قسمة ونصيب

مدرين المكتومية

التكافؤ والتجانس بين الأطراف أساس لأي علاقة سوية بين بني البشر، وذلك ينطبق على علاقة الأصدقاء معًا، فحتى الصداقة لا تُبنى إلا بمعرفة مُسبقة وقبول نفسي مبدئي، رغم أننا قد نرى شخصًا من الوهلة الأولى فنلقي عليه بحكم معين دون أن نعرفه، ومع الوقت قد يكون أعز صديق في المستقبل..

مصادفات الحياة كثيرة ولكن حين ننظر للأمر على مستوى العلاقة الزوجية فالوضع يختلف لأنّ هناك كثيرا من الجوانب تترتب عليها، وعلى الشخص أن يدركها ويتدارسها قبل الأخذ بخطوة الزواج، خاصة وأنّ الإنسان يخطط لعلاقة أبدية وليست علاقة يوم وتنتهي.

وبدون شك فإن أكبر مشكلات الطلاق تقع بسبب سوء الفهم الوارد بين الطرفين والتي تكون أسبابه بسيطة ولكن عاقبته أكبر، وكل ذلك يمكن أن ينشأ وفق أسباب منطقيه وتتلخص في الفروق على المستويات كافة مثل المستوى الذهني والمستوى الاجتماعي والمستوى العلمي وكذلك المستوى المادي.

إن هناك دائمًا نظرة خاصة بالرجل تجاه الأنثى التي يرتبط بها، فهو يود أن تكون متكاملة من كل الجوانب رغم أنّه ذاته لا ينطبق الأمر عليه، أي أنه يطمح للجمال والمال والحسب والنسب، وفي المقابل هو لا يمتلكها أو على الأقل لا يمتلكها مجتمعة، وحين ترفضه الأنثى يبدأ في البحث عن الأخطاء وتصيّدها تجاهه حتى يظهر أمام نفسه - أو الآخرين- في صورة من لم يرغب بالارتباط بها ولو باختلاق أسباب غير واقعية، وقد يحدث العكس أيضًا من جانب المرأة، وكل ذلك بسبب الاختيار غير المتكافئ.

ليس استعلاءً أن نطبق المقولة القائلة "كل واحد يمد رجوله على قد لحافه" ففي حقيقة الأمر كل من سيرى عاليًا سيقع، ومن يبحث عن الكمال سيجد النقص مع الوقت، حين تكون الاختيارات وفق رغبات داخلية فقط، حينها لا نصدم من ردود الفعل ولا نعيش على وهم نخترعه نحن، ونعيش عليه، وحين نستيقظ منه على واقع مؤلم نندب حظنا، ونلوم الطرف الآخر لرفضه.

من وجهة نظر خاصة؛ أقول إن نجاح العلاقة الزوجية دون أي معايير في الارتباط يظل أمرا نسبيا للغاية، بحيث إننا لو نظرنا للأمر بجدية فسنجد أنّ من الصعب أن يجتمع ابن البادية مع بنت المدينة، وصاحب الدكتوراة مع الدبلوم العام، والفقير مع الغني دون أن تكون هناك مشاكل؛ لأن العلاقة بنيت على خطأ وبدون روابط متينة.

الجانب الآخر هو عندما يجد أحدهم النقص في نفسه ويحاول أن يرتبط بشخص قد يفوقه من كل الجوانب الحياتية فيجعل وسيطا بينه وبين الطرف الآخر خاصة إن كان هذا الوسيط شخصا قويا وله نفوذه وسلطته ومكانته بين الناس والمجتمع؛ وحينها يعتقد أنّ بتصرفه ذلك سيجعل الآخرين يُحرجون من الأمر، فلا يجد إلا الرد الإيجابي على هذا الأمر، ولكن حين نأخذ الأمور ببساطة ونختار ما نريد بعناية وتناسب وانسجام فحينها سندرك معنى أن يكون الارتباط " قسمة ونصيب" وللبشر يد قصيرة فيه.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك