مستشفى صحار بسريرين فقط

خالد الخوالدي

"بنك الدم بمستشفى صحار يُعاني من نقص شديد في جميع فصائل الدم، يرجى النشر أو المساهمة في التبرع".. عبارة دائما ما تصلني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في الواتساب، وبطبيعة الحال لا يُمكن الاستجابة لهذا المطلب في جزيئة التبرع كل مرة؛ حيث الشروط تستوجب أن يكون آخر تبرع قبل ثلاثة أشهر، ولكن النشر سهل وبسيط، فلا يحتاج إلا لقص ولصق.

والتبرُّع بالدم بطبيعة الحال صدقة وفضل كبير مثله مثل الكثير من الطاعات؛ فالله سبحانه وتعالى يقول "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، وهنا يقصد المولى -جل في علاه- الروح الإنسانية، ومن هنا فإنَّ التبرع بالدم يعتبر إحياء لروح إنسانية ربما تُزهق لو لم يكن هناك متبرعين، والتبرع في عمل الخير تحت أي توجه وبأي شكل من الأشكال عمل إنساني نبيل يحمل في طياته الكثير من السمات الإنسانية الرائعة، وحب الخير للبشرية، فإذا كان الله سبحانه وتعالى أدخل مَنْ سقى كلب عطشان الجنة، فما بالك بمن يُساهم في إنقاذ روح بشرية؟!!

ونجد في واقع الحال استجابة واسعة من قبل المواطنين والمقيمين لبنوك الدم في مختلف أنحاء السلطنة، خاصة في الحالات الحرجة، وتتنامى روح المشاركة بالتبرع يوما بعد يوم، ويتكون لدى المجتمع وعي بأهمية التبرع، وساعدت عملية التوعية في زيادة إيمان المواطن بأنَّ قطرة من دمه قد تنقذ أرواحا كثيرة، كما أنَّ المجتمع أدرك الفوائد الصحية التي يجنيها المتبرع؛ فحسب كلام الأطباء أنَّها تنشط خلايا نخاع العظام للمتبرع (مكان تصنيع الدم)؛ مما يُزيد من فاعليتها ويجدد نشاطها فتنتج مزيدًا من خلايا الدم الجديدة، كما يتخلص المتبرع من بعض الحديد الذى يحتويه والذى إذا ما ارتفع مستواه بالدم يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، كما أنَّ الحديد يعجل بأكسدة الكوليسترول ويزيد من تلف الشرايين الصغيرة حسبما ذكر الدكتور جيروم سوليفان الأستاذ بجامعة فلوريدا الأمريكي، وذكرت مجلة القلب في عددها بشهر أغسطس 1997 أنَّ الذين يتبرعون بدمهم مرة واحدة على الأقل كل سنة هم أقل عُرضة للإصابة بأمراض الدورة الدموية وسرطان الدم. ومن فوائد التبرع بالدم أنه ينشِّط النخاع العظمي (وهو المسؤول الوحيد في الجسم عن تكوين خلايا الدم)، فبينما يتجدد دم الإنسان طبيعيا كل 120 يوما، يتجدد دم المتبرع المنتظم كل 20 يوما فقط، أي أسرع بستة أضعاف، كما أنَّ خلايا الدم الجديدة أنشط في نقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم؛ مما يؤدى إلى زيادة النشاط والحيوية؛ فكأن الله يبدل المتبرع بكيس دم أفضل مما تبرع به.

ومع هذه الفوائد في الدنيا والآخرة للمتبرع، والحث المستمر على التبرع، إلا أنَّنا نجد أنَّ مستشفى كمستشفى صحار المرجعي، والذي يستقبل أكبر كثافة سكانية في السلطنة، وتمتد خدماته من خطمة ملاحة بولاية شناص إلى آخر ولاية السويق، أي أنه يستقبل ست ولايات (شناص-لوى-صحار-صحم-الخابورة-السويق) بنك الدم فيه مزود سريرين فقط، وقدِّر لي خلال الأسبوع الماضي أن أزور البنك، فوجدت الزحمة الشديدة والطوابير الطويلة للراغبين في التبرع، وقد يقول قائل من إدارة المستشفى إنَّ هذه الأعداد هي نتيجة وجود حوادث مرورية والحاجة الماسة للتبرع، وفي الأوقات الأخرى ليس هناك زحمة، وربما تغفل إدارة المستشفى أن الحوادث المرورية لا تنقطع، وأن الحاجة للتبرع بالدم مستمرة، والمطالبات متنوعة وبكثرة، وأنه رغم أنَّ هناك محطات للتبرع خارج إطار المستشفى تقام في الأماكن العامة والمؤسسات، إلا أنَّ هذا لا يغني عن زيادة عدد الاسرة في المستشفى الذي للأسف الشديد ظل محلك سر من 1997 رغم تزايد عدد المستفيدين.

... إنَّ الواجب على إدارة مستشفى صحار التعجيل في زيادة عدد الأسرَّة على أن تكون أربعة أو أكثر؛ لأن عملية التبرع تستغرق ربع ساعة للشخص الواحد في أغلب الحالات؛ مما يضيِّع أوقات المتبرعين، ويجعلهم يشعرون بالضيق والملل من الطابور الطويل، وتجعل هذه الزحمة البعض منهم ينسحبون ويلغون فكرة التبرع؛ وذلك لأن العملية تطوعية في الأصل، وطالما هي كذلك فعلى المعنيين في إدارة المستشفى إدراك ذلك، وتسهيل وتبسيط عملية التبرع بالدم، وزيادة عدد الأسرَّة والطاقم الموجود ببنك الدم لاستقبال المتبرعين؛ فهم بحق شموع مضيئة تستحق اهتمامًا أكبر وعناية فائقة؛ لأنهم يُساعدون في إنقاذ أرواح بشرية ربما يكون لها يد في بناء عمان وتطويرها والرقي بها... ودمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك