السلطنة تستضيف المهرجان الخليجي المسرحي لذوي الإعاقة في نسخته الرابعة.. و6 عروض تبرز مواهب المشاركين

لجنة تحكيم تجمع أكاديميين وفنانين ومهتمين بالثقافة والفن والتمثيل

< الكلباني: المهرجان فرصة لإظهار مواهب وقدرات ذوي الإعاقة في جو تنافسي

< المعولي: المسرح أبرز أشكال الفنون الجماعية الرامية للتواصل مع المجتمع

< الشنفري: "المزار" تعالج جملة من القضايا الهادفة وتبعث برسائل توعوية

انطلقتْ، مساء أمس، فعاليات المهرجان المسرحي الرابع للأشخاص ذوي الإعاقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي تستضيفه السلطنة -مُمثلة في وزارة التنمية الاجتماعية- خلال الفترة من السابع والعشرين من شهر ديسمبر الجاري وحتى الثاني من شهر يناير المقبل، بمقر مسرح الكلية التقنية العليا بالخوير، وبرعاية إعلامية من جريدة "الرُّؤية" و"عُمان" و"الوطن" و"الشبيبة" و"الزمن".

ورَعَى افتتاحَ المهرجان مَعَالي السيِّد سُعود بن هلال البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ مسقط، وبحضور معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية، وعدد من أصحاب المعالي والسعادة وسفراء الدول الخليجية المشاركة ورؤساء الوفود وجمع غفير من المدعويين. وقال مَعَالي الشيخ مُحمَّد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية: "بكل الحب، تحتضنُ السلطنة أبناءها من دول الخليج العربي للمشاركة في هذا المهرجان، والذي يأتي تأكيدا على اهتمام السلطنة، واستمرارا لنهج دول مجلس التعاون في دعم وتنمية الأشخاص ذوي الإعاقة؛ حيث يُعدُّ المهرجان المسرحي فرصة لإظهار قدرات ومواهب هذه الفئة وتنميتها في جو تنافسي على خشبة المسرح؛ مما يُسهم في صقل شخصياتهم، كما أنَّ المسرح بمجالاته المختلفة مرآة تعكس واقع المجتمع، ومتمنيا كل التوفيق لجميع المشاركين، ولهم منا كل الشكر وطيب الإقامة في السلطنة".

مسقط - الرُّؤية

وبدأ حفلُ الافتتاح بقراءة آيات من الذكر الحكيم، بعدها ألقى سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، كلمة الوزارة.. قال فيها: إنَّ العملَ المسرحيَّ من أهم أشكال الفنون الجماعية التي يتم عبرها التواصل مباشرة مع المجتمع؛ حيث إنَّ العروض المسرحية التي تقدم على الخشبة تقيم تخاطبا وتفاعلا مباشرا ومتصلا مع الحضور؛ لذلك يمتلك المسرح تأثيرا قويا على وعي وسيكيولوجية المتتبعين له، بما يطرحه من قضايا لها علاقة بالمجتمع، وتعبر عن همومه ومشكلاته وتطلعاته. وأضاف بأنَّ العمل المسرحي هو معمل إبداعي لاكتشاف وإطلاق وتنمية المواهب والقدرات المتعددة في المجتمع؛ وبالتالي هو من أهم المؤسسات القادرة على تمكين الإنسان وصقل قدراته وربطه بمجتمعه وجعله مشاركا حقيقيا في تنمية وتطوير بلاده. وأوضح أنَّ من الطاقات التي تحتاج إلى تحفيز واستنهاض لدى فئة الأشخاص ذوي الإعاقة هي المواهب الفنية، ومن ضمنها المواهب المسرحية المتعددة في التأليف والتمثيل والإخراج والإضاءة والسينوغرافيا. وتابع المعولي بأنَّ رسالة المهرجان تتجلى في تمكين المشاركين من خلال إظهار مواهبهم وقدراتهم الفنية في مجال المسرح بكل أنواعه وأشكاله. مشيرا إلى أنَّ هذا المهرجان يعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف المتعددة المباشرة وغير المباشرة؛ ومن بينها غرس الثقة وتنميتها لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على صقل هذه المواهب من خلال التدريب وتراكم الخبرات، وتنشيط وتنمية الحراك الثقافي والمسرحي في مجال الإعاقة بدول مجلس التعاون، إضافة إلى إتاحة الفرصة للتعبير عن قضاياهم ومشاعرهم ومواقفهم في جميع الأمور التي تدور في مجتمعاتهم مسرحيًّا، وتنمية الذوق الفني المسرحي وفق مبدأ الأهلية المتساوية بين كافة أفراد المجتمع، وإن اختلفوا في قدراتهم واحتياجاتهم، والمساهمة في تعزيز التمكين الذاتي والدمج الاجتماعي من خلال الفنون خاصة الفن المسرحي، إلى جانب تعزيز الاتجاهات والمواقف الإيجابية لدى المجتمع وتغيير الصور السلبية السائدة اتجاههم.

قرارات مجلس التعاون

بعدها، ألقى سعادة عقيل أحمد الجاسم مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كلمة المكتب التنفيذي؛ ذكر فيها أنَّ تنظيم هذا المهرجان يأتي تنفيذاً لقرار أصحاب المعالي والسعادة وزراء الشؤون والتنمية الاجتماعية باعتماد تنظيم المهرجان المسرحي للأشخاص ذوي الإعاقة دوريًّا كل سنتين، والذي تستضيفه السلطنة هذا العام في دورته الرابعة بعد أن استضافته دولة قطر في العام 2009، ودولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2011، ومملكة البحرين في العام 2013، وذلك في إطار الاهتمام الخليجي المشترك بقضية الإعاقة ومشكلاتها، ونقلها من الرعاية إلى التمكين بما يتضمنه من ضرورة بناء قدرات ذوي الإعاقة وتمكينهم ودمجهم في المجتمع، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن قضاياهم ومشكلاتهم، واستثمار طاقاتهم لترسيخ ثقتهم بذاتهم وإمكاناتهم، وتمتعهم بكافة الامتيازات التي يتمتع بها أي مواطن بشكل عادل دون تمييز على أساس الإعاقة؛ حيث وجدوا في المسرح خير قناة أو وسيلة للتعبير عن مشاعرهم وما يختلج في وجدانهم من أحاسيس ومشاعر.

إسهام ثقافي

وأضاف الجاسم بأنَّه من خلال المسرح يمكن إتاحة الفرصة بكل شفافية للأشخاص ذوي الإعاقة لحمل رسالتهم إلى المجتمع والتعبير عن ذاتهم وآمالهم وقضاياهم، إضافة إلى ما تضيفه أعمالهم المسرحية من إسهام ثقافي واجتماعي في الحراك الاجتماعي بكافة مستوياته وأطيافه؛ باعتبار أن الاختلاف والتنوع الإنساني أمراً حتميًّا في الحياة، وهو مصدر قوة وتجدد المجتمع وتقدمه، كما يُعدُّ المهرجان فرصة للأشخاص ذوي الإعاقة للتعبير عن طاقاتهم الإبداعية في أعمالهم المسرحية؛ باعتبارهم مواطنين ضمن التنوع الإنساني في الخلق والإبداع والعمل، ونحن على ثقة بأنها سوف تكلل بالنجاح والإشادة لأنها أصحبت تجربة متراكمة لمسرح الأشخاص ذوي الإعاقة ومبنية على تاريخ في المهرجان المسرحي الخليجي.

إلى ذلك، شاهد راعي الحفل والحضور العرض المسرحي للسلطنة بعنوان "المزار". ومسرحية "المزار" تتناول قصة الرؤيا التي يقول عنها خادم الضريح: "الخادم: اسمعوني... اسمعوني... يا من آمنتم بالحق.. وتفطرت قلوبكم حبا.. وأدمعت أعينكم شوقا لرؤيته.. قد نظفتم أنفسكم من أوساخ الدنيا فهنيئا لكم، وإني لأبشركم برؤيا تراءت لي بالأمس، تلك الرؤيا التي تجعل العقول لا تفكر، بل تؤمن بها دون أن تتحقق وإن كانت سراب".

من جهته، قال عماد بن محسن الشنفري كاتب مؤلف مسرحية المزار: إنَّ المسرحية تعالج مجموعة من القضايا في وقتنا الحالي حينما تصبح ممارسة الدين من أجل الوصول إلى هدف دنيوي معين؛ حيث إنَّ هذا العمل تمت طباعته وإصداره منذ عدة سنوات داخل السلطنة وخارجها، حيث إنَّ النصَّ بحد ذاته يحمل قيم ورسائل معينة أبرزها عدم جعل الدين غطاء للوصول إلى رغبات دنيوية وأهداف أخرى، فهناك من يتاجر ويتلاعب باسم الدين.

وأوضح الشنفري أن مسمى المسرحية "المزار" جاء من بعض الممارسات لزيارة القبور كقبور أولياء الصالحين وغيرها من المسميات التي يقوم البعض بزيارتها ابتغاءً لمرضاة الله كما هو شائع لديهم، ودخول المسرحية لهذا الجانب لا يأتي من الجانب الديني ولا من جانب توعية دينية، بل يتم رسم هذه الأفكار من خلال حكاية متصاعدة توضح وتزيل الأقنعة والشبهات عن مثل هذه الممارسات. وأشار عماد الشنفري إلى أنه خلال هذا العمل تم التعامل معه كأي عمل فني آخر بعيداً عن كونه لذوي الإعاقة؛ حيث استطاع المخرج جلال عبدالكريم أن يتعامل مع كل الاعاقات الجسدية والسمعية والبصرية، والتي تم توظيفها في خدمة هذا العمل، وأشاد بالجهود التي تبذلها وزارة التنمية الاجتماعية للخروج بهذا العمل الفني بصورة ناجحة.

اكتشاف المواهب

وأفادتْ رئيسة الوفد الكويتي الدكتورة فاطمة عبدالله ملا أحمد الوكيل المساعد للرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بدولة الكويت، إنَّ المهرجان المسرحي يتميز بطابع خاص ويعد من أهم الفعاليات التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتأتي هذه النسخة لتكون مكملة للنسخ السابقة لتحقيق أهدافها المنشودة؛ حيث إن النتيجة التي لابد للجميع أن يصل إليها؛ هي ضرورة دمج هذه الفئة بالشكل الطبيعي مع باقي أفراد المجتمع. وقال إنه من هذا المنطلق تنبع أهمية المشاركة في هذا النوع من المهرجانات والفعاليات، كما أنَّ المهرجان يمثل فرصة لاكتشاف المواهب والإمكانيات الموجودة لدى هذه الفئة، وهي إمكانيات تحتاج إلى فرصة لإبرازها؛ حيث يعتبر المسرح الأرض الخصبة التي يمكن من خلالها اكتشاف هذه المواهب كالتمثيل والإخراج والتأليف، وكل ما يرتبط بخشبة المسرح، كما أنَّ المسرح يحاكي كافة القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية، وهو أيضا يحاكي احتياجات الاشخاص ذوي الإعاقة التي من الممكن أن تكون غير واضحه للمجتمع؛ فبذلك يكون المسرح فرصة لإيصال رسالتهم واحتياجاتهم من خلاله.

ثمرة جهد

وأثنى الدكتور صالح بن محمد الغضوري مدير إدارة الشؤون الاجتماعية بالمكتب التنفيذي لوزراء الشؤون الاجتماعية والعمل، على المجهود المنظم منذ الاجتماع الأول للمهرجان، وتوفير كافة السبل لإنجاحه وإخراجه بصورة مميزة. وأشار إلى أنَّ الوضع المسرحي يجري تحديثه باستمرار؛ حيث يشهد تطورا ملحوظا منذ الدورة الأولى للمهرجان الأول، وأن نسخته الرابعة تمثل ثمرة جهد متواصل من دول الخليج لإيصال رسالة الى كافة المجتمعات بأن هذه الفئة لديهم رسالة وتوجه بأنَّ الأشخاص ذوي الإعاقة هم كالأسوياء من أفراد المجتمع. وقال إنهم يمتلكون قدرات وإمكانيات يجب استثمارها، علاوة على أن هذا العمل المسرحي لا يقل عن أي عمل مسرحي آخر يقوم به الفئات الأخرى، كما أن المهرجان يعتبر دعوة لجميع الوسائل الإعلامية للحضور ومشاهدة العمل الذي يقدمه الاشخاص ذوي الإعاقة لإيصال الرسالة عبر خشبة المسرح.

عروض مسرحية

ويشهد المهرجان المسرحي خلال فترة إقامته تقديم 6 عروض مسرحية؛ هي: مسرحية "المزار" من السلطنة من تأليف عماد بن محسن الشنفري وإخراج جلال بن عبدالكريم اللواتي، ومسرحية "النول" من دولة الإمارات العربية المتحدة من تأليف وإخراج أحمد يوسف محمد عبدالسلام، ومسرحية "نصف ساعة حلم" من مملكة البحرين من تأليف وإخراج جاسم أحمد طلاق، وأيضا مسرحية "قرية الصلاح" من المملكة العربية السعودية من تأليف فيصل بن سالم القعيطي وإخراج يحيى بن غريب الدهمشي، ومسرحية "طاح في الفخ" من دولة قطر من تأليف علي سيف طاهري وإخراج سلمان المري، إلى جانب عرض دولة الكويت "الأعضاء" من تأليف وإخراج يحيى عبد الرضاء عباس.

وتبدأ البروفات المسرحية يوميا من الساعة الثامنة والنصف صباحة ولغاية الثانية عشرة والنصف ظهرا؛ وذلك على مسرح مركز التقييم والتأهيل المهني التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، ومسرح الهيئة العامة للطيران المدني، ومسرح كلية مسقط، ومسرح كلية الخليج.

وتنطلق جميع العروض المسرحية في تمام السابعة والنصف مساء على مسرح الكلية التقنية العليا بالخوير، ويصاحب العروض ترجمة بلغة الإشارة، ويتناوب في تقديمها سعيد بن محمد البداعي، وخالد بن زايد العامري، وموزة بنت سالم الغافرية.

لجنة التحكيم

ويُمثِّل لجنة تحكيم المهرجان عددٌ من الأكاديميين والفنانيين والمهتمين بمجال الثقافة والفن والمسرح والتمثيل؛ وهم: الدكتور سعيد بن محمد السيابي من السلطنة، والدكتور حسين خميس الأنصاري من الجمهورية العراقية، وعائشة عبدالرحمن الزدجالية من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعمر بن محمد الجاسر من المملكة العربية السعودية، وسمير عبدالله خوالدة من المملكة الأردنية الهاشمية.

ويحظى المهرجان برعاية عدد من الجهات كجامعة السلطان قابوس، والكلية التقنية العليا، ومركز الصوت، وفرقة مسرح الدن للثقافة والفن.

إلى ذلك، عقدت اللجنة الخليجية للإعداد للمهرجان المسرحي الخليجي الرابع للأشخاص ذوي الإعاقة، مساء أمس الأول، اجتماعها الثالث بفندق سيتي سيزنز بالخوير، للوقوف والاطمئنان على استعدادات السلطنة لاستضافة المهرجان؛ حيث اطلعت اللجنة على برنامج التدريبات المسرحية لكل دولة، والتغطية الإعلامية والإجراءات التنظيمية للمهرجان، إلى جانب ذلك تم خلال الاجتماع مناقشة التزامات الدول الأعضاء وترتيباتها، كرئاسة الوفود في حفلي الافتتاح والختام، والنشرة التعريفية لكل عمل مسرحي من قبل الدولة المشاركة، ومتابعة وصول المعدات والتجهيزات لكل عمل مسرحي.

تعليق عبر الفيس بوك