لست منهم

سلطان السعدي

تسعى المؤسسات الحكوميّة والخاصة المعنية والمهتمة بمكافحة الظواهر الاجتماعيّة السلبية في المجمتع للتصدي لظاهرة المخدرات بالطرق التي توصّل لها العلم الحديث للحد منها، ومحاربة مثل هذه الظواهر أمر لا مناص منه، لأنها تستهدف في المقام الأول العنصر البشري والذي يعتبر المرتكز الأساسي لبناء المجتمعات.

في الوقت الذي ينشغل فيه الكثير من المروّجين وتجار المخدرات بتوسيع دائرة الكسب والربح وابتكار وسائل وطرق جديدة لإيصال تلك العقاقير والسموم إلى الفئات التي قد لا تدرك مدى خطورة تلك المواد على أجسادها وعلى أسرها ومجتمعاتها. فتنساق وراء ذلك دون تدبر.

فتصبح ضحيّة تلك الأيادي الهدامة التي لا تملك الروح الإنسانية والضمير الحي الواعي. الغريب في الأمر أنّ الكثير من متعاطي المخدرات لا يؤمنون بأنّهم مدمنون. على حد قولهم (لست منهم) وفي الوقت نفسه يبحثون عن الأساليب التي تصل بهم إلى تلك المواد القاتلة والتي قد تودي بحياتهم في أيّة لحظة.

هكذا يرون عكس ما يراه الخبراء والمختصون وأهل العقل والمنطق في هذا المجال.

وأنّ شأنهم في ذلك شأن الذي يبحث عن حريته وسعادته. أمّا الطريقة التي يستمتع بها فله الحرية المطلقة في اختيارها.

ويظن البعض أيضا أنّ الإقلاع عن هذه الممارسات غير الصحيّة هي من الأمور السهلة وأنه بمجرد ما يصل إلى مقدار معين من التشبّع من تلك الممارسات سوف يتوقف.

ولكن هيهات هيهات لتلك الفلسفة الفكرية التي لا يقبلها العقل اطلاقا والتي أودت بالكثير من الشباب إلى الموت كما أصبح الكثير منهم في عداد السجناء والمتهمين وعاش آخرون بين جدران المصحّات لفترات زمنيّة طويلة.

قد لا يعي كل هؤلاء بأنّ للمخدرات آثارا اجتماعيّة وصحيّة سلبيّة وضرائب تدفعها الأسر والمجتمعات.

وفي ذات الوقت لا زال الكثير منها يجهل مفهوم المخدرات ومدى خطورتها.

أسر تفككت وأموال دفعت لأجل شراء الدواء والعلاج وجلب المختصين باختلاف تخصصاتهم الطبية والنفسية وغيرها لهم. أمَا وجب علينا أن نساهم نحن في ذلك على نطاق الأسرة الصغيرة؟.

إن نشر التوعية والتثقيف أمر في غاية الأهمية وعلى وسائل الإعلام بكافة أنواعها الاهتمام بهذا الجانب بهدف خلق جيل يتمتع بكافة القوى العقلية مبتعد عن كل ما قد يشكل عليه خطرا على النطاق الصحي والاجتماعي.

وعلى كافة المؤسسات المعنية تكثيف العمل لمواجهة هذه الآفة التي قد تفتك بالشباب الواعد من خلال رسم البرامج والخطط التي بدورها تعمل على مجابهة الظواهر الضارة بالمجتمع.

ومن منطلق الواجب الوطني الذي يحتم علينا جميعًا أيضًا الوقوف للحد من هذه الظاهرة التي تتعارض مع قيمنا ومنطلقاتنا الفكريّة الجليلة والإسهام في بناء مجتمع مدرك لحقوقه وواع بواجباته.

تعليق عبر الفيس بوك