مسؤولون وخبراء: الخروج الآمن من دوامة تراجع أسعار النفط يتطلب تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص

مقترحات بمنح الأجنبي ملكية 100 % من المشروع مقابل فرض ضرائب.. وزيادة الوافدين مع نمو الأعمال "منطقية"

 

 

 

◄ فيصل بن تركي: تيسير إجراءات الاستثمار في صدارة أولويات "إثراء"

◄ العبري: "التجارة المستترة" أكبر تحدٍّ يواجه "الصغيرة والمتوسطة"

◄ المسافر: القطاع الخاص مطالب بتمويل المشروعات والمبادرة في الاستثمار

◄ الحارثي: أزمة النفط فرصة لتنمية الصادرات.. ونمو ملحوظ لأنشطة التصدير في 2015

◄ الرئيسي: تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع دول الجوار يزيد تنافسية السوق

◄ الشحي: مواكبة المتغيرات الاقتصادية يخلق آفاقا جديدة لتنويع مصادر الدخل

◄ الحوسني: تعديل القوانين وتفعيل اللامركزية.. حلول ينبغي التعجيل بها لزيادة الاستثمار

◄ مطالب بإعادة تعريف "التعمين" لخلق فرص عمل حقيقية لا "وظائف مقنعة"

 

 

 

أجْمَع خبراء ومسؤولون وأصحاب أعمال على أهمية فتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الأجنبية؛ بما يَضْمن الخروج من دوَّامة تراجع النفط، وتقليص الاعتماد على عائدات الذهب الأسود.. مشيرين إلى أنَّ المجتمع مُطالب بالاستعداد لمواجهة التداعيات الناجمة عن هذه الأزمة.

وقالوا إنَّ السلطنة بحاجة لتنويع مصادر الدخل من خلال تعزيز لا مركزية القرارات، لا سيما تلك المرتبطة بالاستثمارات، والسماح بتملُّك الأجانب للمشاريع، مع فرض ضرائب على هذه الأعمال بما يعود بالنفع على خزينة الدولة.

وأضافوا بأنَّه وفي الإطار ذاته، يجب إعادة تعريف التعمين والفائدة المرجوة من سياسات التوطين بشكل عام؛ بما يساعد في إيجاد فرص عمل حقيقية لا "وظائف مقنَّعة".

 

 

الرُّؤية - فايزة الكلبانيَّة

 

 

 

وقال صاحبُ السُّمو السيِّد فيصل بن تركي آل سعيد مدير عام ترويج الاستثمار في الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات "إثراء": إنه من الضروري معرفة طبيعة الاستفادة الاستثمارية من الدول الأخرى. مشيرا إلى أنَّ "إثراء" تعمل على التسويق للمناطق الحرة والموانئ...وغيرها من مناطق جذب الاستثمارات في السلطنة. وأوضح أنَّ الهيئة تمثل حلقة وصل بين هذه المناطق الجاذبة للاستثمار وبين المستثمر الراغب في دخول السوق المحلي بهدف الاستثمار، لكنه لا يمتلك الرؤية الواضحة لضخ أمواله في أي من القطاعات. وأضاف سموه بأنَّ هناك شركات رائدة في قطاع النفط والغاز والإنشاءات والمالية...وغيرها من المجالات، أقبلتْ على الاستثمار في السلطنة بفضل جهود الهيئة، التي عملت على إقناع هذا المستثمر. ولفت سموه إلى أنَّ السلطنة تمتلك مقومات غير متوفرة في دول شرق آسيا الجاذبة لرؤوس الأموال الغربية، من حيث تمتعها بالموقع الإستراتيجي على بحر عمان شمال وبحر العرب جنوبا، وملتقى الخطوط الملاحية الدولية من الخليج إلى شرق إفريقيا.

وأكَّد سموُّه أنَّ السلطنة -ممثلة في الهيئة- تعتزم بالفعل استقطاب مزيدٍ من الاستثمارات بهدف تنفيذ العديد من المشاريع.. موضحا أنَّ التحدي الأكبر أمام هذا الأمر هو كيفية تذليل المعوقات أمام هذه الاستثمارات، وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين، علاوة على التعجيل بإصدار قانون الاستثمار الاجنبي، بما يضمن أن يقدم المصداقية والجدية للمستثمر الأجنبي، وأن يتم تجاوز مسألة الترويج للسلطنة وموقعها الإستراتيجي، والعمل على استقطاب الاستثمارات وفقا لما تمتلكه السلطنة من مقومات وأسس نمو جلية.

 

توحيد المعلومات

 

وأضاف سموه بأنَّ التحدي الذي يقف أمامنا اليوم فيما يخص ترويج الاستثمارات، هو الانتهاء من الدراسة التي حدَّدنا من خلالها القطاعات التي يجب التركيز عليها لجذب مزيدٍ من الاستثمارات. مشيرا إلى أنَّ الهيئة ستعقد لقاءات مع الجهات المعنية بالاستثمارات المباشرة وغير المباشرة -مثل: المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، والمنطقة الحرة في صلالة وصحار، والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية- وأنَّ دور الهيئة مع هذه الجهات يتمثل في العمل على توحيد المعلومات؛ حيث سيتم الاتفاق على ضرورة الاهتمام وإبراز الجوانب الفنية أولا؛ من حيث الحوافز والفرص...وغيرها، والعمل على تقديم صورة واضحة لهؤلاء المستثمرين، وتوفير مؤشرات أولية عن الفرص الاستثمارية في كل منطقة استثمارية بالسلطنة. وشدَّد على أنه يتعين على الجهات الجاذبة للاستثمار الإيمان بقدرتها الحقيقية على جذب رؤوس الاموال، وأن نضع نصب أعيننا أهمية العمل على تذليل كافة المعوقات التي تحول دون جذب هذه الاستثمارات.

وأوْضَح سموه أنَّه ينبغي تحديد الدول المستهدفة لهذه النوعية من الاستثمارات التي يحتاجها سوق السلطنة؛ حيث سيتم التركيز على هذه القطاعات والشركات بشكل مباشرة. داعيا سموه وسائل الإعلام إلى العمل جنبا إلى جنب مع الجهود الرامية لتذليل معوقات الاستثمار. وأكد أن المخرج الوحيد من تقلبات أسعار النفط هو فتح المجال أمام الاستثمارات، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إيجاد الحلول لكل التحديات التي تعيق جذب الاستثمارات الخارجية.

وأوْضَح سموه أنَّ تبسيط الإجراءات في الدول الأخرى استغرق عشر سنوات، لكن تم إنجازه في نهاية المطاف، لكن في المقابل لا توجد دولة في العالم تقول إنها قضت على البيروقراطية بنسبة 100%، لكن القرارات الجريئة من قبل الحكومات هي التي تعالج هذه البيروقراطية وتقضي على تداعياتها. وأشار إلى أنَّه يتعيَّن تهيئة المجتمع في أن يتحمل جزءا من المسؤولية؛ إذ إنَّ فتح باب الاستثمارات سيكون له تبعات. موضحا أنه عند الحديث عن زيادة العمالة الوافدة في المرحلة الحالية أمر منطقي فيما يتعلق بالتطور الإنشائي. غير أنَّه أشار في المقابل إلى ضرورة الحد من التجارة المستترة، وذلك من خلال فرض ضوابط قانونية صارمة، وسن قانون الاستثمار الأجنبي، ولا يوجد ما يمنع من أن يمتلك المستثمر 100 في المئة من المشروع، لكنه في الوقت نفسه يخضع للضرائب والرسوم...وغيرها.

وبيَّن سموه بأنَّ الإعلام مُطالب بالعمل على عقد المقارنات بين أنظمة وقوانين الاستثمار في مختلف الدول، وكيف تغلبت هذه الدول على البيروقراطية، علاوة على أهمية إبراز النماذج الناجحة للدول التي تبوأت مكانة مميزة على خارطة الاستثمار العالمي بعدما كانت في ذيل القائمة.

وأوْضَح أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، ليست في المرتبة الأولى من حيث الحرية الاقتصادية حاليا، ولا حتى في الارتقاء بقطاع ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهناك مناقشات في أمريكا حول كيفية تذليل تحديات الاستثمار.

 

التعليم والتعمين

 

وأشار سموه إلى أهمية دور التعليم والمنظومة التربوية في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال، فضلا عن الارتقاء باللغة الإنجليزية التي تمثل وسيلة التواصل الأهم مع العالم الخارجي، وهذا التعليم سيسهم في تفريخ أجيال من الكوادر الشبابية المؤهلة للانخراط في سوق العمل بكل اقتدار.

وقال سموه إنَّ الحديثَ عن أهمية التعمين في القطاعات المختلفة أمر واجب، لتوفير مختلف فرص العمل لأبناء الوطن، لكن في المقابل المستثمر يتساءل عمَّا إذا كان المواطن مُؤهَّلا للعمل في القطاعات المختلفة، وهل تم تأهيله على النحو الامثل الذي يضمن له عدم الاستعانة بالوافد. مشيرا إلى ضرورة تأهيل الكوادر الشابة وتدريبها على ثقافة العمل وطبيعة العمل في مؤسسات أجنبية أو في مشاريع استثمار أجنبي.

وبيَّن أنَّ هذا الأمر يقود بشكل حتمي إلى مسؤولية المؤسسات التعليمية ودورها في تطوير المنظومة والمناهج بما يتوافق مع حاجة سوق العمل ومتطلباته، لكنه أشار إلى أن الإنجازات لا تتحقق "بين ليلة وضحاها".

ولفت سموه إلى ما يُثار من انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي واجتياح ظاهرة "المغردين"، الذين يتحدَّثون في كل شؤون الحياة ويطلقون سهام الانتقاد دون رؤية واضحة أو مقترحات معتبرة. داعيا هؤلاء إلى النزول إلى أرض الواقع، وعدم إطلاق الأحكام في المطلق دون دراية ووعي كاملين.

وأضاف صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد بأنَّ الهيئة لن تتخذ خطوة الزيارات المتبادلة والوفود التجارية، إلا بعد الجهات المستهدفة من الاستثمارات والتعرف على أولويات الدول والمستثمرين، والعائد المرتقب منها، وما إذا كانت هذه الزيارات متربطة بالأسواق المستهدفة والشركات المقصودة في القطاعات التي تم تحديدها أم لا.

وبيَّن سموه أنَّه ومن خلال دراسة القطاعات المستهدفة، يجري التركيز على توحيد المعلومات بين الهيئة والجهات الأخرى المعنية بالاستثمار، ونوعية القطاعات الراغبة في الاستثمار وفي أي مجال، وهذا من منطلق أن "إثراء" هي واجهة التسويق الأولى للسلطنة. وأشار إلى أنَّ الهيئة تعمل على تنظيم الزيارات الخارجية للتسويق للسلطنة ومقابلة الشركات الأجنبية الرائدة في مختلف القطاعات، وإقناعها بضخ استثماراتها في السلطنة، لكنه أوضح أهمية مراعاة البعد السياسي المرتبط بالجانب الاقتصادي لدى بعض الدول. وقال إنَّ من بين 100 زيارة مخططة، ربما نتمكن من اعتماد 50 زيارة فقط. مؤكدا أهمية متابعة نتائج زيارات هذه الوفود لاحقا لتحقيق أهدافها المرجوة؛ إذ إنَّ معظم الانتقادات لعملية تسيير الوفود الرسمية أو التجارية نابعة من أهواء شخصية وليس لدوافع حقيقية، وهو ما يستدعي أن تكون الانتقادات للسياسات المختلفة في إطار "المنطق" وأن تطرح الحلول المقترحة والقابلة للنقاش.

 

المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة

 

فيما قال خليفة العبري الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة": إنَّ التحديات التي يُواجهها قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة شبيهة بالتحديات التي يواجهها القطاع الخاص في مُجمله، وتتمثل في صعوبة الحصول على التمويل والاحتكار والمنافسة غير المتكافئة في المشاريع. وأشار العبري إلى أهمية تبسيط إجراءات مزاولة الأعمال، وتوسيع جهود المحطة الواحدة في مختلف الهيئات. وقال إنَّ هناك تحديات عدة تواجه القطاع الخاص، لا تتمثل فقط في فتح سجل تجاري، ولكن هناك معوقات في التراخيص واستقدام الأيدي العاملة الوافدة، إلى جانب أهمية العمل على فتح منافذ تسويقية لمنتجات رواد الأعمال وإكسابهم الثقة. ولفت العبري إلى أنَّ التجارة المستترة تمثل أكبر تحدٍّ أمام قطاع ريادة الأعمال والقطاع الخاص بشكل عام، ولابد من مكافحتها للنهوض بأداء هذه المؤسسات.

 

الدعم والتمويل

 

ويرى رشاد بن علي المسافر الرئيس التنفيذي بالإنابة لبنك صحار، أنَّ نقص السيولة وانخفاض أسعار النفط، من بين العوامل المؤثرة على ضعف الإيرادات الحكومية وقدرتها على مواصلة تمويل المشاريع، لاسيما مع استمرار تراجع النفط وعدم ظهور بوادر تعافي على المدى المتوسط.

وأوْضَح أنه ينبغي للقطاع الخاص الاستفادة من الوضع الحالي، وزيادة مساهمته في دعم وتمويل المشاريع المختلفة، ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على النمو، وهو ما سيفضي إلى تقليل اعتماد القطاع الخاص على الحكومة. وأشار المسافر إلى أنه يتعين لمواجهة انخفاض أسعار النفط، ضرورة قيام الحكومة بتبسيط الإجراءات المرتبطة بفتح مجالات الاستثمار أمام القطاع الخاص، علاوة على تفعيل دور القطاع الخاص من خلال المبادرات الذاتية، وضخ الأموال في المشاريع المختلفة، والتخلص من هواجس الاستثمار والترقب لأحوال السوق، عبر المبادرات المختلفة.

وعلى الرغم من ذلك، أوْضَح المسافر أنَّ السوق مليئة بالتحديات، لكن يتعيَّن على الجميع -وفي مقدمتهم الجهات المعنية- تلافي أية تأثيرات على القطاع، وإعادة النظر في الكثير من التحديات وإيجاد الحلول لها بما يعزز موارد الدولة ويحد من الاعتماد على عوائد النفط.

 

الصادرات العمانية

 

من جهته، قال عماد الحارثي القائم بأعمال المدير العام بوكالة ضمان ائتمان الصادرات العمانية، إن المؤسسة مملوكة بالكامل لحكومة السلطنة، ودورها يقوم على تشجيع الصادرات العمانية غير النفطية، من خلال توفير ائتمان لهذه الصادرات. وبيَّن أنَّ مهمة الوكالة تتمثل في توفير احتياجات المُصدِّر العماني أثناء تعملاته مع المشتريين من خارج السلطنة، علاوة على تأمين المشتريات المحلية، والتركيز على تأمين ائتمان الصادرات. وأوضح أنَّ هدف الوكالة نابع من إدراك الظروف والمخاطر التي قد يتعرَّض لها المصدِّر العماني في عمليات تصدير المنتج لمشترين في الخارج، مشيرا إلى أنَّ الوكالة تعمل على تأمين عملية تصدير المنتج العماني للطرف الأجنبي؛ وذلك مقابل مبلغ معين؛ حيث إنه قد تنتهي فترة السداد المتفق عليها بين المشتري الأجنبي والمواطن المصدر، ويعجز الأجنبي عن سداد قيمة البضائع المصدرة، لافتا إلى أنَّ الوكالة تتدخل في هذه الحالة لتعويض المصدِّر العماني عن خسارته، لكن التعويض يتراوح بين 80-85% من الخسائر المتوقعة، وقد تم تحديد مبلغ التعويض بهذه النسبة حتى يتحمل المصدِّر جزءا من الخسارة، تدفعه لحسن اختيار المستوردين، فيما يظل الجزء الأكبر من التعويض على عاتق الوكالة، موضحا في الوقت نفسه أن الوكالة لا توفر تأمينًا بنسبة 100 في المئة من الخسائر؛ إذ إنه لا يمكن توقعها.

وأضاف الحارثي بأن هناك مخاطرَ تجارية تنتج عن فشل المشتري الأجنبي في السداد أو عدم قبول المشتري للبضاعة، أو مخاطر غير تجارية تتمثل في دولة المشتري أو في وجود أية تغيرات في القوانين أو قيود تؤثر على تحويل المبالغ للمصدر العماني. موضحا أنَّ كلَّ هذا يكون مغطى من قبل بوليصة التأمين. وذكر الحارثي تحديات أخرى في ظل أزمة النفط، تكمن في أن بعض الدول تضع قيودا في تحويل العملة الأجنبية؛ حيث تتم أغلب المعاملات بالدولار وهي عملة صعبة لكثير من الدول. وأشار إلى أنَّه ومنذ 5 أشهر كان أحد المشترين بالخارج غير قادر على سداد المبلغ الخاص بصفقة مع مصدِّر عماني نتيجة لأزمة النفط، وقد تم تعويض المصدِّر العماني وحل المشكلة.

 

تحديات الصادرات

 

وتابع الحارثي بأنَّه كلما اشتدت أوضاع السوق صعوبة، تبرز أهمية الوكالة؛ إذ يعمد أغلب المصدرين إلى تأمين صادراتهم، لضمان حقوقها تخوفا من الخسارة في ظل الأزمات الاقتصادية. وبيَّن أن الصادرات العمانية خلال 2015 تشهد ارتفاعا ملحوظا، علاوة على الإقبال الكبير على التصدير بغضِّ النظر عن تراجع أسعار النفط. وأوضح أن أزمة النفط سلاح ذو حدين، حيث قد ترتفع الصادرات وقد تنخفض اعتمادا على طبيعة المنتج المصدر وعلاقته بالنفط، مشيرا إلى أنَّ معظم المصانع الحالية العمانية تنتج مواد استهلاكية، ومهما كانت الأزمات فإنها لا تتأثر كثيرا، إذ إنَّ التأثير المباشر يكون على أسعار المواد الأولية المستخدمة في التصدير النهائي، لكن من الملاحظ في الفترة الحالية عدم تراجع قيمة الصادرات العمانية ولا حجم الصادرات.

وحول التحديات التي تواجه القطاع الخاص مع وكالة ضمان ائتمان الصادرات العمانية، قال الحارثي إنها تتمثل في عدم وفرة منتج تأمين الائتمان بشكل أوسع، لكنه أوضح أن الوكالة تعكف حاليا على إعادة النظر في إستراتيجيتها خلال الفترة المقبلة، ودور الوكالة في تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ إنَّ معظم المنتجات تصدرها الشركات الكبرى، لكن لابد من فتح المجال أمام منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يُساعدها على التوسع والنمو والوصول إلى مراتب الشركات الكبرى. ولفت الحارثي إلى أنَّ الحلول المقترحة تكمن في أن تتحرك الجهات المختصة بطرح منتجات قادرة على المنافسة، موضحا أنَّ المنتجات العمانية المصدرة للخارج لم تتغير منذ العام 1991؛ لذلك يتعيَّن إنشاء مصانع جديدة وطرح منتجات متنوعة، فليس هناك ما يمنع أي شركة عمانية من أن تلجأ للسوق العالمي، وأن تحصل على بوليصة لتأمين صادراتها. وأشار إلى أهمية تعزيز دور الوكالة من خلال زيادة حجم الصادرات، وتعريف المصدِّرين بدور وكالة ضمان ائتمان الصادرات العمانية في التأمين على مصالحهم وعدم تكبُّدهم أي خسائر نتيجة لعدم تأمينهم لمنتجاتهم وصادراتهم.

 

قطاعات واعدة

 

وقال حامد بن محمد زمان بن كامل الرئيسي رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة مسندم: إنَّ التنويع الاقتصادي يمثل الداعم والمحرك الأساسي لنمو الاقتصادات في أوقات الأزمات؛ حيث تلجأ الدول إلى توسيع قاعدة الاستثمار في القطاعات الواعدة، من خلال تسخير الإمكانيات المتوفرة للنهوض بالقطاعات الواعدة، علاوة على إثراء بيئة العمل وفق آليات عمل واضحة، تحقق نقلة نوعية وبأقل التكاليف التأسيسية للمشاريع. ودعا الرئيسي إلى توظيف البنية الأساسية المميزة في السلطنة؛ مثل: الطرق، والموانئ، والمناطق الحرة، والأراضي المعروضة للاستثمار، خاصة في القطاعات الصناعية والسياحية والتجارية واللوجستية، مع أهمية التركيز على مجال الاستيراد والتصدير، وتجارة الترانزيت، والاستثمار في المنتجات والمحاصيل الزراعية والثروة السمكية، وكل ما يرتبط بمشاريع القيمة المضافة. وبيَّن أن مثل هذه المشاريع الحيوية ستوفر فرصَ توظيف للباحثين عن عمل في مختلف التخصصات، وتلبي احتياجات السوق المحلي من المنتجات.

وأضاف الرئيسي بأنَّ الموقع الجغرافي المتميز للسلطنة يُمثِّل أحد أقوى العوامل التي تدعم جهود زيادة التبادل التجاري مع مختلف دول العالم، لاسيما دول الجوار؛ إذ إنَّ مثل هذا التبادل سيعمل على إثراء مصادر الاقتصاد الوطني وتعزيز التبادل التجاري مع دوار الجوار. وتحدَّث الرئيسي عن أهمية تنمية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة في القطاعات الواعدة بمحافظة مسندم والمحافظات الأخرى، بما يُحقِّق التكاملَ الاقتصاديَّ في الخدمات بين البلدين، ويُسهم في رفع مستوى التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، في أهم القطاعات كالقطاع السياحي والصناعي والتجاري (خاصة أنشطة الاستيراد والتصدير)، والقطاع السمكي والحيواني. وشدَّد الرئيسي على أنَّ مثل هذه المشاريع ستسهم في تنشيط الحركة التجارية وفتح آفاق جديدة للتنوع الاقتصادي، والمساعدة على إيجاد مؤسسات جديدة وعلى نحو خاص في فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن تطوير بيئة العمل لتصبح أكثر تنافسية.

 

قوانين مُنظِّمة

 

ومَضَى الرئيسي قائلا: إنَّ من الجوانب المهمة في عملية التطوير الاقتصادي، إعادة النظر في القوانين والتشريعات المنظمة للاستثمار المحلي والأجنبي على السواء، بما يَضْمن توفير آليات عمل تواكب المتغيرات الاقتصادية، وتحقق الأهداف الإستراتيجية للتنوع الاقتصادي. وزاد بأنَّ كلَّ ذلك من شأنه أن يَدْعم نمو الاقتصاد الوطني، ويحقق تكاملية المشاريع والأنشطة التجارية؛ حيث تعمل المقومات الاقتصادية على زيادة الاستثمار مستفيدة من الموقع الجغرافي المميز للبلاد، والتأسيس لعلاقات تجارية متينة مع دول الجوار، تضع نصب أعينها توظيف الإمكانات غير المستغلة من مناطق حرة ومناطق صناعية وموانئ ومطارات وشبكة طرق متطورة. وشدَّد على أنَّ العديد من القطاعات ستحقق الاستفادة المرجوة من هذه المشاريع، لاسيما القطاع السياحي واللوجستيات وأنشطة الاستيراد والتصدير، علاوة على دورها في رفد الصناعة المحلية من حرف ومنتجات تزخر بها البيئة العمانية، وهي استثمار واعد يحقق عائدا وجدوى اقتصادية كبيرة بأقل التكاليف.

وأوْضَح الرئيسي بأنَّ كلَّ تلك العناصر شكَّلت نقاطَ قوة لعمان الماضي والحاضر، ورسمت خريطة المستقبل الواعد للسلطنة لما تمتلكه من بيئة واعدة للاستثمار والتنوع الاقتصادي، والذي يأتي في صورة مقومات وإمكانيات البنية الأساسية من موانئ وطرق...وغيرهما من العوامل الداعمة لتطوير الأعمال وجذب الاستثمار.

 

التكامل بين الأنشطة

 

وفي السياق، قال مُحمَّد بن راشد الشحي مدير فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة مسندم: إنَّ الشراكة والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار يُسهمان بدور بارز في تطوير مسيرة التنمية الشاملة، كما أنَّه يُسهم في خلق بيئة عمل تكاملية تواكب التغيرات الاقتصادية، وتسهم في إيجاد فرص حقيقية في التنوع الاقتصادي؛ من خلال المشاريع ذات القيمة المضافة، القادرة على إثراء القطاعات الأخرى.

وأوْضَح أنَّ من شأن التعاون الاقتصادي مع مختلف الدول أن يُفصح عن مَدَى الحاجة لمشاريع اقتصادية كبرى، أو حتى صغيرة ومتوسطة، والبحث عن أهم المشاريع التكاملية التي تحتاجها قطاعات العمل. وأشار إلى أنَّ مواكبة احتياجات السوق يحقق الاستفادة من الإمكانيات المتاحة وتوظيف الفرص المعروضة، وتنميتها وتطوير أدائها. وتابع بأنَّ إعادة صياغة الخطط والإستراتيحيات قصيرة وطويلة المدى من أهم الركائز الواجب اتباعها في دعم التنوع الاقتصادي وصناعة بيئة عمل تسهم في إضافة صناعات واستثمارات جديدة، يكون لها الدور الأبرز في تحديد مسار تعزيز هذا التنوع في شتى القطاعات وعلى مختلف المستويات. وبيَّن الشحي أنَّه يتعيَّن كذلك تعديل القوانين القائمة لتيسير إجراءات الاستثمار وخلق بيئة عمل جاذبة. وشدَّد على أنَّ التكامل الاقتصادي عنصر مهم جدًّا في دعم مسيرة التنمية ورفع كفاءة المنتج الوطني وإيجاد فرص استثمار واعدة.

 

حلول ممكنة

 

وقال المهندس إبراهيم بن عبدالله الحوسني المدير العام لشركة آريس العالمية: إنَّ التحديات أمام القطاع الخاص متعددة، وتتمثل أغلبها في الإجراءات الحكومية وزيادة البيروقراطية وسياسات التعمين واشتراطاتها، وطريقة تطبيقها على أصحاب المؤسسات، إلى جانب صعوبة الحصول على التراخيص. ويرى الحوسني أنَّ الحلول تتمثل في ضرورة إعادة صياغة القوانين والإجراءات، وإلى ضرورة تفعيل اللامركزية في اتخاذ القرارات، والتحول إلى التعاملات الإلكترونية في تخليص المعاملات بصورة عاجلة، وإعادة تعريف "التعمين" بحيث يؤدي إلى خلق فرص عمل حقيقية لا فرص توظيف "مقنعة"، والأهم من كلِّ هذا لابد من التركيز على تسهيل الإجراءات أمام المستثمرين سواء الأجانب أو المحليين أو رجال الأعمال أصحاب المؤسسات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة لنتمكن فعلا من تجاوز تراجع الإيرادات.

وحول دور القطاع الخاص في التنويع الاقتصادي، أوْضَح الحوسني أنَّه يتعيَّن تشجيع الاستثمار الأجنبي، والإسراع في إصدار قانون الاستثمار الأجنبي بعد التعديلات التي طال انتظارها، وتسهيل الإجراءات وفتح أبواب الاستثمار في السلطنة، لاسيما وأنَّ عمان تزخر بمقومات استثمارية ومميزات موقعها الجغرافي وعلاقاتها السلمية بالعديد من دول العالم؛ سواء أوروبا أو شرق آسيا أو إفريقيا. غير أنه أشار إلى أنَّ صعوبة الحصول على التراخيص اللازمة لإنشاء المشروعات تُمثل عائقا أمام نمو الاستثمارات.. مُشدِّدا على أهمية دعم تطوير الصناعات وزيادة العائد من قطاع السياحة والتعدين.

وتابع الحوسني بأنَّ القطاع الخاص كلما وجد التسهيلات التي تساعده على التوسع والنمو، لن يتوانى عن ضخ الاستثمارات، والمساهمة بشكل أكبر في خلق فرص عمل واعدة، وليس التوظيف لمجرد التوظيف الشكلي الذي أفرز "بطالة مقنعة"، علاوة على ضرورة الاهتمام بالكفاءات والتدريب والتأهيل بما يضمن إيجاد عاملين عمانين ذوي كفاءة، قادرين على تحمل أعباء القيادة في أعمالهم والإدارة الجيدة، إلى جانب مُراجعة الترهل الوظيفي في القطاعات المختلفة، وخلق بيئة عمل جاذبة وفاعلة في القطاع الخاص. ودعا الحوسني إلى ترشيد النفقات الحكومية على شركات القطاع العام التي تتعرَّض للخسائر، لكنها في المقابل تتلقَّى الدعمَ الحكوميَّ دون إنتاجية حقيقية، حتى يتسنى الانتقال إلى مرحلة رفع الدعم عن هذه الشركات، وتقديمه لمن هم بحاجة حقيقية إليه من أصحاب الدخل المحدود وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأضاف الحوسني بأنَّه يتعيَّن على الجميع في المرحلة الحالية التركيز على التنويع الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للاستثمار؛ وذلك من خلال تعريف كل جهة من الجهات التي تحظى بفرص استثمارية بماهية هذه الفرص ونوعية النشاط والقطاعات التي بحاجة إلى تركيز استثمارتها فيها لتسهل على المستثمرين التعرف على الفرص الاستثمارية. وحثَّ الحوسني على أهمية تنشيط قطاع السياحة والتعدين واللوجستيات، وتسهيل الاستثمار في هذه القطاعات، لمضاعفة الاستثمارات، مع عدم إغفال القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة، وضرورة تقديم الدعم بشكل عملي وليس نظريًّا.

وناشد بضرورة غرس الثقة بالمؤسسات العمانية والموظف العماني وإتاحة الفرصة أمامهم للاستثمار والإبداع وخوض مغامرة العمل الحر، علاوة على إيجاد آلية ناجعة لمواجهة التجارة المستترة والمحتكرين للسوق، وضرورة دعم الصادرات.

تعليق عبر الفيس بوك