التأخر اللغوي عند الأطفال.. الأسباب والتشخيص والعلاج

حمادة حسان

التأخر اللغوي؛ هو أكثر أمراض اللغة انتشارًا خاصة عند الأطفال في سن ما قبل المدرسة، والاضطراب اللغوي قد يكون في جانب فهم اللغة والتعليمات الشفهية أي في الجانب الاستقبالي من اللغة، وقد يكون في جانب إنتاج اللغة والقدرة على التعبير اللغوي أي في جانب اللغة التعبيرية وقد يشمل كلا الجانبين معا.

وعند الحديث عن اضطراب اللغة التعبيرية فقد يكون شاملا لجميع مظاهر اللغة والقدرة على تكوين الكلمات واستخدام القواعد الصوتية phonology

أما الأسباب التي تؤدي إلى مشكلات النطق والكلامفتتلخص في: الحرمان من الأم وترك الطفل لمربيات أجنبيات لا يتحدثن اللغة العربية، اضطراب العلاقات الزوجية بين الأب والأم، تعرض الطفل للضغوط في المدرسة سواء من المعلم أو من زملائه في الفصل، العيوب الخلقيّة مثل طول اللسان أو قصره، وهناك أيضاتشوهات الأسنان أو الشفة الأرنبية أو شق في سقف الحلق،وإصابة الجهاز الصوتي بالعيوب أو التهابات الحنجرة بجانبالتقليد والمحاكاة الخطأ لكلام الآخرين،والتدليل والدلع الزائد بالإضافة إلى القسوة الزائدة.

وليس من السهل دائما تحديد سبب معاناة الطفل من اضطراب في اللغة أو الإخفاق في تعلم واكتساب اللغة فهناك عدد من الحالات يبقى السبب غير معروف فيها حتى مع إتباع أدق الوسائل في التشخيص والتقييم.

وتتمحور خصائص الأطفال المتأخرين لغوياً أو (التشخيص الأولى) حول وجــود أخطاء فـي معاني المفردات، وعدم القدرة على تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية، ووجود صعـوبة في استرجـاع معانـي الكلمات التي سبـق أن تعلموهـا، فضلا عن وجود أخطاء في استخدام الضمائر وفي استخدام أسماء الإشارة ووجود بطء لديهم في تطور المفردات، ويكون مُعـَّل طول الجُمل لديهم أقل مـن أقرانهـم العاديين، كما أنهم لا يستطيعون استخدام الأزمنة بشكل صحيح في تلك الجُمل بجانب عدم القدرة على استكمال حوار لغـوي حتى وإن كـان بسيطا.

ويتضمن البرنامج العلاجي لتأخر نمو اللغة عددا من الاشادات مثل التحدث عن كل ما يلفت نظر الطفل مما يدور حوله في البيئة المحيطة مع بدء التنبيه لأي محاولة من جانب الطفل للتعبير عن نفسه، والتحدث عن الأحداث اليومية مثل تغير الملابس الاستحمام وهكذا بحيث تكون الجمل بسيطة وواضحة، كذلك استخدام بعض الأصوات لربط الصوت بمصدره والتعرّف على اسم المصدر مثل صوت الحيوانات، واستخدام بعض الإشارات المصاحبة للحدث وذلك لتسهيل نقل المعني المطلوب مثل إشارة باي عند الخروج، بالإضافة إلى تعريف الطفل بالأشكال والألوان التي يستعملها في حياته اليومية، وإعطاء الطفل التعزيز المناسب عند إبداء أية استجابة، كما يمكن استخدام جمل واضحة وسهلة عند التحدث مع الطفل وتكرار ما يقوله الطفل مع تصحيحه إذا كانت هناك بعض الأخطاء النحوية أو الأخطاء في النطق، ومنح الطفل إحساسًا بأن كلامه مسموع ومفهوم حتى لو كان غير ذلك، ويجب أيضا التوقف لمدة بسيطة بعد الكلام مع الطفل وذلك لإعطاء الفرصة له للمشاركة في الحوار، بجانب استخدام اللغة الأم (اللغة التي يتفاعل بها جميع أعضاء الأسرة داخل المنزل) أثناء التحدث مع الطفل وتعليمه وتجنب استخدام اللغة الإنجليزية أو اللغة العربية الفصحى حتى لا يتشتت الطفل ويمتنع عن الكلام نهائياً.

وهناك أبضا إرشادات وتوصيات تساعد في دعم التطور اللغوي للطفل من بينها؛ التأكد من تجاوب الطفل مع الأصوات العالية في شهره الأول،التحدث عن الأشياء الظاهرة أمام الطفل، ليربط بين ما يراه ويسمعه، فالطفل يكتسب الأسماء قبل أي مفردات أخرى، كما يجب إيلاء فضيلة الاستماع أهمية كبرى فلكي تجعل محادثة الطفل متعة لك وله فاستمع له ليستمع لك، أيضا هناك النظر في العين إذا لابد أن تكون دائما في مستوى نظر طفلك عند محادثته ليشعر بالاتصال المباشر. بجانب التحدث مع الطفل منذ لحظة الولادة أثناء تلبية احتياجاته وبلغة الكبار ليس بلغة الأطفال، والاستجابة لمناغاة الطفل بترديدها، وتقديم الألعاب والكتب والقصص ذات الصور الملونة المتوافقة مع مستوى أداء الطفل.
ولابد أيضا منالتحدث مع الطفل وترديد الكلمات بوضوح وهدوء، مع التأكيد على مخارج الأحرف، واستعمال جمل قصيرة، وتعريف الطفل بموجودات البيت، وأعضاء جسمه، وعدم الاعتماد على الأسئلة بشكل أساسي كوسيلة وحيدة لتنمية مهارات الطفل اللغوية فالأسئلة المتكررة لا تعلم الطفل شيئا بل قد تسبب ضجرا للطفل وتجعله يبتعد عنك، كما يجب أيضا مراعاة التنويع بين الأسئلة والتعليقات، والمحاولة المستمرة لفهم كلمات الطفل، فهذا يشجعه ويعزز محاولاته للتكلم، وأن نجعل القراءة عادة يومية للطفل، لأنّ تطوره اللغوي أساس تطوره العقلي والانفعالي والاجتماعي. ففي القصص قيم وعادات ومفاهيم وأفكار يكتسبها الطفل منذ الصغر ولكن مع الانتباه لعدم تصحيح أخطاء الطفل اللغوية، حتى لا يطور سلوكا انسحابيا أو تلعثما فهو يصحح نفسه بنفسه إذا سمع ترديدنا لكلامه بشكل صحيح. كما يجب أن نجيب عن أسئلة الطفل باستمرار بإجابات واضحة وصادقة لتوسيع مداركه وإشعاره بأهميته، فضلا عن إشراك الطفل في ألعاب لغوية تزيد من محصوله اللغوي (تسمية أشياء حمراء، تسمية الألعاب) وعدم استعمال مترادفات للتعبير عن شيء ما، مثلا المائدة، فلا نقول مرة مائدة ومرة طاولة.

* اخصائي تخاطب

تعليق عبر الفيس بوك