلوم واستخدام عناصر هذه المجالات في بناء العلوم الدقيقة والتطبيقية ‏‏برؤية جديدة تمثل نقلة نوعية في علوم النانو وما يتصل بها من علوم أخرى. وبينت أنه ينبغي إحداث نقلة نوعية وحقيقة في طرق واستراتيجيات تعليم العلوم والرياضيات خصوصا في مراحل ما قبل التعليم الجامعي مع التركيز على تعزيز تعليم المفاهيم المشتركة بين التخصصات المختلفة.

أهمية التثقيف

وأكَّدت الهنائية أهمية تثقيف العامة على كافة الأصعدة بما ينمي ويجذب الأجيال القادمة نحو تعلم تخصصات علمية جديدة مرتبطة بهذه التقنية؛ فقد احتدم السباق اليوم بين الدول في التنافس على استحواذ مفاتيح علوم تقنية النانو، بعدما كان السباق في العقدين ‏الماضيين للسيطرة على الاتصالات والفضاء وغير ذلك من مجالات التميز والريادة العلمية، حتى غدا الدخول لعصر النانو ضروريًا لأي دولةٍ تسعى ‏إلى المنافسة في العلوم التطبيقية الحديثة، وفتح آفاقا لاقتصادات جديدة.

وأشارت الهنائية إلى ما قامت به دول كبرى خلال الربع الأخير من القرن الماضي من إطلاق مبادراتها الوطنية في هذا المجال، كتلك التي أطلقتها ‏الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، وهي المبادرة الوطنية للنانوتكنولوجي، ومن ثم تلتها مبادرات أخرى في ‏اليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، وألمانيا. وأوضحت أنَّ الحكومة الروسية وافقت على البرنامج الفيدرالي لتطوير ‏البنية الأساسية للنانو تكنولوجي للفترة من 2008-2010 من خلال تطوير المراكز المتخصصة في ذلك، ومن هذا المنطلق تأتي الشراكة بين وزارة التربية والتعليم والمنظمة العالمية لاستثمار أوقات الفراغ في العلوم والتكنولوجيا في تنظيم المؤتمر الخليجي الثاني للتثقيف بتقنية النانو في التعليم، وبشراكة فاعلة مع مجلس البحث العلمي وجامعة السلطان قابوس، وبدعم من المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم والشركة العمانية للغاز المسال.

جلسة عامة

إلى ذلك، بدأت جلسات المؤتمر بالجلسة العامة التي حملت عنوان "استغلال الأفضل مع مراعاة الوضع المحلي"، وتحدث فيها الدكتور سالم الحارثي رئيس فريق إدارة المخاطر بجامعة السلطان قابوس -المتحدث الرئيسي في الجلسة- عن أهمية استغلال الخبرات العالمية في هذا المجال والاستفادة من العمل الجماعي من مختلف التخصصات لما لهذه التقنية من أبعاد. وأشار إلى أن التحدي يكمن في العمل الجماعي ومتطلباته من حيث الإدارة والحوكمة، كما أشارت الورقة إلى توفر إمكانات ومتطلبات التقنية في السلطنة؛ الأمر الذي يسهل وضع إستراتيجيات وخطط قابلة للتنفيذ ثم الشروع في العمل.

وقدم المتحدث الرئيسي الثاني الأستاذ الدكتور نور إم بت من الجمهورية الباكستانية ورقة عمل بعنوان "تقنية النانو في التربية"، أشار فيها إلى أهمية دمج تقنية النانو في المناهج بمختلف المراحل التعليمية وخصائص تقنية النانو، وعرض نماذج لبعض الدولة التي أدرجت التقنية في مناهجها الدراسية وبعض تطبيقات تقنية النانو.

وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان "تدريب وإعداد المعلمين لتدريس علوم تقنية النانو" والتي ترأسها الدكتور سالم الحارثي، وقدم تزو فن لن الأستاذ المساعد بقسم العلوم التطبيقية من جامعة تايتونج الوطنية ورقة عمل بعنوان "النماذج العلمية لتقنية النانو في تدريس العلوم للصف الثاني عشر وأنشطة التوعية بالعلوم في شرق تايوان"، واستعرض تطوير نماذج عملية لتقنية النانو لطلاب الصف الثاني عشر، وتتضمن هذه النماذج توجيهات وأنشطة استكشافية، وتعزز فهم الطلاب لهذه التقنية بالإضافة إلى المفاهيم الأساسية لمنهج العلوم، وتزيد دافعية المعلمين وحماسهم لإدخال تقنيات تدريس أفضل.

وقدم الدكتور محمد بن زاهر العبري ورقة عمل بعنوان: "المنهجية المتعددة الأساليب لكرسي تقنية النانو في مجال التعليم والتدريب"، وأشار إلى دور كرسي جلالة السلطان لتقنية النانو في نشر الوعي والتدريب المستقبلي للمعلمين، إضافة إلى دوره في إبراز صورة السلطنة محليا ودوليا؛ وذلك عن طريق نشر الأوراق العلمية وبعض الاكتشافات في مجال تقنية النانو لتحلية وتنقية مياه البحر. وقدم الدكتور سعيد سركار أمين عام مجلس مبادرة تقنية النانو ورقة بعنوان "تأثير التوعية والموارد البشرية على تطور تقنية النانو في إيران"، وتحدث فيها عن أنشطة النانو في إيران، وما توصلت إليه في مجال التعليم والتربية على مستوى الثانوية العامة والجامعة والدراسات العليا، كما تحدث عن انتقال النانو توكنولوجيا إلى السوق المحلي عبر شركة توانا ألن، والتي تصنع 15 جهازا في هذا المجال تستخدم في التعليم الجامعي والثانوي، كما أنها تقدم برامج مختلفة في علم النانو.

الأنشطة الصفية واللاصفية

وعقدت الجلسة الثانية بعنوان "الوسائل التعليمية والأنشطة الصفية واللا صفية لعلوم تقنية النانو"، برئاسة البروفيسورعلي يحيى بو مجداد. قدم فيها الدكتور يانج وي لن أستاذ مشارك بجامعة تشانجوا الوطنية للتربية ورقة بعنوان "التثقيف بتقنية النانو.. مقدمة حول إعداد وتصنيف وتطبيقات جسيمات النانو في الذهب"، تحدث فيها عن استخدام الوسائل والأنشطة العلمية ضمن حصة مدرسية وذكر مثالا على ذلك تصنيع كريات الذهب بحجوم النانو المترية، واستخدامها داخل غرفة الفصل أو المعارض العلمية بحيث يستطيع الطلاب فهم مصطلحات تقنية النانو واستخدام تطبيقاتها في الحياة اليومية.

وقدَّم أحمد عبدالله الشبل من المملكة العربية السعودية ورقة بعنوان "دور المراكز العلمية في تحقيق التعلم والتثقيف بتقنية النانو"، تطرق فيها إلى بعض المراكز المتعلقة بنشر ثقافة النانو ودور المراكز والجمعيات الأهلية في التثقيف بهذا المجال وعرض بعض المشروعات في دعم تقنية النانو في مناهج التعليم العام في المملكة العربية السعودية، كما تطرق إلى جهود المملكة في دعم هذا المجال.

وقدمت فاطمة بنت عبدالله السلمانية معلمة فيزياء بمدرسة أم سعد الأنصارية ورقة عمل بعنوان "تقنية النانو وأهميتها في مدارسنا"، عرفت فيها مفهوم النانو وسبب وجود هذه التقنية والهدف من وجودها في المناهج الدراسية. وعرضت السلمانية مقترحات لتضمين التقنية في المناهج الدراسية منها: تطوير المنهاج المدرسي، وتثقيف المعلمين وتعريفهم بالتقنية وتهيئة المبنى المدرسي. وفي نهاية اليوم زار المشاركون في المؤتمر مختبرات تقنية النانو بجامعة السلطان قابوس.

ويهدف المؤتمر إلى الاطلاع على الخبرات الدولية في مجال تضمين المناهج الدراسية لمفاهيم تقنية النانو في مختلف المراحل الدراسية، والاسهام في نشر ثقافة تقنية النانو في الأوساط التربوية، والتعرف إلى واقع استراتيجيات وطرق تدريس وأسس قياس مفاهيم تقنية النانو في بعض دول العالم، وتبادل الخبرات العلمية والتربوية فيها، ويستهدف الأكاديميين المهتمين بتقنية النانو وواضعي السياسات التربوية وأعضاء المناهج ومشرفي ومشرفات المواد العلمية والمعلمين والمعلمات لمواد العلوم بالإضافة إلى الطلبة الجامعين في كليات التربية من مختلف الدول والجهات فمن السلطنة تشارك وزارة التربية والتعليم ممثلة في اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وجامعة السلطان قابوس، ومجلس البحث العلمي، وشركة تنمية نفط عمان. كما تشارك المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت والجمهورية اليمينة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمهورية باكستان الإسلامية، وتايوان.

ويأتي تنفيذ هذا المؤتمر تأكيداً لاهتمام وزارة التربية والتعليم بهذه التقنية الحديثة والاطلاع على المستجدات الحديثة في هذا المجال، والاطلاع على الخبرات والتجارب الدُولية في مجال تضمين المناهج الدراسية لمفاهيم تقنية النانو في مختلف المراحل الدراسية، والإسهام في نشر ثقافة تقنية النانو في الأوساط التربوية، وكذلك التعرف على طرق تدريس وأسس قياس مفاهيم تقنية النانو في بعض دول العالم، وتبادل الخبرات العلمية والتربوية في هذا المجال، إضافة إلى خلق شراكات بحثية متميزة مع مراكز عالمية متقدمة في مجال هذه التقنية.

تعليق عبر الفيس بوك