15 قاعة مجهزة تقنيا بالمتحف الوطني تجسد عظمة المنجز الحضاري العماني على مر العصور

تدشين المتحف الجديد مطلع العام المقبل.. لاستقبال الزوار

◄ يمتاز بتنوُّع المفردات بين التحف والمخطوطات والوثائق والمراسلات والطوابع ومجسمات للسفن

◄ تأهيل الموظفين في مجال العمل المتحفي بالتعاون مع مؤسسات دولية متخصصة داخل وخارج السلطنة

◄ المبنى الجديد يوفر تسهيلات متقدمة لذوي الإعاقة لتمكينهم من التفاعل الحسي المباشر مع المقتنيات

◄ قاعة "الأرض والإنسان" تستعرض الصناعات الحرفية العمانية والموارد المتوفرة لإنجازها

◄ 6 أقسام في قاعة السلاح تستعرض معلومات عن القلاع والعواصم السياسية للسلطنة قديما

◄ قاعة الأفلاج توضح للزوار منظومة الأفلاج العمانية بما فيها الأفلاج المدرجة ضمن تراث "اليونسكو"

◄ قاعة المقتنيات تتيح للزائر فرصة التعامل مع القطع المتحفية بشكل مباشر بإشراف خبير متخصص

يُبْرِز المتحفُ الوطني بقاعاته الخمسة عشر الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وتراث وثقافة وفنون السلطنة في ظلال قلعتي الجلالي والميراني التاريخيتين، وإلى جوار سور مسقط القديمة، ومقابل قصر العلم العامر.. ويسعى القائمون على المتحف إلى الحفاظ على تلك المقتنيات بكافة تجلياتها وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية مع توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات الإدارة المتحفية وإدارة المقتنيات والعرض. وما بَيْن حجر الصوان مُتعدِّد الاستخدامات بقاعة الحقب الزمنية -والذي يرجع تاريخه إلى ما يقارب المليوني عام- وقاعة عصر النهضة المباركة وأول كرسي جلوس لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- عند توليه مقاليد الحكم عام 1970، يُشاهد زوار المتحف حوالي ستة آلاف مفردة وتحفة أثرية تحويها قاعات العرض الثابت بالمتحف تؤرخ لمختلف الحقب التاريخية لعمان.

وتتوزَّع تلك المفردات والتحف ما بين التحف الأثرية، والصناعات الحرفية، والمخطوطات والوثائق والمراسلات والمطبوعات القديمة، والطوابع البريدية، ومجسمات للسفن والمراكب وأدوات الملاحة البحرية، والأسلحة التقليدية، والمجسمات المتحفية فائقة الدقة للقلاع والحصون والمباني التاريخية، واللقى المتصلة بالعمارة والآلات والأدوات والمعدات الزراعية، وما يتصل بالأفلاج والنقود والعملات الورقية والمعدنية، والخزف والأثاث والفنون التطبيقية، والصور الفوتوغرافية، والفنون التشكيلية، والآلات والأدوات الموسيقية، إضافة إلى مفردات التراث غير المادي وهي ما يتصل بالطعام والشراب والشعر والقصص والرقص والغناء الشعبي، إضافة إلى التسجيلات المرئية والصوتية والمكونات التفاعلية الرقمية.

مسقط - العُمانيَّة

وافتتح المتحف الوطني رسميًّا، أمس الأول، تحت رعاية صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، على أن يجري تدشينه للزوار مطلع العام المقبل.

وأكد صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء -في تصريح له عقب حفل الافتتاح- أنَّ المتحف الوطني أحد الإنجازات المهمة في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أعزَّه الله- الذي يُولي اهتماما كبيرا للتاريخ والتراث والثقافة في هذا البلد، وله رسالة مهمة جدًّا وهي بناء أجيال قادرة على الحفاظ على ما حققه كل عماني على هذه الارض منذ فترات طويلة متعاقبة من عهد الأجداد والآباء، وهناك كنز من التراث والثقافة، وواجبنا الآن نقلها إلى أبنائنا وهي في عالمنا هذا هو السند الكبير لكل مواطن في تعاطيه مع كل ما يهم حياته في هذه البلاد.

وأعرب سعادة فهد حجر المطيري سفير دولة الكويت المعتمد لدى السلطنة، عن انبهاره بما شاهده من كمٍّ هائل من المفردات توضح التاريخ العماني على طوال حقب التاريخ، وقال إنَّ قاعات المتحف تضم ما يُمكِّن الزائر من سبر أغوار هذا التاريخ، والتعرف عليه عن قرب وهو تاريخ ثري جدًّا. وقدم سعادته التهاني إلى السلطنة قيادة وحكومة وشعبا على هذا الإنجاز الثقافي الحضاري الذي بُذلت في إنجازه جهود مُقدَّرة.

وقال سعادة السفير علي بن محمد الهاجري سفير دولة قطر المعتمد لدى السلطنة: إنَّ مبنى المتحف الوطني الذي تجمع هندسة بنائه بين الحضارة والتراث والحداثة صرح ثقافي كبير يشرف السلطنة ويشرفنا ابناء الخليج.. مشيرا إلى أنَّ ما يضمه المتحف من مفردات تاريخية مهمة هي جزء من تاريخ أبناء منطقة الخليج الذي نفتخر به، وهناك الكثير من موجودات المتحف تدل على التاريخ المشترك الذي يربطنا جميعا.

وقال سعادة السفير محمد بن سلطان سيف السويدي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة: إنَّ المتحف الوطني يعتبر -وهو على هذا المستوى والرقي وطريقة العرض والمقتنيات الموجودة- نقلة نوعية على مستوى المتاحف في المنطقة، وسيمكن المهتم بالتراث والتاريخ والباحث من سبر أغوار هذا التاريخ؛ حيث اختصر المتحف حقبا زمنية طويلة بما يحتويه من كنوز عمان.

التوجيهات السامية

وأقيم المتحف الوطني بناءً على التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء مَعْلم ثقافي يحتضن مفردات التراث الثقافي العماني بشقيه المادي والمعنوي وتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعاييرالمتحفية المتبعة؛ حيث تم في العام 2004م اختيار موقع المشروع، وفي العام 2007م تم تعيين الاستشاري الرئيسي للمشروع وهي شركة (جيه.جيه.إيه.كوي.جيه.في) التي بدأت في العام 2009م الأعمال التمهيدية في الموقع، وتبعتها في مارس من العام 2010م الأعمال الانشائية، ثم في سبتمبر من العام 2013م تم الشروع في أعمال التجهيزات الداخلية من خلال شركة (آبو) من مملكة إسبانيا، ودخل مشروع المتحف الوطني في 23 نوفمبر من العام الماضي مرحلة التشغيل التجريبي؛ بهدف فحص واختبار المنظومة المتحفية بما تشمله من أجهزة وأنظمة وعمليات وحدات إدارية داخلية بغرض التأكد من سلامة أدائها قبل الافتتاح الرسمي للمشروع.

وتبلغ المساحة الإجمالية لأرض المتحف 24 ألف متر مربع، والمساحة الإجمالية للمبنى 13 ألفا و700 متر مربع، والمساحة الإجمالية لقاعات العرض الثابت 4 آلاف متر مربع. وخلال الفترة من 2010م إلى 2014م شهد المتحف دعوة 30 خبيرا وباحثا من داخل وخارج السلطنة، وتمت الاستعانة بـ21 بعثة أثرية لإعداد وتطوير مكنونات قصة السرد المتحفي.

تأهيل موظفي المتحف

وشهد المتحف خلال الفترة الماضية ابتعاث عدد من الموظفين للتدريب والتأهيل المهني خارج السلطنة، واستضافة دورات تخصصية في مجال العمل المتحفي من قبل مؤسسات عالمية؛ مثل: متاحف "تيت" من المملكة المتحدة، ومتاحف "سميث سونيان" من الولايات المتحدة الأمريكية، ومؤسسة "كالوست غبولبيكان" من جمهورية البرتغال. وتم في العام الماضي تشكيل مجلس أمناء المتحف الوطني برئاسة صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، وعضوية أربعة من الشخصيات الاعتبارية العمانية واثنتين من الشخصيات الاعتبارية العالمية؛ وهما: مدير متاحف "تيت" البريطانية، ومدير عام متحف "الإرميتاج" في روسيا الاتحادية. ويهدف المتحف -الذي يقف متآلفا مع ما يحيط به من مقومات سياحية وثقافية وتاريخية- إلى تحقيقِ رِسالته التعليمية والثَّقافية والإِنسانية، وإِلى ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن والمقيم والزائر من أَجل عُمان وتاريخها وتراثها وثقافتها، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية، لاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات وإبراز الأبعاد الحضارية لعمان، وتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية، وتقديم الرؤية والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة، كما يهدف المتحف الوطني أيضا إلى المحافظة على مكنونات التراث الثقافي العماني من خلال دعم الأبحاث والدراسات العلمية والتاريخية والخطط للحفظ والصون الوقائي؛ حيث صُمِّمت مَرَافقه وفق معايير المجلس الدولي للمتاحف، إضافة إلى التعليم والتواصل المجتمعي الذي يتحقق من خلال مركز التعليم المتحفي الذي يقدم الخدمات التعليمية المتميزة لكافة الزوار ومختلف الفئات العمرية خاصة للأطفال والفئات العمرية للطلاب، ومن خلال تقديم خدمات الزوار المتميزة وللفئات الخاصة.

ويتميَّز المتحف الوطني بأنه أول مبنى عام في السلطنة يضم تسهيلات متقدمة لذوي الإعاقة؛ ومنهم: المكفوفون وذوو الإعاقة الجسدية؛ من خلال توظيف رموز لغة "برايل" بالعربية، وتوظيف العرض المكشوف حتى يُمكن التفاعل مع المقتنيات بشكل حسي مباشر، وهو أول متحف في الشرق الاوسط يقوم بتوظيف رموز "برايل" العربية في سياق التفسير المتحفي ومنظومة المخازن المفتوحة.

ورُوْعِي عند إعداد قصة السرد المتحفي التوفيق بين السياقين الزماني والمكاني، وهو أحدث توجه فلسفي يؤطر لسياق قصة السرد المتحفي المتبع حاليا، بخلاف التوجه التقليدي إما أن يكون توجها زمانيا من الأقدم للأحدث أو من الأحدث فالأقدم؛ حيث يعمل التوجه الجديد على إيجاد قيمة معنوية وفكرية مضافة للزائر، وستفتح آفاقاً جديدة لقراءة مدلولات التراث الثقافي العماني وفق آلية لم يعهدها سابقا.

15 قاعة منوعة

وعَبْر القاعات الخمسة عشر التي يضمها المتحف يدخل الزائر في رحلة عبر الزمان والمكان تشعر فيها بعظمة المنجز الحضاري العماني، وكيف عاش إنسان عمان وأبدع وتفاعل مع مختلف الحضارات بدءا من اول قاعة من قاعات المتحف عند المدخل الرئيسي وهي قاعة الأرض والإنسان؛ حيث تواجهك على الجهة اليمنى شرفة عمانية تقليدية تُطل من الطابق الثاني وهي تحاكي نظام الشرفات في المعمار العماني بلونها الازرق الفاتح الذي يعبر عن إطلالتها على البحر، وعلى الجهة الأخرى تطل مؤخرة سفينة عمانية من نوع الغنجة موجودة بحجمها الحقيقي هي أقرب إلى سفينة فتح الخير التي تقف شامخة حاليا على شواطئ مدينة صور التاريخية.

وتضمُّ "قاعة الأرض والإنسان" الصناعات الحرفية العمانية التي تعد تجسيدا ملموسا للدولة وشعبها في الماضي والحاضر؛ ذلك لأنها توثق مختلف انماط الحياة في السلطنة، وتعبر كذلك عن القيم الثقافية التي تشتهر بها؛ من ضمنها: الإسلام، وكرم الضيافة، والجود، والترابط الاجتماعي. وتعرض هذه القاعة كيف أنَّ جغرافية الأمكنة والموارد المتوفرة قد شكلت العديد من الثقافات على المستويين المحلي والوطني على حد سواء.

وفي "قاعة التاريخ البحري" يُتابع الزوار علاقة عمان الوطيدة بالبحر؛ فمع سواحلها المترامية الأطراف يبقى التاريخ العماني تاريخا بحريا بامتياز؛ أذ أبحر العمانيون لقرون مضت على طول هذه السواحل بحثا عن لقمة العيش وارتحل التجار العمانيون حاملين بضائعهم عبر البحار والمحيطات منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. وتوضح المعروضات أنَّ العمانيين في العصر الإسلامي كانوا جزءا من شبكة تجارية واسعة النطاق تمتد من الصين إلى شرق إفريقيا مُشكِّلة بذلك أطول طريق تجاري بحري معروف في ذلك الوقت، وخلال القرون الأربعة الأخيرة ساهم العمانيون في تأسيس إمبراطوريتين بحريتين ربطتا عمان بالخليج العربي وساحل مكران وشرق إفريقيا.

وتتناول "قاعة السلاح" الأبعادَ الحضارية والثقافية للسلاح التقليدي في عمان منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بدايات القرن العشرين الميلادي، كما تستعرض تطور تقنيات تصنيعها نتيجة التواصل مع العالم الخارجي، وتنقسم القاعة إلى قسمين.

وتحتوي القاعة على ستة أقسام؛ يتناول القسم الأول: موقع قلعة بهلا وواحتها وهو أول موقع في عمان تدرجه منظمة "اليونسكو" ضمن قائمة التراث العالمي عام 1987، أما القسم الثاني فيصف أهم العواصم السياسية لعمان مثل صحار والرستاق ونزوى ومسقط، وفي القسم الثالث يتم تناول عدد من القلاع والحصون العمانية المتميزة بأنماطها المعمارية وخصوصيتها التاريخية، والقسم الرابع يوضِّح القصور الريفية والبيوت المحصنة، أما القسم الخامس فيوضح أنماط البيوت السكنية التقليدية في محافظات السلطنة، ويتناول القسم السادس الأبعاد الجمالية للعمارة التقليدية في عمان، ونشاهد في هذا القسم بيت فرنسا في مسقط الذي يعود إنشاؤه إلى القرن التاسع عشر الميلادي ومسجد الشواذنة بولاية نزوى نموذجا للمساجد العمانية التقليدية و"بيت العود" في إبراء وبيوت القفل بمحافظة مسندم ومجسم لحصن الخندق بالبريمي وآخر لقلعة بهلا.

وتضم "قاعة الأفلاج" منظومة الأفلاج العمانية؛ ومن بينها: الأفلاج العمانية الخمسة التي أدرجتها "اليونسكو" ضمن لائحة التراث العالمي عام 2006؛ تعبيرا عن المكانة الدولية لهذا النظام المائي الفريد الذي يُشكل موروثا حضاريا أبدعه العمانيون كأقدم هندسة ري بالمنطقة وهي أفلاج دارس والخطمين والميسر والجيلة.

ويمتد تاريخ النقود في عمان قرابة 2300 سنة؛ حيث تمَّ صك وطباعة معظم العملات المعروضة في القاعة في الخارج ووجدت طريقها إلى عمان من خلال التبادل التجاري، كما أن العديد منها شكل جزءا من كنوز كانت مخبأة منذ مئات السنين ولم يستردها أصحابها أبدا.

وفي قاعة "بات والخطم والعين" التي سُميت بذلك نسبة إلى المواقع التاريخية العمانية المدرجة في لائحة التراث العالمي لليونسكو التي تضم مدافن بات ووادي العين والخطم، نجد في القاعة مُجسَّما طبيعيا بأحجام ومقاسات وأبعاد حقيقية لتلك المدافن التي يمكن مشاهدتها في موقع بات بولاية عبري ويعود عمر تلك المدافن إلى أربعة آلاف عام.

قاعة أرض اللبان

وفي "قاعة أرض اللبان" يُتابع الزائر مواقع أرض اللبان الأربعة بمحافظة ظفار المرتبطة بتجارته منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد من عمان إلى بلاد الرافدين ووادي السند ومصر الفرعونية، والتي أدرجتها منظمة "اليونسكو" ضمن قائمة التراث العالمي، وهي: مدينة البليد، ومدينة خور روري "سمهرم"، ومدينة شصر "أوبار"، ووادي دوكة. وتضم هذه القاعة وتتميز بوجود ثلاثة شواهد قبور تمت إعارتها من متحف فيكتوريا والبرت ببريطانيا اثنان منها يعودان للسلطان المظفر الرسولي في ظفار وعمرهما يزيد على 800 عام ويُعرضان لأول مرة في السلطنة.

وتسلط "قاعة عظمة الإسلام" الضوء على العلاقة الوطيدة بين عمان والدين الإسلامي الحنيف التي تمتد على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان بدءا من العام السادس الهجري الموافق 627م؛ من خلال تناول العديد من المواضيع؛ مثل: إسلام أهل عمان، وعرض نتائج منتقاة لمخطوطات القرآن الكريم، والإسهامات التي قدمها العلماء العمانيون في علوم العقيدة الإسلامية، والعلوم الطبيعية وفروعها التي تشمل علوم الفلك والأحياء والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات وعلوم البحار وعلوم اللغة العربية وآدابها من خلال المخطوطات النادرة.

ويتناول أحد أقسام هذه القاعة الفنون وما يتصل بها من التكيف والتجديد ويتتبع التأثير الفني وخصائصه ومنها الخط العربي والزخارف الهندسية والزخارف النباتية وفن الـ"أرابيسك" وتصوير الكائنات الحية، ويتم أيضا تناول جماليات المساجد...وغيرها من أشكال العمارة الدينية، كما تحتوي القاعة على العديد من الموضوعات المهمة الأخرى؛ من بينها: التفاهم الديني ومكانة المرأة في الاسلام والحج والعمرة والأعياد الدينية والتقويم الهجري وتكريم الموتى. ونشاهد في قاعة "عظمة الإسلام" محراب مسجد العوينة الأثري، وهو مسجد مندثر بوادي بني خالد يعود إلى بداية القرن السادس عشر الميلادي من عهد دولة النباهنة. وفي "قاعة عمان والعالم" نجد تنسيق عناصرها إلى أقسام متناسبة وفق التسلسل الزمني والموضوعي؛ حيث تتناول مجمل العلاقات التاريخية بين عمان والدول الأخرى منذ نشأتها وحتى أواخر القرن العشرين؛ فمن بينها معروضات تبين الحقب الزمنية المتعاقبة ومعروضات للعديد من الوثائق والمحفوظات ذات العلاقة وكذلك معروضات للعديد من اللقى التي تقف شاهدة على الأحداث الرئيسية وما يتصل بها من شخصيات بارزة.

وتعرض القاعة اللقى المهمة التي تعود إلى قصر العلم القديم، إضافة إلى اللقى التي تجسد مقتنيات البيت العماني التقليدي والتي تعود إلى القرنين التاسع عشر والعشرين، وتبين أهمية المبادلات التجارية وتظهر مدى انفتاح الإنسان العماني والذي تحقق من خلال تواصله المستمر مع مختلف ثقافات العالم. أما الخرائط المعروضة وكتب أدب الرحلات والوثائق والمحفوظات القديمة فتتبع المسارات الثقافية والعلمية والتجارية والعلاقات الدبلوماسية بين عمان والدول المجاورة لها، وكذلك علاقاتها مع الدول الأخرى خاصة بريطانيا وأمريكا والصين والهند وايران.

وفي "قاعة عصر النهضة" تتجلى أهم المراحل التاريخية التي عاشتها عمان في عصرها الحديث؛ وهو العصر الذي انتقلت فيه البلاد من حقبتها الماضية إلى عصر دولة المؤسسات الحديثة، والذي شهد العديد من التغيرات في مختلف مجريات الحياة وفقا لما رسمه لها باني نهضة عمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أعزَّه الله- كما تركز مقتنيات القاعة على أسرة البوسعيد الحاكمة.

وتقدِّم القاعة -عبر منظومة رقمية تفاعلية افتراضية- باللغتين العربية والإنجليزية، معلومات حول حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- وعلم الدولة والراية السلطانية والشعار الوطني والنظام الأساسي للدولة، ويعرض هذا الركن أول كرسي جلوس لجلالة السلطان المعظم عند توليه مقاليد الحكم عام 1970، إضافة إلى معلومات أخرى متعلقة بعصر النهضة المباركة بالصوت والصورة. ومن ذلك التاريخ الموغل في القدم يتجول الزائر في "قاعة التراث غير المادي" التي تضم مفردات الموسيقى التقليدية العمانية وثلاث شاشات تبحر الزائر في فضاءات الموسيقى التقليدية العمانية وأنواعها صوتا وصورة، كما تأخذه إلى أشهر الأكلات العمانية التقليدية، كما تأخذه الشاشة الثالثة إلى الاستمتاع بفن البرعة الذي أدرجته منظمة "اليونسكو" ضمن لائحة التراث الإنساني غير المادي، وتضم القاعة أيضا معلومات عن الخيل والهجن العمانية الأصيلة ومفرداتها.

قاعة المقتنيات

ويحتضن المتحف "قاعة المقتنيات" التي تتيح للزائر التعامل مع القطع المتحفية بشكل مباشر، بإشراف خبير متخصص وبقية القاعات التي سيشاهدها الزائر تمكنه من التفاعل مع مقتنيات تم ترميمها وتأهيلها وعرضها وإبرازها بشكل متكامل. ويحتوي المتحف على مركز تعليمي، وقاعة محاضرات مجهزة تجهيزا متكاملا، وشاملة لمنظومات لذوي الاحتياجات الخاصة، وللطلبة من مختلف الفئات العمرية، كما يضم المتحف مركزا للحفظ والصون، وهو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، ومرافق تخصصية لدعم برنامج إدارة المقتنيات، من مخازن وورش عمل ومعامل، علاوة على الجانب الخدمي المتمثل في إنشاء مطعم ومقهى ومحل هدايا تذكارية.

وحتى تتفاعل الأسر والأطفال مع مرافق المتحف، تم تخصيص مجموعة من القاعات تتيح لهم ممارسة عدد من التمارين والألعاب التثقيفية، إضافة إلى قاعة سينمائية توظف تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لعرض الأفلام الوثائقية ذات المدلول الثقافي الغزير الذي يتناول مجمل التاريخ العماني، وسيكون للمتحف لاحقاً موقع على الشبكة العالمية للمعلومات "الإنترنت"؛ حيث سيُتاح المجال للباحثين والدارسين الاطلاع على الابحاث والدراسات المتاحة في هذا الجانب والتعرف عن كثب على هذه المفردات، وجار التنسيق مع عدد من المؤسسات العالمية المتحفية في بريطانيا والبرتغال وفرنسا وروسيا الاتحادية بخصوص تبادل المعارض المؤقتة وما ستكون عليه في إطار اتفاقيات التفاهم مع المؤسسات المتحفية العالمية. وستكون قيمة تذاكر دخول المتحف عند تدشينه للزوار "ريال عماني واحد" للعمانيين والمقيمين، وخمسة ريالات لغير المقيمين، ومجانا للأطفال والطلاب حتى سن 25 عاما، ولكبار السن فوق 60 عاما وللفئات الخاصة وللرحلات المدرسية والجامعية ولأصدقاء المتحف.

تعليق عبر الفيس بوك